تبنى العلاقة الزوجية على أساس الثقة والتفاهم بين الزوجين، ولكن عندما يحدث خلل داخل العلاقة قد تنقلب الحياة الزوجية السعيدة رأسا على عقب كما قد يلجأ أحد الأزواج للخيانة لسد هذا النقص داخل العلاقة. وهناك قضية أخرى بمحكمة حسين داي هي لزوجة كانت تقيم علاقة مع شاب وترافقه في سيارته بعد ذهاب زوجها إلى العمل، ثم يأتي إلى بيتها في غياب زوجها وهو ما جعل الجيران يشكون في أمره، وبعد عودة زوجها من العمل باكرا في غير عادته إلى المنزل وجدها برفقته في حالة تلبس فتقدم بشكوى ضد زوجته وشهد الجيران لصالحه خلال المحاكمة فأدانها القاضي بعام حبسا نافذا بتهمة الزنا وعلى الشاب الذي كان معها بعام مع وقف التنفيذ.وشهدت محكمة سيدي امحمد قضية مماثلة لزوج خدعته زوجته وبدأت تراوده الشكوك عندما عثر على سيجارة في منزله وكان يعمل في ولاية بعيدة عن منزله ويغيب قرابة الشهر عنه وهو ما جعل الزوجة تستغل الموقف وتقيم علاقة مع صديقها داخل المنزل ففكر في قطع شكه والتأكد من خيانة زوجته وقام بإيهامها بأنه سيسافر إلى الصحراء لمدة شهرين، وهذا ما جعلها تشعر بالراحة وتجلب صديقها إلى المنزل معتقدة أن زوجها غير موجود، ولكن زوجها لم يغادر العاصمة وظل يراقب منزله من بعيد، وبعد ما تأكد من شكوكه رفع شكوى ضدها في مركز الشرطة وتنقلت عناصر الشرطة برفقته إلى شقته ليتم القبض عليها متلبسة مع صديقها، ولدى مثولها أمام المحكمة، صفح عنها زوجها لاعتبارات عائلية، خاصة أنها أم أولاده، وفضل اللجوء لفرع الأحوال الشخصية وهكذا تحصل على حكم الطلاق مع دفع تعويض قيمته 100 ألف دينار ومنعها من حضانة الأولاد. وهناك واقعة أخرى تتعلق بزوجة وجدت زوجها وهو شرطي يخونها في بيتها بعد ما استغل غيابها في بيت أهلها، ولكن بعد عودتها فجأة وجدته متلبسا مع صديقته مما جعلها تقتله بمسدسه الخاص حسب ما أكدته خلال محاكمتها وقد حكم عليها القاضي بالسجن 20 سنة. وهناك قضية أخرى عالجتها محكمة سيدي امحمد تتعلق بخيانة زوجية ارتكبتها سيدة تقطن بالعاصمة أدانتها المحكمة بعامين حبسا رفقة صديقها المتهم بالزنا الذي أدين بثلاث سنوات حبسا نافذا، وتعود وقائع القضية عندما قامت السيدة بإيهام زوجها أنها تذهب إلى العمل، غير أن أحد الجيران أخبر زوجها أنه رأى زوجته مع شخص آخر، وبدأت الشكوك تراوده، وفي أحد الأيام لم يذهب إلى العمل وراقبها فوجدها تذهب إلى أحد المحلات النسائية وبعد ذلك قرر مراقبة منزله فتأكدت شكوكه، فقرر تبليغ الشرطة الذي أمسكته متلبسا برفقة زوجته. وهناك العديد من القضايا التي ترافعت فيها لا يستطيع أحد الطرفين إثبات خيانة الزوج أو الزوجة فتنتهي العلاقة بالطلاق، ومنها قضية خيانة في محكمة حسين داي أودعتها زوجة كشفت خيانة زوجها مع جارتها في البيت، وخلال المحاكمة لم يحصل القاضي على دليل فقرر تبرئة الزوج والجارة. وهناك قضية أخرى للخيانة اكتشف فيها الزوج خيانة زوجته عندما علم أن الطفل الذي يربيه ليس من صلبه بالصدفة من خلال قيامه بتحاليل له عند خضوعه لعملية وهذا ما جعله يرفع قضية طلاق على زوجته وقضية أخرى يتهمها بارتكاب الزنا. ويضيف الأستاذ أن جريمة الخيانة من الصعب على القانون إثباتها، لأن المشرع الجزائري قيدها بشروط ومن الصعب في أغلب الأحيان إثبات مدى تورط الزوج أو الزوجة في الخيانة. وبالنسبة للزوجة فلا بد من وجود أدلة قوية وقرائن مباشرة لإثبات التهمة وهي التلبس أو إلقاء القبض من قبل الشرطة على الزوجة الخائنة في