رغم خضوع والي إيليزي لعملية جراحية دقيقة على مستوى الكتف ودخوله في فترة نقاهة للتعافي التام من الإصابة التي تعرّض لها خلال محاولته الهروب من الخاطفين، بالمستشفى العسكري في عين النعجة، إلا أنه قبل إجراء حوار يروي فيه قصته الكاملة مع الخاطفين وبين تفاصيل الكابوس الذي تعرّض له وذلك بعد زيارة مجاملة قامت بها ''النهار'' للوالي دقائق قبل خضوعه للعملية، وعدنا الوالي بالاتصال بنا مباشرة بعد استعادته لقواه من مفعول التخدير والتعب وهو ما كان فعلا، حيث اتصلنا به مساء الجمعة عبر الهاتف وكان لنا حوار قصّ فيه تفاصيل عملية الاختطاف والتحرير. ''النهار'': مساء الخير سيدي الوالي، والحمد لله على سلامتكم الوالي: مساء النور وشكرا على اهتمامكم بصحتي وها أنا عند وعدي فتفضّل بالأسئلة. سمعنا العديد من الروايات حول قصة الاختطاف؛ فهل لنا أن نعرف الرواية الحقيقية من الوالي شخصيا؟ يضحك... كل ما كتب في القضية لم يكف.. ثم يقول.. عملية الاختطاف تمت ونحن بطريق عودتنا من الدبداب إلى مقر الولاية، ونحن خارجين من الدبداب تبعتنا سيارة بها ثلاثة أشخاص يحملون أسلحة رشاشة، طالبونا بالتوقف والنزول من السيارة ورمي هواتفنا النقالة وكل أغراضنا، وهم يقولون لنا أنهم تعرّضوا للحڤرة في قضية إدانة مجموعة من شباب المنطقة في قضية متعلقة بالإرهاب. حاولنا توعية الشباب لخطورة ما يقومون به غير أنهم أرغمونا على الصعود معهم وهم يهددوننا برشاشاتهم، فما كان أمامنا إلا الركوب معهم. وفي الطريق حاولنا إقناع الشباب بتسوية القضية ودعوناهم للعدول عما هم عازمون عليه، غير أنهم رفضوا الامتعاض. هل خفتم من تصفيتكم سيدي الوالي؟ لا أخفي عنك أنني لم أخف من الموت وقد حافظت على هدوئي التام خلال إقامتي مع الخاطفين، ولم أتوقف عن نصحهم بالعدول عن عملهم الإجرامي، وأكّدت لهم أن الجزائر دولة قانون ولا يزال يمكنهم الطعن في حكم القضاء وفق القانون وأنه يمكن تبرئة الشباب إذا ثبت للعدالة عدم تورطهم، وقلت للشباب أنهم يزيدون بفعلتهم هذه من تعقيد الوضع، وأن ما يقومون به هو جريمة يعاقب عليها القانون، غير أنهم أصرّوا على فعلتهم ورفضوا السماع لكلامي. تعرّضتم إلى إصابة على مستوى الكتف؛ كيف حدث هذا؟ هل تمّ تعذيبكم؟ لا، لم يقم الخاطفون بتعذيبي أو الإساءة إليّ، بل كانوا في غاية الاحترام معي، والإصابة تعرضت لها عندما قررت أنا ومن معي الهروب، حيث خططت رفقتهم بالاستيلاء على سلاح أحدهم والهروب من الخاطفين، غير أننا فشلنا في الاستيلاء عن الكلاش، فقمنا بالقفز من السيارة للهروب، غير أنني سقطت واقعا على الأرض وتعرّضت للإصابة، في حين نجح رفاقي في الهروب، حيث لم يكترث الخاطفون الثلاثة لأمر هروبهما وسارعوا إلي حتى لا أهرب لأنني الأكثر أهمية في نظرهم وأنا المقصود من عملية الاختطاف. ثم قام الخاطفون بمواصلة طريقهم ما وراء الحدود الجزائرية متوغلين في عمق التراب الليبي، ومضينا في السير لمدة طويلة إلى أن اعترضت طريقنا قافلة من الثوار الليبيين. أقاطعه.. كيف كانت ردة فعلهم؟ يواصل... بمجرد معرفة الثوار لقصتي، حتى راحوا يوبّخون الخاطفين، قائلين لهم ''إن ما فعلتموه جريمة ولا يحق لكم ذلك'' وراحوا يسحبون منهم السلاح وطلبوا مني مغادرة سيارة الخاطفين والصعود في سيارة تابعة لهم، وأكدوا لي أنهم سيقومون بحمايتي وأنهم سيبلّغون قصة اختطافي للسلطات الليبية العليا للسعيي إلى تسليمي في أقرب وقت. ماذا عن الخاطفين؟ للأسف فإن الخاطفين فرّوا أثناء انشغال الثوار بتعبئة الوقود لإحدى سياراتهم، غير أن الثوار أكدوا لي أنهم سيلقون القبض عليهم ما داموا على التراب الليبي كونهم لا يعرفون المسالك، إلى جانب تبليغ كل قوات الثوار بهروبهم.. هل تعرّفت على خاطفيك؟ أجل لقد تعرّفت عليهم رغم أنني لا أعرفهم معرفة شخصية، إلا أنني أعرف ملامحهم وهم ليس بالغريبين علي خاصة وأنه سبق لي زيارة المنطقة وتحدثت مع الكثير من الشباب. لنعد إلى الإقامة لدى ثوار ليبيا؛ كيف كانت ظروف إقامتك هناك؟ نعم، الإقامة كانت جيدة جدا وقد سهروا على توفير كل ظروف الراحة، حيث كنت في إقامة تتوفر على جميع المرافق الضرورية، كما أنهم اجتهدوا في إكرامي كما هي عادات سكان ليبيا الشقيقة وقبائل الجنوب العريقة، والعديد من كبار المسؤولين الليبيين قدموا للترحيب بي على تراب ليبيا وأكدوا لي أنهم سيسهرون على سلامتي إلى غاية عودتي إلى بلدي معززا مكرما. كيف كان شعوركم وأنتم تدخلون التراب الوطني من جديد؟ هي لحظات ستبقى راسخة في ذاكرتي لأنها ولادة جديدة بالنسبة لي وقد حمدت الله على نهاية الكابوس وكنت قلقا لعودتي إلى أرض الوطن. وفرحت كثيرا للاستقبال الشعبي الذي حظيت به من طرف سكان الدبداب. على ذكركم سكان الدبداب ماهي رسالتكم لهم بعد عودتكم سالما؟ أنا أقول أن سكان الدبداب هم أناس طيّبون وعلى قدر كبير من الاحترام وأخلاقهم رفيعة وعلاقتي بهم جيدة جدا تميزها الاحترام المتبادل، وأنا أؤكد أن الخاطفين لا يمثلون أخلاق السكان، وأنا متأكد أنهم ضد العنف وسنعمل معا على حل المشاكل بطريقة سلمية وبالاحتكام للقانون وبالتعاون وتظافر الجهود في الصالح العام. ماذا عن العملية التي خضعتم لها؟ العملية تمت بنجاح والحمد لله وأنا سأتماثل للشفاء بإذن الله في فترة قصيرة وسأعود لممارسة مهامي بشكل عادي رغم أنني لم أتوقف عن العمل في صالح البلاد والولاية رغم غيابي عن مكتبي. وحتى أثناء اختطافي كنت أسعى إلى حل القضية بطريقة بعيدة عن العنف. ؟ سؤال أخير... هل سترافقكم فرق أمنية خلال تنقلاتكم القادمة أم... يضحك... إن البلاد والحمد لله آمنة لكن توخي الحذر يبقى مطلوبا. شكرا جزيلا سيدي الوالي ونتمنى لكم الشفاء العاجل إن شاء الله. شكرا. الوالي قبل خضوعه للعملية قامت النهار بزيارة مجاملة لوالي ولاية إيليزي محمد العيد خلفي ظهر يوم الخميس للاطمئنان على وضعه الصحّي، بعد نقله إلى المستشفى العسكري للخضوع لعملية جراحية على مستوى عظام الكتف، وكان الوصول إلى الغرفة التي يرقد فيها الوالي في جناح الشخصيات المهمة بالمستشفى شبه مستحيل، بسبب الإجراءات الأمنية التي وضعت لمنع الغرباء من الوصول للوالي، غير أننا تمكنا بطلب مسبق من الوالي الدخول لغرفته رغم معارضة رئيس المصلحة التي كان يقيم بها، ووجدنا الوالي رفقة العائلة وفريقه الطبي الذي يستعدّ لنقله إلى قاعة العمليات ليخضع لعملية تدوم أزيد من ساعتين، وقد كان لصحفي النهار دردشة قصيرة مع الوالي حول وضعه الصحي حيث فرح بالزيارة واهتمام الجريدة لصحته، وتتبّع أخباره أثناء اختطافه بصفته ممثلا للدولة. وقد كان الوالي ممدّدا على سريره ويده اليمنى مضمّدة، فيما راح يصافحنا معتذرا عن عدم تخصيصه وقتا كبيرا للدردشة، وإجراء حوار مطوّل، وطلب منا معاودة زيارته بعد خروجه من قاعة العمليات، بدورنا لم نرد التطفل أكثر على الوالي وتركناه متمنين له الشفاء والسلامة. خاطفو الوالي هواة وليسوا إرهابيين محترفين تشير المعلومات المتوفّرة لدى النهار أن الخاطفين الذين كانوا وراء خطف و تحويل والي إليزي محمد العيد خلفي إلى التراب اللّيبي، هم شباب هوّاة أرادوا صناعة الحدث من خلال اختطاف الوالي ،وليسوا إرهابيين متمرّسين، حيث كانوا يحملون السلاح وتبيّن أنهم غير متعودين على استعماله ،إلى جانب عدم اتخاذهم الاحتياطات اللازمة، مما يبيّن أن العملية لم تتم عن تدبير محكم، وإنما تمت بصورة ارتجالية للتقرب من أمير منطقة الصحراء أبو زيد.