السلام اليوم: من هو رضا عاشور؟ رضا عاشور: رضا بشير، بكل بساطة، هو نفسه الذي وُلد بالبويرة، ابن عائلة متواضعة؛ فوالدي عصامي، عازف على آلة الڤيتار. قبل مجيئي إلى الحياة كان مولوعا بالشعبي والطبوع المختلفة. كيف جئتم إلى عالم الفن؟ كما ذكرت سالفا، أتيت إلى هذا العالم وقيثارة والدي هي الأخت؛ رافقتني لما كنت طفلا وحيدا والأخ الأكبر، وذلك سنة 1975. وفي سنة 1988 وكنت طفلا ذا ثلاثة عشرة سنة، ويا للصدفة، مر رشيد رابية مربٍّ بدار الشباب والرياضات فسمع رنة الڤيتار، ليتوقف هنيهة، ليطلب مني أن أُسمعه مقطوعة، وكانت “ذيك الشمعة” من تأليف الراحل “محبوب باتي” ومن أداء الفنان “اعمر الزاهي” أطال الله عمره! أستمتع بما أديته وأقتنع رغم صغري؛ ولهذا ضمّني لمجموعة صوتية أقل من 16 سنة، وأؤكد ذلك على أنني كنت الأصغر سنا. وتزامنا مع ذلك انضممت إلى فرقة شعبي تحت قيادة رشيد رابية، فكنا نتمرن على الساعة الخامسة مساء، أما نحن الصغار فنتمرن على الساعة الثانية زوالا.. متعطش للشعبي وشغوف بتعلّم أكثر من الآخرين، لا أستطيع ترك الحصة تفوتني؛ فكل يوم أنتظر بدار الشباب “مولود فرعون” الكبار بفارغ الصبر، لرؤية نشاطهم؛ وذلك بطلب من الشيخ رشيد ورفيقه أبت قارة نسيم، وأخص الذكر بأننا في أكثر من مرة كنا متلبسين ومتوسلين لنا بالعودة إلى بيوتنا لمراجعة الدروس، وكم مرة كررنا ذلك إلى أن لبوا طلبنا لحضور حصة تمرُّن الكبار؛ وهم كريم الغوتي وإسماعيل زربي والإخوة بلهواري وعز الدين تالي وغيرهم. ولماذا اخترتم فن الشعبي؟ أنا من الشعب، وبتعبير آخر، أنا “شعبي”؛ ولهذا فإني الناطق باسم هذا الشعب؛ أغنّي بما يحس به وبما يعاني منه وما يستنشقونه من كلمات نقية وجلية ومفهومة. وهل يمكنكم ذكر لنا بعض أعمدة الفن ممن أخرجوا موهبتكم إلى النور؟ أوّلا رشيد رابية الذي عرّفني بهذا العالم يوم انضمامي إلى فرقة المبتدئين، كما يرجع الفضل لبن دعماش أثناء تنظيمه للمهرجان الوطني للأغنية الشعبية وتحت رعاية معالي وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، ومن هنا استطعت الالتحاق بالمشايخ أمثال الشيخ القبي والفنان عبد القادر شاعو والشيخ عبد القادر شرشام والفنان المرحوم عبدالله ڤطاف والشيخ بوجمعة العنقيس؛ فهم ممن شجعوني ودفعوني إلى الرتبة الثانية على ثلاثمائة وعشرين متبارٍ في المهرجان الوطني سنة 2007 بالمسرح الوطني محيي الدين بشطارزي؛ فليس من السهل أن تؤدي أمام جمهور ذواق وأوركسترا متكونة من المولوعين والبارعين في العزف، فالخطأ هنا غير مسموح به. ومما هو منطقي أن أعضاء لجنة التحكيم وعلى رأسهم بوجمعة العنقيس وعميمور ونصر الدين بغدادي وبراهيم بايو ودحمان عيساوي، شرّفوني وشجعوني بالنصائح وشهادة الرتبة الثانية التي منحها لي الفنان عبد الله ڤطاف رحمه الله. وبدوري أكرّم كل أعضاء اللجنة وكذا وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي على إرادتها وصرامتها والثقافة التي تحيي شموعها. أما فيما يخص ديدين فكان في جولته الفنية بمدينة عنابة حين اتصلت به، فأرسل لي قصيدة “بما في علمك لقديم” عبر الفاكس، وهي من تأليف سيدي لخضر بن خلوف؛ ولهذا نالت إعجاب الجمهور، وكذا اللجنة. وأضيف بأن ديدين أوفى بوعده، وقد شرّفني بحضوره السهرة النهائية، فتمكنت من رؤيته، ومن هنا أصبحنا أصدقاء. مَن هم المشايخ المفضَّلون عندك؟ في نظري كلهم أبناء بلدنا؛ فهم شيوخ بلادي؛ فلكل واحد منهم خصوصياته وتخصصه، وكلٌّ يشارك بكلام، مضمونه نجده في موروثنا الذي هو الشعبي؛ كلٌّ يأتي بفنه على حسب قدرته. أنتم ابن مدينة البويرة، وكذا الشيخ عميد الفن الشعبي الفنان الهاشمي ڤروابي، ما الذي يميّز هذه المنطقة؟ نعم أنا من مدينة البويرة، كان هناك شيوخ ويوجد شيوخ، وسيكون شيوخ بالبويرة أو في مدن أخرى؛ فالشعبي ليس موروث مدينة أو منطقة معيَّنة، فنجده في كل مكان وحياة يعيشها كل فرد، فغير منطقي إن كان الشعبي خاصا بمنطقة واحدة، فهو فن جزء منا منذ الأزمنة الغابرة. وبالنسبة لمشايخ البويرة هم كثر، ومن بينهم الشيخ مصطفى الناظور؛ هو شيخ دون منازع، الفنان الكاردينال الحاج محمد العنقا والفنان الهاشمي ڤروابي وصالح السعداوي والفنانة بهية فرح وغيرهم. وهل يمكنكم أن تكلّمونا عن مديرة أعمالكم السيد خليدة يوسفيي؟ خليدة يوسفي مولوعة غير معروفة غير مقدَّرة من قبل الجمهور، جميلة وتحب الجمال، تحب الغير ومشجعة، وتشجع المواهب الشابة، وتحسنها بمعرفتها وتجربتها الخاصة؛ فهي متحمسة لكل عمل، ضف إلى ذلك أن كرمها وجودها يترك الناس يعتزون بيوسفي خليدة، كذلك هي شاعرة ألّفت بوقالات ونظمت أشعارا، وأخيرا هي امرأة محترمة وجديرة بالاحترام؛ فالكل يشهد لها، وهي تستحق طيب الكلام. كيف التقيتم بها؟ “رب صدفة خير من ألف ميعاد!”؛ إني محظوظ على أني محاط بأناس كرماء؛ هي حسنة ومتكاملة، والكمال لله! حدّثنا عن ألبومك والتحضيرات والتسجيل، وهل حقق ما كنتم تنتظرون؟ إن أول ألبوم هو حلم كل فنان! وفيما يخصني إنه مولود جديد، وربيع عمري؛ لِم لا تكون سعيدا لما يأتيك ما يسرك؟! تمت سعادتي وسروري بفضل من ساعدوني، ومن وجّهني؛ فحلمي هو حلمهم! فعلا ألبومي متواجد في الأسواق؛ إنه كثير الطلب لما يحتويه من جديد من جهة الكلمات والموسيقى، ولا يحتوي على أي تكريم لفنان. لقد قدمتُ مجهودات كبيرة؛ وهذا بمساهمة تضحيات أخي الأكبر عبد النور مرزوق وخليدة يوسفي وياسين بوزام، الذي أعطاني كل ما بوسعه؛ من كلمات وموسيقى، وهذا ما مكّنني من الغوص في العمل بجدية، والحمد لله أعطت نتيجة معتبرة، دون أن أنسى العازفين: توفيق بن جمعة وتوفيق بولدي وكمال بوكلال ومختاري وعقاد ومهذب الصوت رضوان. وأخيرا وليس آخرا، لا يسعني إلا أن أختتم بذكر ناصر بورزق، الذي أغنى المنتوج “باش يصبر قلبي”، ورضا عرفاوي “بنت الحومة” ورشيد فراح “نستهل الكية”. أذكر بأن كل فنان يصل إلى مبتغاه إلا ويمر بمراحل صعبة، و هذا لازم ودون تعداد الرغبة متأججة للوصول. ومرة أخرى، أتمنى أن يكون صبري ورضاي هو الجمهور الذي أقدّم له تحياتي عبر هذه الجلسة. شاركتم في عدة مهرجانات ثقافية عبر التراب الوطني وإن كان قد مُنعتم من جمهور بالبويرة إن لم نقل القبائلي، نريد شروحات حول ذلك. نعم شاركت في عدة تظاهرات في الشرق والغرب والوسط والجنوب مع ديوان رياض الفتح في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، ومؤسسة فنون وثقافة بالجزائر، كما شاركت في تكريم المشايخ أمثال الفنان رابح درياسة والشيخ الحاج محفوظ ببليدة وكذا الفنان بن عيشة. وفي أيام الحوزي ببليدة وكذا عمر مكرازة بباستيون بالجزائر العاصمة، وشاركت في عدة حفلات في كل مكان، وحتى في الخارج. أنا راض والحمد والشكر لك يا رب! أما بالنسبة للبويرة و دون تأمل فلا أحد نبي في بلده؛ إننا مهمَّشون من قبل مسؤولين خاصة مؤسسات المهرجانات الثقافية. هل لديكم مشاريع تباشرونها؟ مشاريعي هي طموحي؛ فلا نستطيع العيش بدون انتظار ولا بدون يأس؛ لأن في الأمل حياة. إصدار الألبوم الأول الذي أخذ قسطه من الرواج داخل وخارج البلاد رغم محدودية الإنتاج؛ فالناشر المكلَّف منحني رغبة الإبداع والإنتاج والسهر على إرضاء جمهوري، التي لا تنقطع دون تشجيعي للذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة إلى عمل أحسن. وفي هذه الآونة فإني في اتصال مع كتّاب كلمات؛ ناصر فرطاس وخليدة يوسفي، ومهذب الأصوات محمدي سيد علي، وسأعدّ ألبوم يشد غاية نفس الجمهور وعطشه، ومن يعطي قيمة لهذا الفن وما يحمله من تنوع، والكل سيشارك في هذا النشاط، والذي أتمنى أن يكون في متناول الجمهور؛ علما أن كل زمن وعاداته؛ أذكر هذا ونحن في ختام اللقاء. لقد أقلعنا إلى مجرى طويل الأمد غير محدود النهاية؛ لأن العلم والبحث غير محدود، وأنا نشيط من صنف هذه الشريحة. أبحث في أعماق كنوز ثقافتنا متعددة الأبعاد؛ لكي نؤديها نحن أيضا، جاء دورنا الآن؛ فعلينا تتبّع مجرى ما خلّده أجدادنا.