تم منذ بضعة أشهر إطلاق “إصلاح شامل” لقطاع الاتصال بإشراك مختلف الأطراف الفاعلة في المجال من خلال إطلاق عدة ورشات لتوفير ظروف ممارسة مهنة الصحافة تقوم على عنصرين اثنين مترابطان: الحرية و المسؤولية،و يتضمن هذا الإصلاح, الذي يقوم على حوار “شامل و تشاركي”, لاسيما إصدار النصوص التشريعية والتنظيمية الضرورية لتأطير الصحافة المكتوبة و الرقمية ووسائل الإعلام السمعية البصرية و الإشهار ووكالات الاتصال و التوزيع ومؤسسات سبر الآراء و غيرها،كما تضم الصحافة الالكترونية زهاء 150 موقع الكتروني من بينها 84 مصرح بهم لدى وزارة الاتصال. و خلال هذه الورشة, أكد وزير الاتصال, الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر على ضرورة العمل على ملئ هذا الفراغ وتقديم الخصائص التنظيمية للصحافة الالكترونية التي أصبحت “أكثر الوسائل المرغوبة من قبل محترفي الصحافة المكتوبة في الجزائر، بالنظر إلى مزاياها الاقتصادية و المعلومات الفورية التي تضمنها”. و يرى مختصون في الإعلام بأن هذا التأطير يعد ضروريا لأنه إذا كانت الصحافة الالكترونية لا تعمل بشكل غير قانوني – بحيث يشار إليها في القانون العضوي المتعلق بالإعلام لسنة 2012، فإن نشاطها محاط ب”اللبس” و “الغموض القانوني”. القنوات التلفزيونية ستخضع للقانون الجزائري هذا و يعد السمعي البصري هو الآخر ورشة هامة إذ أن تأطيره يعد محورا “رئيسيا” في مخطط عمل القطاع،و يتعلق الأمر، في هذا الإطار، بجعل القنوات التلفزيونية التابعة للقطاع الخاص خاضعة للقانون الجزائري. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القنوات التلفزيونية الخاصة الموجهة للجمهور الجزائري –زهاء خمسين استفادت سوى 6 منها من اعتماد مؤقت لفتح مكاتب بالجزائر ينظمها حاليا القانون الأجنبي. وهو وضع أقل ما يقال عنه أنه غير عادي. و يتطلب هذا التأطير مراجعة القانون المتعلق بالسمعي البصري، لاسيما فيما يتعلق بتوسيع المجال السمعي البصري للقطاع الخاص ليشمل القنوات ذات الطابع العام و ليس الموضوعية كما توصف به حاليا خطأ،و تتعلق الورشة الأخرى ذات الأهمية نظرا لأثرها الاقتصادي بمراجعة الإطار القانوني المؤطر للإشهار. و سيتم التركيز على أهمية استحداث هيئة ضبط مهمتها السهر على متابعة عملية سحب الإشهار لضمان المساواة في التوزيع. و أفاد الوزير أنه في “دولة مثل الجزائر يقوم اقتصادها على الريع البترولي من الضروري أن يكون الاشهار الذي يعد -تقريبا محتكرا من طرف الدولة- منظما في اطر قائمة على مبدأ المساواة بين المتعاملين”, مشددا على أن “إخضاع توزيع الإشهار العمومي لقانون العرض و الطلب يجب أن يسبقه تطهير هذا القطاع . و من الجانب الاقتصادي فإن التحول الرقمي للصحافة المكتوبة هو “ضرورة حتمية و مستعجلة” نظرا لتراجع سحب الجرائد الورقية بنسبة 70% و توقف العديد من الجرائد. أما في ما يخص تنظيم المهنة, فهناك تفكير حول امكانية تعويض سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي أقرها قانون الإعلام لعام 2012 بمجالس أخلاقيات المهنة على المستوى الوطني و داخل قاعات التحرير, “تتحكم وحدها في ميكانيزمات و حيثيات العمل الصحفي يوميا”.