يبدو أن السحر قد طال العادات والتقاليد الجزائرية وبات يحرم الكثيرات من الاستمتاع بها، "فحنة العروس" التي تعد من أهم مراسيم الزفاف لدى معظم الجزائريين أصبحت تسبب الارتباك والخوف لكل من تضعها، بسبب بعض الحاسدات والحاقدات اللواتي يستعملنها لسحر من تضعها وإلحاق الأذى بها. تعتبر حنة العروس من أهم العادات التي ورثها الجزائريون عن أجدادهم والمتمثلة في التقاء أهل العروس في بيت أهلها للاحتفال ووضع الحنة لها قبل الذهاب لبيت زوجها،وتتم بارتداء العروس للزّي التقليدي المناسب لمنطقتها، حيث تشعل الشموع وتوضع لها الحنة في جو تملؤه الزغاريد وما يعرف ب"التقدام"، وتعتبر هذه العادة فألاً حسنا تستبشر به العروس خيرا في مستقبلها. إلا أن الكثيرين يخشون زوال هذه العادة نظرا لتقلصها المستمر في المجتمع الجزائري ويرجع ذلك إلى تخوف الكثيرات من حدوث مكروه إذا ما وضع لهن سحر فيها، حيث أصبح العديد ممن يحملون السوء والضغينة في قلوبهم يستعملونها كوسيلة لإلحاق الضرر بمن تضعها، فكثيرات هن من عانين بسبب هذا الأمر وعشن أوقاتا عصيبة ومشاكل استعسر عليهن حلها، "ن.كنزة" واحدة ممن عانين من الأمر، حيث انقلبت حياتها رأسا على عقب بسبب سحر وضع لها في حنة عرسها، قالت "في اليوم الموالي لوضعي للحنة أحسست بضيق في نفسي وشعرت بكره شديد لزوجي الذي كنت أشمئز منه لمجرد التذكر أنني سأعيش معه بقية حياتي، فطلبت من أهلي إلغاء العرس ورغم محاولاتهم تهدئتي وإقناعي بالتراجع عن موقفي، إلا أنني بقيت مصرة على ذلك، وهذا ما حصل فعلا، وبعدها أحضر أهلي راقيا شرعيا رقاني والذي اكتشف أنني كنت تحت تأثير سحر وضع لي في الحنة، ولكن كان قد فات الأوان، لأن خطيبي رفض العودة إلي، وهو الآن متزوج بأخرى. حالة مشابهة مرت بها السيدة "ب.نوال" التي كادت أن تخسر زوجها بسبب السحر، قالت بأنها كانت محظوظة، لأن زوجها كان يحبها ومتمسكا بها ورفض التخلي عنها رغم أنها لم تعد تطيقه كما قالت "من سحرتني أرادت أن تكيد لي وتحطم زواجي، لكن الله لم يشأ ذلك، والحمد لله أنا أعيش حياة سعيدة رفقة زوجي الذي زاد حبي واحترامي له بعدها، فيبدو أن كيد الساحرين انقلب إلى ضده"، "كنزة" و"نوال" هما عينة من كثيرات تكررت معهن مثل هذه القصص، وحتى لا تتكرر مع أخريات، فضلت الكثيرات الامتناع عن وضع الحنة والتخلي عن هذه العادة، لكن هذا الأمر حز في نفوس الكثيرات، خاصة المسنات، لأن زوال مثل هذه العادات يخلف عندهن فراغا عميقا ويولد الشوق والحنين إلى الماضي،خالتي "غنية" عبرت عن حسرتها لتخلي بعض الجزائريين عن مثل هذه العادات قائلة: "أين نحن من أيام زمان أيام القعدات والبوقالات... تلك الأيام كانت أحلى،لأننا كنا متمسكين بعاداتنا وتقاليدنا على عكس جيل اليوم". ما السبيل للحفاظ على هذه العادة دون التضرر منها؟ هو سؤال تطرحه الكثيرات ونحن بدورنا حاولنا إيجاد جواب لذلك من خلال مقابلتنا لأحد المتخصصين في الأمر، وهو الأستاذ: "تيتواح" أستاذ في الشريعة بجامعة الخروبة، يقول أن حنة العروس ليست من شروط الزفاف، لكن بما أنها من العادات المستحسنة، ولا تعتبر بدعة سيئة، فلا بأس أن تضعها العروس إذا تحصنت واحتاطت، وتكون أمها أو إحدى المقربات منها هي من تضعها لها، ثم تنزعها بسرعة وبعيدا عن الأعين، كما أكد أن الحصانة الأكبر هي الاستعانة بالله فقال "فعليها بالتوكل على الله والإكثار من الدعاء والاستغفار"، وعن حكم الشرع فيمن تتعامل بالسحر (خاصة في الحنة)، قال الأستاذ "هذا أمر محرم شرعا وهو حسد وحقد، وملعون من ضارّ جاره، وتعاطي السحر شرك بالله وملعون من خبّب امرأة غيره"، وينصح كل من هم تحت تأثير السحر بالرقية الشرعية والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، خاصة سورة البقرة.