منزلها أو في مكان الجريمة برفقة رجل غريب وهذا بعد إيداع شكوى من قبل الزوج لدى وكيل الجمهورية، كما يجب توفر شهادة أربعة شهود كما ورد في الشريعة الإسلامية لإثبات جريمة الزنا أو قيام الزوج بعد شكه في زوجته بالتقاط صور لها وهي في وضعية مخلة بالحياء، وقد انتهت العديد من القضايا التي ترافعت بها بنيل البراءة للمتهمين لعدم إيجاد قرائن قانونية لفائدة الشك لانعدام دليل لإثبات جريمة الزنا ومن جانب آخر فجرائم الخيانة التي تفصل فيها العدالة قليلة مقارنة بالشكاوى التي تودع لدى الضبطية القضائية والسبب في ذلك أن العديد من الأزواج الضحايا يتراجعون عن متابعة الطرف الآخر ويصفحون عنه بعد ذلك، لأن القضية تتعلق باسم وشرف العائلة وكذا مستقبل الأولاد، فتتحول إلى قضايا طلاق، فالجناية في الخيانة الزوجية هي اقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أيا كان هذا الشخص وأيا كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة جنحة، فقانون العقوبات يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت التهمة مع واقع شهادة الشهود والمعاينة والتحليل في حالة عدم التلبس، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس الجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانونا، ويحاسب عليها قانونا، كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليها أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظا على الأولاد والسمعة والشرف ودرءا للفضائح بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية مرة أخرى سواء تم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي، أم أثناء السير في إجراءاتها، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة عن الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة، ووردت في القانون الجزائري مادة تقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة يثبت ارتكابها جريمة الزنا وتطبيق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة، وفي هذا الصدد، القانون يعاقب الزوج الذي ارتكب الجريمة بالحبس من سنة إلى سنتين وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته، في حين لا تحدد الإجراءات إلا بناء على شكوى الزوج المتضرر، كما تنص المادة 143 على أن الدليل الذي يقبل ارتكاب المعاقب عليها بالمادة المذكورة يقوم إما على محضر قضائي يحرره أحد رجال الضبط القضائي في حالة تلبس، وإما قرار ورد في رسالة أو مستندات صادرة عن المتهم، وإما بقرار قضائي، أما بالنسبة لأثر خيانة الزوجة لزوجها فيتمثل في سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق، كما قد يسقط حق حضانتها لأولادها إذا كانوا في سن التمييز ولا تحتفظ إلا بالطفل دون العامين. الدين يحرم الخيانة الزوجية: يقول الدكتور عبد الله بن عالية، أستاذ الشريعة الإسلامية بالخروبة: «إن ابتعاد الشخص عن قيمه الإسلامية وغياب الوازع الديني يؤدي إلى وقوع الإنسان في المحرمات. فمفهوم الخيانة الزوجية شرعا يشتمل كل علاقة غير شرعية تنشأ بين الزوج وامرأة أخرى أو بين الزوجة ورجل آخر غريب، فهي تعتبر علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ، ويشتمل هذا المواعدات أو اللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الإستمتاع والخيانة، هي إثم ومعصية وانحراف عن القيمة السليمة، كما أن الخيانة الإلكترونية الافتراضية