جمالها الساحر فاق كل فاكهة، لونها الأخاذ ورائحتها تساوت مع لون الورود وأريجها، حتى دلالها جاوز دلال الحسناء فاشترطت من قاطفها أن يكون ناعما وإلا هُلكت، هي فاكهة روسيكاد المدللة، الفراولة أو الفريزة التي تربعت على عرش الفواكه دون منازع. صبرينة تريكي التي دأبت المدينة على الاحتفال بعيدها منذ 26 سنة، حيث سطرت لهذا العام برنامجا متنوعا انطلق أول أمس باستعراض لفرقة فانطازيا الخيول من منطقة عين لحجر لولاية سطيف، الكشافة، 8 فرق فلكلورية من ولاية سكيكدة و4 من ولايات مختلفة، حيث انطلق الاستعراض من المركب الرياضي 20 أوت 55 إلى غاية ساحة أول نوفمبر متبوعا بحفل ساهر بحديقة النزل البلدي، فيما تنطلق اليوم عدة دورات رياضية كدورة في كرة القدم بين الأحياء والمدارس، كرة السلة، دورة في الزوارق الشراعية، سباق للدراجات، الشطرنج والكرة الحديدية، بالإضافة إلى عرض أزياء واختيار أميرة الفراولة من خلال مسابقة جمال، أما اليوم الأحد سينظم حفل اختتام توزع من خلاله الجوائز على مختلف الفائزين بالمسابقات بما فيها مسابقات أحسن منتوج فراولة، أحسن كعكة، أحسن مربى وعصير وأحسن واجهة، هذا وسيعرض الحرفيون مجموعة من الأعمال الفنية، معرض لشتلات تخص فاكهة الفراولة وكذا معرض للوحات تشكيلية. حكاية سكيكدة مع الفراولة لسكيكدة.. تلك المدينة التي كانت تلقب بمدينة نيس الصغيرة أو سويسرا الثانية حكاية مع الحلوة الحمراء، فقد أدخلت الفراولة لمدينة سكيكدة سنة 1920 وبالضبط بسواحل سطورة والشاطئ الكبير أين كان معمر واحد إيطالي الجنسية يزرعها، إلا أن أحد السكيكديين الذين استهوتهم هذه الفاكهة الصغيرة فاستطاع تمرير شتلة بحذائه البلاستيكي خفية عن صاحب الأرض الذي كان يخضع كل عماله إلى التفتيش عند مغادرة الأرض، حيث قام بعدها هذا العامل بغرس الشتلة ثم وزعها على باقي الفلاحين ليفاجأ المعمر بوجود منافسين له بالسوق. وهكذا بدأت فاكهة الفراولة في الانتشار من نصف هكتار إلى 278 هكتار هذه السنة، فببلدية سكيكدة لوحدها تقدر مساحة زراعة الفراولة ب 99 هكتارا، تمالوس 113 هكتار بسبب خصوبة أراضيها وعلوها الذي يبلغ 60 م عن سطح البحر وبذلك يوفر جوا باردا، عين الزويت 58 هكتارا وكانت المساحة ستكون أكبر لو لم تتواجد ضمن المناطق الغابية، لأن الفراولة لا تحتمل وجود أشجار بجانبها وهي تحب النمو في وسط فارغ يخصص لها وحدها سيما وأنها لا تقاوم كثيرا وتموت بعد 5 سنوات، أما بمنطقة بوشطاطة فبلغت المساحة 8 هكتارات، بالإضافة إلى 25 بيتا بلاستيكيا، وقد قدر عدد المنتجين هذه السنة 440 منتجا. الروسيكاد تتفوق بالذوق والنكهة توجد بسكيكدة أنواع كثيرة من الفراولة كالتيوغا، الدوغلاس، الكماروزا، تيتس سيلفا، أوزوغراندي، الشوندلار وسبلان وأيضا الروسيكاد، هذه الأخيرة تشتهر بها سكيكدة، إذ أنه لم يبق من كل هذه الأنواع عدا ثلاثة، وتتربع الروسيكاد على نسبة حوالي 90 بالمائة من الإنتاج من حيث الذوق والنكهة، فقد بينت التحاليل والأبحاث التي أجريت عن فراولة سكيكدة أنها الأكثر حلاوة عن باقي المناطق الأخرى رغم صغر حجمها وضعفها في المقاومة عن باقي الفراولة التي أصبحت تنتج بولايات أخرى والتي يلاحظ مستهلكوها أنها أكبر حجما بسبب الأسمدة المستعملة لكن أقل لذة بكثير، ففراولة سكيكدة تحوي أكثر قيمة من ناحية الفيتامينات لأن منتجوها لا يستعملون الأسمدة، فجيناتها تختلف تماما عن الأنواع الأخرى لأنها استطاعت أن تتأقلم مع مناخ المنطقة وأصبحت تقاوم حتى الطفيليات، إلا أن حجمها صغير وهي سريعة التلف ولا تتعدى مدة تخزينها اليومين، أما التيوغا التي أصبحت نسبة إنتاجها حوالي ال 10 بالمائة والدوغلاس ال 10 بالمائة فلهما حجم كبير نوعا ما وشكل جميل لكنهما تحملان نسبة عالية من الحموضة