عبادو: المبادرة محاولة لتبييض وجه فرنسا الاستعماري وتمجيده تحضر فرنسا حاليا لمناورة جديدة باتجاه مستعمراتها الإفريقية ال,14 تسعى من خلالها لاستعادة مكانتها والاستحواذ على موقع الأفضلية أمام الدول الأجنبية الأخرى المتنافسة على ثروات القارة السمراء، والظهور كقوة إقليمية مهيمنة، وهي مناورة تحاول إسقاط نموذج منظمة الكومنولث في تعاملاتها وأفضلياته• تناست باريس في مقاربتاها الفارق الفادح بين حكمة إمبراطورية بريطانيا العظمى في إدارة مستعمراتها والإبقاء معها على حبل التواصل وتبادل المنافع، والاستعمار الفرنسي البشع الذي غادر مستعمراته مدحورا، مخلفا وراءه بحارا من الدماء وجبالا من الأجساد المعذبة والمشوهة، كما تناست فشل منظمة الفرانكوفونية في الوصول إلى ذات الهدف، خاصة مع الجزائر التي ستبقى غصة في حلق باريس إلى الأبد• المبادرة، ومن وجهة نظر فرنسية محضة، تهدف إلى ''تجديد العلاقة بينها و بين البلدان الأربعة عشر، وإعادة تأسيسها من أجل التطلع نحو المستقبل''، وليس ''النظر إلى الماضي'' لأنه لا يروق كثيرا لفرنسا والدول الإفريقية كل من منطلقاته وقناعاته المتعارضة، والدليل ما حدث في علاقتها مع الجزائر في السنوات الأخيرة• وتتمثل المبادرة المسماة ب''تخليد الذكرى الخمسين لاستقلال إفريقيا'' التي ستنظم في 14 جويلية المقبل، المتزامنة مع عيد استقلال فرنسا، في إقامة باريس لقمة إفريقية تجمع زعماء المستعمرات ال,14 وتنظيم استعراض عسكري يشارك فيه عدد من الأفواج العسكرية الإفريقية• الدبلوماسية الفرنسية تقول إن مبادرة تخليد الذكرى الخمسين لاستقلال البلدان الإفريقية هي إعادة تعريف للعلاقة الجديدة التي تريدها فرنسا مع إفريقيا، حيث صرح الوزير السابق، جاك توبون، الأمين العام للمبادرة، أن هذا التخليد ''من شأنه أن يمثل فرصة لإطلاع الأجيال الشابة على التاريخ'' و''تجديد العلاقة بين فرنسا والدول الإفريقية ال,''14 وأضاف المتحدث للصحافة الموريتانية أمس أن الرئيس، نيكولا ساركوزي، يرغب في القيام باستعراض عسكري تشارك فيه وحدات من مختلف البلدان، ودعوة قمة إفريقية لزعماء الدول المعنية بالمبادرة• هذا إذا نجحت فرنسا في جمع كل القادة، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وتذويب الجليد الذي كلفها تأجيلا متتاليا لزيارته إلى باريس، جراء استمرار نفس الممارسات الاستعمارية والسعي إلى تبييضها، وإعادة فتح ملف رهبان تيبحرين إلى الواجهة السياسية والإعلامية، وبناء نصب يخلد دور الحركى• كما تعتزم فرنسا جعل السنة المقبلة سنة إفريقيا في فرنسا، حسبما أعلن عنه وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون، ألان جوانديه، لوكالة الأنباء الفرنسية، والذي قال إن مبادرة تخليد الذكرى الخمسين لاستقلال الدول الإفريقية ''ستكون طريقة ننظر بها إلى علاقتنا مع إفريقيا ليس إلى الماضي وإنما عبر التطلع إلى المستقبل''• وقد اعتبر المؤرخ، والرئيس السابق لجمعية 8 ماي ,45 محمد القورصو، أن فرنسا تحاول من خلال هذه الخطوة التموقع مجددا على الساحة الدولية عبر مستعمراتها القديمة• وأشار، في اتصال مع ''الفجر'' أمس، إلى أن المبادرة النابعة من سياسة نيكولا ساركوزي، المرتكزة على الاستعمار الجديد، جاءت كرد فعل على الإقصاء الذي تعانيه فرنسا اليوم بعد أن استحوذت الولاياتالمتحدةالأمريكية على مكانة هامة في إفريقيا عبر بوابة ''التعاون الأمني'' مع الدول الإفريقية، مقابل هيمنة الصين الشعبية اقتصاديا على القارة، في وقت تمر فرنسا بمرحلة عصيبة سياسيا واقتصاديا، ولم تجد أمامها كحل أفضل من استغلال حنينها إلى المستعمرات الإفريقية بطرق مختلفة• واعتبر محمد قورصو أن فرنسا ستجد من يساعدها في إفريقيا لتحقيق هدفها في إعادة التموقع لعوامل عدة• من جهته، صنف الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، تخليد فرنسا للذكرى الخمسين لاستقلال إفريقيا، في خانة تجسيد سياسة تمجيد الاستعمار التي اعتمدت في قانون 23 فيفري ,2005 وقال المتحدث أمس في اتصال هاتفي مع ''الفجر''، إن فرنسا تسعى من خلال مبادرة ''تخليد الذكرى الخمسين لاستقلال البلدان الإفريقية'' إلى تبييض وجهها ''الاستعماري''، مؤكدا أنها رغم مساعيها لن تنجح في محو جرائمها الاستعمارية، ولا في تنسية الشعب ما اقترفته في حق الآلاف منه•