تحاول فرنسا هذه الأيام من خلال "الخرجة" الجديدة للرئيس نيكولا ساركوزي، إدراج مادة تدريس تاريخ العبودية في موضوع التاريخ والمستعمرات والمتعلقة ببرامج التعليم التربوي، لتبييض ماء وجهها، خاصة بعد اعتمادها لقانون تمجيد الاستعمار في 23 فيفري 2005، ناهيك عن الممارسات القمعية وشتى ظواهر العبودية التي استخدمتها ضد الشعوب المستعمرة. وأمام الموجة الجديدة التي يقودها بعض الكتّاب والأدباء الفرنسيين ومعارضتهم لتاريخ فرنسا الاستعمارية في القرن الماضي، خاصة ما تعلق بسلوكها ضد شعوب مستعمراتها والعبودية التي مارستها في حقهم، قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تلطيف الأجواء لدى الأدباء المناهضين له بتسليمهم مشعل الدفاع عن تاريخ فرنسا من خلال دراسة الأعمال الأدبية لبعض الكتّاب والأدباء المعروفين أمثال إيمي سيزار وغيرهم. وأعلن الرئيس الفرنسي بداية الأسبوع الجاري، بحديقة لوكسوبمورغ بباريس خلال إحياء ذكرى إلغاء العبودية في 1848، أنه سيتم إدراج تدريس تاريخ العبودية، وإلغائها في برامج التعليم الابتدائي الجديدة ابتداء من الدخول المدرسي المقبل، انطلاقا من دراسة الأعمال الأدبية لإيمي سيزار على سبيل المثال. واعتبر نيكولا ساركوزي أنه ينبغي إدراج هذه الظاهرة في الكتب المدرسية بغية تمكين الأطفال من فهم ما كانت عليه العبودية وإدراك المعاناة التي انجرت عنها والآثار التي تركتها في نفوس الأشخاص الذين تعرضوا لهذه المأساة، في إشارة منه إلى الاعتراف النسبي بما قامت به فرنسا في حق شعوبها المستعمرة، وعلى رأسها الجزائر، إضافة إلى أنها ورقة أخرى تساهم في تضييق الهوة بين الشعب الفرنسي والمواطنين المحتكين به ومنهم الجزائريين والمغاربة وغيرهم. وأشار رئيس الدولة الفرنسية في ذات السياق أن بلده سيستلم في المستقبل القريب "مركزا خاصا لموارد تاريخ العبودية بطلب من المؤرخين والكتّاب وكافة المجتمع العلمي". ومن جهة أخرى، ترصد بعض الكتابات الأدبية في فرنسا، ومنها "الكتاب الأسود" الذي ترجمته دار قدمس بفرنسا مؤخرا، تاريخ الاستعمار، استنادا إلى شهادات كتّاب بارزين يعارضون فيه فكرة احتلال شعب لبلاد شعب آخر، كما قامت به فرنسا بالنسبة للجزائر وما تقوم به إسرائيل وغيرها من الدول الاستعمارية الأخرى. ويقدم 21 كاتبا وكاتبة نحو 400 سنة من الاستعمار في مجلّد ضخم حرّره المؤرخ الفرنسي مارك فيرو بعنوان "الاستعمار: الكتاب الأسود: 1600 2000". وقد صدرت طبعته العربية مؤخرا عن ذات الدار المذكورة آنفا. والكتاب خريطة عالمية لتاريخ الخزي في العالم ومحاولة لاستكشاف مظاهر الندم والصدمة الارتدادية للحقب الاستعمارية في ما يسمى بالكولونيالية.