ينظم ديوان رياض الفتح اليوم الخميس بقاعة ابن زيدون، حفلا تكريميا على شرف الفنان الكبير الحاج بوجمعة العنقيس، عرفانا له على مساهمته في إثراء التراث الغنائي الشعبي لأكثر من نصف قرن. يأتي التكريم بعد سلسلة تكريمات رسمية وخاصة للفنان كتقدير له، باعتباره أحد أبرز أسماء جيل عمالقة الشعبي. الفنان من مواليد 17 جوان 1927 بالقصبة، واسمه الحقيقي بوجمعة محمد، تمتد أصوله الى منطقة أزفون بتيزي وزو، هذه المنطقة التي أنجبت ألمع نجوم الفن في الجزائر. بدأ مشواره الغنائي مبكرا وتعلم على يد شيوخ الأغنية الشعبية الجزائرية يتقدمهم الحاج محمد العنقى الذي أخذ منه لقب »العنقيس« تصغيرا للقب العنقى. كما استلهم إبداعه من فنانين كبار آخرين على غرار الشيخ السعيد المداح ليؤدي أول أغنية له أمام الجمهور في حفل زفاف عام 1942 بعنوان »على الرسول الهادي صلّ يا عشيق« وانضم في سنة 1945 الى فرقة موسيقية تضم الحاج العنقى والحاج مريزق ليبدأ مشواره معها بقصائد المديح. يؤدي العنقيس الأغنية الشعبية التي تتميز بالأصالة والعذوبة والاحترام مما أكسبه مكانة مميزة عند الجمهور داخل وخارج الوطن، واشتهر بأغنياته التي أصبحت تراثا فنيا وطنيا يرددها أجيال الفنانين. للفنان سبعة ألبومات كلها إبداع وتحمل بصمة العنقيس الخاصة، وظل العنقيس رغم شهرته متواضعا قليل الظهور، فغالبا ما كانت أعماله هي الظاهرة لنجاحها ورواجها، خاصة قصائد المديح والأغاني الشعبية العصرية التي تميز بها منذ نهاية الستينيات، خاصة مع الثنائي الذي جمعه بالراحل محبوباتي وهنا برزت عبقرية العنقيس الذي لم يكتف باجترار القديم أو التقليد الأعمى للشيوخ، لذلك يحرص العنقيس في كل مرة على حث الفنانين الشباب على الإبداع والابتعاد عن التقليد، إذ انهم بذلك سيجعلون الشعبي نائما وجامدا بينما ينبغي أن يتطور ويتجدد في إطار سياقه الأصيل، كما أن التجديد - حسبه - لا ينبغي أن يكون في التسميات فقط، ومع كل ذلك فإن العنقيس يشعر بالغبطة عندما تعاد أغانيه بشرط أن لا يتم تشويهها. التزام العنقيس بالشعبي جعله يؤمن بأن هذا الفن سيبقى حيا لأنه جزء من التراث والهوية الوطنية، واستطاع مواكبة كل التغيرات الاجتماعية والمراحل التاريخية برقي وحكمة وإبداع فني. للإشارة، فإن حفل هذا الخميس ستحضره الكثير من الوجوه الفنية القديمة منها والشابة وبعض الشخصيات الثقافية والعامة. كما سينشط بعض فناني الشعبي حفلا يتضمن العديد من أغاني العنقيس. للتذكير، فإن العنقيس أشرف خلال هذه السنة على رئاسة لجنة التحكيم في المهرجان الوطني للشعبي بالمسرح الوطني، وتنبأ لبعض الشباب المشارك بمستقبل واعد، وتفاءل بقوة انتشار ووجود هذا الفن عبر مختلف مناطق الوطن.