لا يعد زنا ولكنه محرم ومن كبائر الذنوب، فنجد أن الأدلة الشرعية تدل على تحريم النظر إلى من لا يحل من النساء وكذلك النظر المقترن بفتنة من المرأة إلى الرجل وهذا الحكم كما يقول أهل العلم المقصود منه سد ذريعة الوقوع في الفواحش، فهذا محرم ولا يجوز التعامل به في الواقع الافتراضي، وهو مشجع معين إلى التعاطي والبحث عنه في الواقع الحقيقي، وهذه من خطوات الشيطان ويستدرج الإنسان من صغائر الذنوب إلى كبائرها، كما أن الخيانة تؤدي إلى انتشار الحقد وارتكاب الجرائم في المجتمع واختلاط الأنساب، قال الله تعالى: «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا» الإسراء، «والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما» الفرقان، وقال: «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله». أسباب نفسية تؤدي إلى الخيانة الزوجية تقول الدكتورة نبيلة صابونجي، مختصة في علم النفس الاجتماعي: «إن الخيانة شعور نابع من أعماق الأنا، وهي حالة ناتجة عن الاستياء أو نقص الحنان أو نتيجة التهميش والإحساس به، وقد تكون حالة لإثبات الوجود أو ردا للاعتبار ومحركها الأساسي المكبوتات الجنسية أو خلل في العلاقة العاطفية أو خلل في الشخصية أو الذات، وتترك الخيانة آثارا وخيمة على المرأة أكثر من الرجل، لأنها أكثر حساسية منه، ومن بين هذه الآثار إحباط شديد واكتئاب وشعور بعدم الثقة بالطرف الآخر، وتؤدي إلى صدمة نفسية شديدة تتسبب في انهيار عصبي، كما أن السبب الرئيسي لها هو الفراغ العاطفي الذي يشعر به أحد الطرفين فيبحث عن طرف آخر يسد به حاجته، كما أن المرأة قادرة أن تتجرد من أنوثتها في حالة شعورها بالخداع من زوجها وتلجأ إلى الانتقام والعدوان لرد كرامتها المسلوبة، لأنها تشعر بالإهانة، كما أن هناك دوافع تجعل الرجل يلجأ إلى الخيانة عندما تصبح العلاقة الزوجية باردة وروتينية وليس بها تجديد، ومن هنا يبدأ الرجل بالبحث عن الرومانسية التي اختفت من حياته ويبحث عن بديل لسد حاجته العاطفية بالبحث عن امرأة أخرى تعطيه ما لم تستطع زوجته إعطاءه من حنان، كما أن عند قدوم أول طفل هناك زوجات يقل اهتمامهن بالزوج، فتولي جل اهتمامها لطفلها فيترك ذلك انطباعا نفسيا وحاجة إلى الحنان لدى الزوج فيسدها خارج إطار الزواج. فالرجل بطبيعته يرغب في أن يكون جذابا ومرغوبا به على الدوام، فعند انصراف الزوجة باهتمامها خارج نطاق رغبته وانشغالها بأطفالها يوجه أنظاره إلى امرأة أخرى لكي يثبت جاذبيته وأنه مازال مرغوبا فينصرف إلى نزواته ويحاول تحقيقها بإيجاد أخرى، كما أن المرأة إذا كانت تجعل من زوجها محط سخرية أو نقد مستمر أو تسخر من تصرفاته فإنه يبحث عن امرأة أخرى تحترمه. وهناك أمراض نفسية تؤدي إلى الخيانة الزوجية، فهناك رجال لديهم طابعا نفسيا مبنيا على القيام بعلاقات متعددة خارج إطار الزواج ويحب تجديد حياته بربط علاقات متعددة ويشعر أنه يثبت وجوده ويعتقد أنه يثبت رجولته، كما أن انعدام الثقة بين الزوجين وانتشار الشك بين الطرفين يؤدي إلى الخيانة. ومن الناحية النفسية فإن الخيانة الزوجية جريمة يشترك فيها الزوجان، حيث يساهم الرجل بضغوطه وإيذائه لزوجته وهدمه لحقوقها بتشجيعها على الخيانة ومن ثم على الانتقام منه بشكل خاطئ، ومن المتوقع أن زيادة القهر والظلم تؤدي إلى الفعل العدواني والذي يمكن له أن يأخذ شكل خيانة المرأة لزوجها، كما أن اضطراب الشخصية يساهم في الوقوع في الخيانة الزوجية مثل بعض حالات