عاش سكان بلدية باش جراح، بالعاصمة، أوّل أمس ليلة ساخنة زادتها لهيبا ألسنة النيران التي أضرمها المحتجّون على انقطاع الكهرباء في الطريق الرئيسي، حيث خرج عشرات الشبّان القاطنين بحي (ليجيكو) الرّاقي إلى الشارع وقطعوا الطريق الرئيسي بواسطة المتاريس، كما قاموا بإضرام النّار في العجلات المطاطية لدفع السلطات ومصالح سونلغاز إلى وضع حدّ للانقطاعات المتكرّرة للتيار الكهربائي بعد أن عاشوا يومين كاملين في الظلام. وأقدم سكان بلدية باش جراح على غلق كلّ الطرقات في وقفة احتجاجية قاموا بها لإعادة الكهرباء إلى بيوتهم التي ساد فيها الظلام لمدّة 48 ساعة نتيجة الارتفاع الجنوني في درجات الحرارة التي حلّت بالعاصمة وباقي مناطق الوطن. المحتجّون الذين شلّوا حركة المرور في الطريق الرئيسي كانوا في غاية التذمّر، ولم تتوقّف أعمال الشغب التي انطلقت ظهر أوّل أمس إلى غاية الساعات الأولى من نهار أمس وطالبوا السلطات المحلّية بالتدخّل السريع حتى لا يحوّلوا المكان إلى خراب، حيث أقدموا على إشعال العجلات المطاطية والأخشاب، الأمر الذي جعل الدخان الكثيف النّاتج عن هذه النيران يعلو إلى السّماء ويدبدب الرؤية. كما سبّب الدخان المتصاعد عدّة حالات اختناق لعدد من المصلّين الذي توجّهوا إلى مسجد (عبيدة بن الجراح) المحاذي للطريق الرئيسي لأداء صلاة التراويح، الأمر الذي دفعهم إلى ترك الصلاة والعودة إلى منازلهم خوفا من احتدام الوضع. وأكّدت شهادات المواطنين أنهم يعانون من انقطاع الكهرباء منذ يومين في أغلبية الأحياء، نذكر منها (ليجيكو)، (لافلاسيار)، (حي 20 أوت)، حي (جنان مبروك) وغيرها من الأحياء، الأمر الذي حرم السكان من تناول وجبة الإفطار والاستمتاع بالمياه الباردة بعد يوم شاقّ من الصيام بالرغم من المراسلات والشكاوى التي تقدّموا بها واعتبروا الحجج المقدّمة إليهم غير مقنعة، والمتمثّلة في ارتفاع درجة الحرارة غير المسبوقة التي تعيشها العاصمة هذه الأيّام، والتي تدفع المواطنين إلى استغلال الكهرباء بشكل مفرط ومتزايد، ممّا يشكّل ضغطا إضافيا على الشبكة يتسبّب في عجزها عن تلبية الطلب الكبير، وهو ما يؤدّي في النهاية إلى انقطاع التيار ببعض المناطق. وأكّد السكان أن هذه الآلية من المفترض أن تحدث لنحو ساعة أو أقل يوميا، لكن ما يحدث في بلدية باش جراح ناتج عن ضعف الشبكة الكهربائية. كما استنكر السكان الانقطاعات المتكرّرة التي أدّت إلى خسائر كبيرة، حيث تعرّضت بعض أجهزتهم الكهروالمنزلية للعطب، خاصّة المكيّفات الهوائية والثلاّجات التي تحوّلت إلى نقمة بعدما كانت نعمة بسبب سونلغار. من جهتها، قوّات الأمن تنقّلت إلى عين المكان غير أنها لم تقترب من المحتجّين، بل حاولت مساعدة مستعملي الطريق الرئيسي عن طريق توجيههم إلى الطرقات الفرعية تفاديا لوقوع أيّ انزلاق خطير مع المحتجّين الذين هدأو وعادوا إلى منازلهم مع أذان الفجر مهدّدين بالعودة إلى الاحتجاج في حال مواصلة غياب التيار الكهربائي عن منازلهم. هذا، في الوقت الذي أرجع فيه مسؤولو الشركة الجزائرية لتسيير شبكة نقل الكهرباء سبب هذه الانقطاعات إلى الإفلات التلقائي المتتالي لعدّة خطوط ذات الضغط جدّ العالي التي تزوّد العاصمة جرّاء التلوّث الطبيعي، وكذا النّاجم عن دخان حرائق الغابات الذي ازداد تفاقما جرّاء ظروف مناخية استثنائية بارتفاع نسبة الرطوبة والضباب. التجّار يلجأون إلى المولّدات الكهربائية لتفادي الخسائر في السياق ذاته، لم تسلم المحلاّت التجارية من الانقطاعات المتكرّرة للتيار الكهربائي، والتي كبّدت أصحابها خسارة قدّرت ب 05 مليار دينار على المستوى الوطني، حسب ما أعلن عنه النّاطق الرّسمي للاتحاد العام للتجّار الجزائريين والحرفيين. حيث بلغ عدد المتضررين منذ بدالية الموسم الصيفي 400 ألف تاجر بحجم خسائر قدّر ب 3 ملايير دينار. وقد طالت هذه الخسائر المخابز ومحلاّت بيع المواد الغذائية وحتى محلاّت بيع الألبسة، حيث فضّل معظم التجّار شراء مولّدات كهربائية لتفادي خسارة سلع تقدّر بالملايين، وهو حال معظم المحلاّت التجارية ببلدية باش خاصّة أصحاب (السوبر ماركت) ومحلاّت بيع الألبسة المتواجدة في الفضاءات التجارية كمركز (حمزة)، (طيبة) و(الشاوي)، والتي تعرف إقبالا منقطع النّظير مع حلول عيد الفطر المبارك، خاصّة بعد الإفطار، حيث اضطرّ أصحابها إلى تزويد محلاّتهم التجارية بالمحوّلات الكهربائية حتى يتمكّن الزبائن من رؤية البضاعة بوضوح وتفادي الخسارة. فمن غير المعقول أن يقتني المواطنين ملابس العيد في الظلام، وهو ما يراه أصحاب (السوبر الماركت) والخبّازون الذين سارعوا إلى اقتناء المولّدات الكهربائية كون حجم الخسائر التي يتعرّضون لها ليس بالهيّن، خاصّة فيما يخص المواد سريعة التلف والتي يتطلّب حفظها في درجة برودة معيّنة