الجزائر - إحتضنت قاعة ابن زيدون برياض الفتح بالجزائر العاصمة سهرة أمس الخميس حفلا تكريميا على شرف الفنان القدير بوجمعة العنقيس عميد أغنية الشعبي من خلال حفل فني بهيج أحيته ثلة من الفنانين الجزائريين عرفانا بمشواره الفني الثري وعطائه اللامتناهي في خدمة الأغنية الشعبية الأصيلة. وأشرفت وزيرة الثقافة خليدة تومي على حفل التكريم الذي حضره أبناء الفنان مختارو حكيم العنقيس وعدد من أصدقائه مثل الشيخ الناموس ألذي أدى بالمناسبة مقاطع من أغنيته الشهيرة"راح الغالي راح". وافتتح الحفل التكريمي الذي خص به الشيخ بوجمعة العنقيس بوصلات موسيقية منتقاة من الرصيد الموسيقي الثري للفنان أداها الجوق الموسيقي تحت قيادة الموسيقار جمال ثعالبي تجاوب معها الجمهور الحاضر باقاعة. وتوالت بعد ذلك الإطلالات الفنية لعدد من الأسماء التي أبت إلا أن تشارك الشيخ في هذا العرس الفني الكبير على غرارالفنانة القديرة نرجس وعبد القادر شاعو ومهدي طماش الذين أشادوا بالدور الكبير الذي لعبه العنقيس في الارتقاء بالثقافة الجزائرية عموما والأغنية الشعبية تحديدا. وقد تسلم الفنان مهدي طماش الركح ليمتع الحضور بجملة من الأغاني المختارة من السجل الحافل للشيخ بوجمعة العنقيس قبل أن يفسح المجال للفنانة نرجس التي سافرت بالجمهور عبرتاريخ الزمن الجميل وعادت به إلى أيام الفنانة الراحلة فضيلة دزيرية من خلال تاديتها لرائعة "أنا طويري" "عيني شكات مع قلبي" و "أمان أمان على الزمان" التي تفاعل معها الحضور بقوة. وتخلل حفل التكريم عرض فيلم وثائقي حول المسيرة الفنية الحافلة للعنقيس. وعبرالشيخ بوجمعة العنقيس عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم الذي خص به قائلا " لم أكن أتصور أبدا أنني سأبقى أحضى بمثل هذه الشعبية في هذه المرحلة المتقدمة من العمر الذي ناهز ال 85 عاما وسعادتي بهذا الاعتراف الجماهيري لا تضاهى". وفي تصريح ل (وأج) عبرت الفنانة نرجس عن "سعادتها الكبيرة" بهذا التكريم الذي حضي به الشيخ العنقيس الذي تتلمذت على يده والذي كان بمثابة "أب ثاني" بالنسبة لها واسترجعت بعض الذكريات التي جمعتها به في بداية مشوارها الفني. وأضافت قائلة "الحاج العنقيس إنسان في قمة التواضع و الطيبية هو أكثر من فنان فهو وجه من وجوه الثقافة الجزائرية إذ كرس جل حياته لخدمة أغنية الشعبي". وعبر الفنان عبد القادر شاعو الضيف الشرفي للسهرة عن "امنتنانه" و"شكره" لهذا الفنان الذي عمل على الارتقاء بأغنية الشعبي قائلا "اسم بوجمعة العنقيس سيبقى محفورا في ذاكرة الفن على مر الأجيال". ولد بوجمعة محمد أرزقي المعروف فنيا ب"العنقيس" كما اختار أن يلقبه الأب الروحي لأغنية الشعبي المرحوم الحاج محمد العنقى في 17 جوان 1927 بزنقة النخلة ببير جباح بالقصبة حيث زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة إبراهيم فتاح وتحصل على شهادة التعليم الابتدائي سنة 1939 قبل أن يضطر للتوجه للميدان العملي للمساهمة في إعالة أسرته. وبالموازاة مع ذلك بدأ شغف موسيقى الشعبي ينموا شيئا فشيئا بداخله تزامنا مع البدايات الأولى لعميد أغنية الشعبي "الحاج محمد العنقى" الذي تأثر به كثيرا وأبى إلا أن يسير على خطاه بانضمامه إلى المجموعة الموسيقية للشيخ حمدان قبايلي سنة 1941. وفي سنة 1944 كون الفنان رفقة عدد من الموسيقيين جوقه الموسيقي الخاص وظل يجالس مشايخ الأغنية الشعبية أمثال الحاج محمد العنقى والشيخ مريزق وبقي يغترف من بحرعطائهم الواسع إلى غاية سنة 1954 حيث قرر توقيف مسيرته الفنية للإلتحاق بصفوف جبهة التحرير الوطني . وغداة الإستقلال عاد الشيخ بوجمعة العنقيس إلى الساحة الفنية ليخوض غمار تجربة جديدة جمعته بالملحن وكاتب الكلمات القدير محبوب باتي تمكنا من خلالها من "استحداث نوع غنائي جديد" -ارتكزعلى الأغنية القصيرة والخفيفة- أثار ضجة شعبية كبيرة أنذاك. وعلى صعيد آخر ساهمت الأعمال الفنية التي جمعته بالملحن الكبير محمد الباجي في التعريف به أكثر بفضل عدد من الأغاني التي سجلت بأحرف من ذهب في سجل الأغنية الجزائرية على غرار أغنية "يا المقنين الزين" " بحر الطوفان" " يعيا ايجي نهار الشمس تدرق" "أنا عندي قلب" "يا كبدي ولدي علاش" و "ما عيها بواب". كما أدى العنقيس خلال مشواره عددا من الأغاني القبائلية مثل "أخالف نرمان" و "تادارت في لولاف" و غيرها من تلحين الموسيقار القدير كمال حمادي. و للإشارة فإن هذا التكريم الذي نظمته وزارة الثقافة بالتعاون مع محافظة المهرجان الوطني لأغنية الشعبي والديوان الوطني لرياض الفتح على شرف الشيخ بوجمعة العنقيس يندرج ضمن قائمة التكريمات التي سطرتها الوزارة والتي ستقام شهريا على شرف عمالقة الأغنية الجزائرية أمثال الحاج رابح درياسة والفنانة القديرة شريفة وغيرهم.