الشخصية الحدودية والتي تتميز بالاندفاعية والسلوكيات الخطيرة وتقلب المزاج والغضب، وأيضا صعوبات في العلاقات مع الآخر من حيث تناوب المبالغة في تقدير الآخر أو تحقيره إضافة إلى اضطراب صورة الذات. ويصحب الخيانة في بعض الأحيان عندما تكون العلاقة بينهما مبنية على حب كبير حالات للانتحار أو إيذاء النفس، لأنه يصعب عليه تقبل الصدمة وتكون عليه شديدة، وفي بعض الأحيان تؤدي بالشخص إلى الجنون كما أن هناك شخصية مضادة للمجتمع لا تتورع عن القيام بمختلف الأعمال المضادة للقيم والأخلاق ويمكن لها أن ترتكب الخيانة وبشكل متعدد ومتكرر، كما أنه يمكن للاضطراب النفسي أن يؤدي إلى سلوك جنسي غريب وغير متناسب مع طبيعة الشخص، كما أن هناك أشخاصا يحملون عقد خاصة مرتبطة بالجنس أو العدوانية أو من تعرضوا للإيذاء الجسدي أو الإهمال أو الرعاية في طفولتهم أن يتورطوا في سلوك جنسي خاطئ، كما أن الشخص بعد خيانته لزوجته يصاب بتغيرات نفسية فيشعر باضطراب وقلق نفسي غير مبرر لعدم توفر عنصر الرغبة والأمان، لأن هذا النوع من العلاقة يتم في الخفاء فيكون القلق أعلى من طبيعته». أسباب اجتماعية تؤدي إلى الخيانة الزوجية: تقول الدكتورة «كريمة سايشي» مختصة في علم الاجتماع: «حسب دراسات اجتماعية فإن بعض النساء يرتكبن الخيانة لحاجتهن للمال، وقد أصبح المال في مجتمعنا يطغى على القيم فهناك حالات للخيانة تعود للعوز المادي والفقر فتلجأ المرأة إلى علاقات غير شرعية والانحراف مقابل الحصول على المال، كما أن التحضر وخروج المرأة إلى العمل جعل الخيانة الزوجية تزيد عن السابق، وانشغال الزوج في العمل مما جعل نقصا في الاهتمام بالزوجين وجعل هناك فراغا عاطفيا بينهما، وفي الدرجة الثانية يأتي الزواج المبكر كدافع للخيانة، حيث تتزوج الفتاة في سن مبكرة لا تعي فيها قدسية الرباط الزوجي وهي مؤهلة للاختيار ولا تمتلك ثقافة الزواج والأسرة فتشعر بالظلم عندما تدرك أنها لا تستطيع الاختيار، كما أن بعض الرجال يتفاخرون بين أقرانهم وزملائهم بخيانتهم، كما أن وسائل الإعلام الحديثة ساهمت بشكل كبير في انتشار الخيانة الإلكترونية من خلال مواقع الدردشة والتواصل الاجتماعي، كما أن الفضائيات وقنوات العري أصبحت تثير شهوات العديد من الرجال، فهي تكرس صورة الأنثى الجسد لدرجة تشعرنا بالتقزز، فالتركيز واضح في وسائل الإعلام على الجمال المادي للمرأة بغض النظر عن المضمون المعنوي، كما أن الزواج بالوساطة التي تنتهجها العديد من العائلات لتزويج أبنائها تجعله يرتبط بزوجة لا يعرف عنها أي معلومات خاصة بأخلاقها ولا يتزوجها عن حب، كما أن بعض العائلات ترغم بناتها على الزواج من شخص لا تربطه بها علاقة حب بالرغم من أنها تحب شخصا آخر، وهذا ما قد يجعلها تخون زوجها مع الشخص الذي كانت تحبه وتؤدي إلى آثار وخيمة على المجتمع منها انتشار الفوضى الأخلاقية في المجتمع ومن بين أسبابها أيضا ضعف التنشئة الاجتماعية وتقليد وتقمص شخصيات المسلسلات التي تجعل الشخص لا يقتنع بما لديه ويبحث عن شخصية شبيهة بالمسلسل فيلجأ للخيانة، كما أن هناك أزواجا كبار في السن يبحثون عن فتيات في ريعان شبابهن أو شبيهات في جمال بعض الممثلات فلا يقتنع بجمال زوجته، وهذا ما أدت إليه التكنولوجيات الحديثة والفضائيات التي ساهمت بشكل كبير في انتشار الخيانة، بالإضافة إلى عدم تكافؤ الأزواج من الناحية العمرية أو من الناحية الشخصية وعدم المعرفة الكاملة بشخصية الأزواج قبل الارتباط». انتهى