لتبقى من إيجابيات النوعين اللذين أدخلا المنطقة سنة 1970 في إطار الإرشاد الفلاحي من طرف معهد تنمية زراعة محاصيل الخضر مقاومة النقل وتحمل مدة التخزين التي تصل إلى أربعة أيام. هذا وتم إدخال نوع جديد بسكيكدة يسمى الكوندونغا التي جربت بالبيوت البلاستيكية. صعوبات جعلت الفلاح يفكر في التخلي عن الحرفة رغم ارتفاع عدد الفلاحين هذه السنة إلى 440 منتج، إلا أن منتجو الفراولة يعانون من مشاكل منها انعدام الطرق التي تؤدي إلى مناطق الإنتاج مما يحرم العديد من نقل منتوجهم إلى السوق في وقت قصير حتى لا تتلف الفاكهة، بالإضافة إلى انعدام الجرارات الفلاحية مما يضطرهم إلى تأجيرها بأموال باهضة، ناهيك عن مشكل التسويق، إذ يقوم الفلاح ببيع المحصول بالجملة وبأسعار منخفضة لتجار التجزئة خوفا من فساده، وهؤلاء يضاعفون السعر مرتين أو ثلاثة، وهو الأمر الذي أثار استياء المنتجين الذين يعتبرون العمل بهذه الفاكهة معيشتهم، حيث يساهم كل أفراد العائلة في عمليات الزرع والجني، ويبقى للمرأة النصيب الأكبر في هذه الحرفة لأنها تتطلب صبرا كبيرا. كل هذه المشاكل جعلت الفلاح يفكر في مغادرة الحرفة التي لم تعد تذر عليه أرباحا، بل وقد أصبح يصرف أكثر مما يربح، ورغم جملة المشاكل فقد وصل المنتوج سنة 2012 إلى 23100 قنطار بمعدل 83 قنطار في الهكتار بعد أن كان المنتوج سنة 2011 يقدر ب 22774 قنطار موزعة على 173 في الهكتار، فبمدينة سكيكدة وصل الإنتاج إلى 7840 قنطار، تمالوس 1170 هكتار، عين الزويت 4350 وبوشطاطة 600 هكتار. الفراولة من عائلة الورديات وليست الخضروات إن نبتة الفراولة لا تنتمي إلى الخضروات كما يعتقد البعض، ولكنها شجرة قزمة تنتمي إلى عائلة الورديات كالتفاح، الكرز، الخوخ... إلخ، بحيث تزرع الشتلات ابتداءً من شهر نوفمبر إلى غاية شهر جانفي على خطوط مستقيمة متباعدة فيما بينها بمسافة 80 إلى 90 سنتم، فيما تقدر المسافة بين الشتلة والأخرى ب 30 سنتم، وبهذه الطريقة يمكن للتربة أن تحافظ على كمية الماء الموجودة بالتربة وتجنب مخاطر الجفاف، أما الإنتاج فيبدأ مع بداية شهر أفريل إلى العاشر ماي لينقص خلال العشرة أيام الموالية ويستأنف بعدها إلى غاية جويلية، وبما أن مدينة سكيكدة تحتفل سنويا بعيد الفراولة يقع المسؤولون في بعض الأحيان في خطأ تحديد تاريخ الاحتفال فيكون الإنتاج بكميات قليلة وبأسعار مرتفعة تصل إلى 150 دج. إن طريقة نمو هذه الثمرة تكون بظهور السيقان المحملة بحبيبات الفراولة فجأة مما جعلها تلقب ب “Strew” وتعني باللغة الإنجليزية الخارجة من النبات، وهي كلمة انجلوساكسونية، إلا أن الكلمة حرفت مع مر السنين إلى كلمة Straw بمعنى التوت البري، فأصبحت تعرف ب Strawberry (ستروبري)، حيث ينمو نبات الفراولة بالقرب من سطح الأرض على سيقان تتجمع في مجموعات ثلاثية، أين تتغير الثمار البيضاء المخضرة اللون إلى الأحمر القاني في تمام نضجها بتساقط بتلات الأزهار ويبقى كأسها. فالفراولة في حقيقة الأمر ليست ثمرة كباقي الثمار، وذورها ترى خارج قشرة الفراولة لأنها لاتتكاثر بالبذور وإنما بالسيقان الجارية، فعادة ما تقطف الفراولة التجارية وهي في قمة طراوتها ومحتواها من العصير، كما يمكن أيضا أن تقطف قبل إتمام نضجها في حالة الرغبة في تخزينها وتصديرها بعيدا، فهي تبرد بمجرد قطفها بنصف ساعة، ويجب أن تحمل وتسوق في ساعات قلائل وعادة ما تباع في الأسواق خلال ثلاثة أيام أو أربعة على أكثر تقدير. الفراولة تساعد على التقليل من الأورام السرطانية أظهرت بعض الدراسات الأمريكية أن الفراولة غنية بالأملاح، الكالسيوم، الحديد والمواد السكرية، كما تحتوي أيضا على فيتامينات “ب،ج،ه، و،ك” السهلة الهضم التي تتوافق مع المعدة الضعيفة، حيث تؤكل الفاكهة الطازجة ويشرب عصيرها القلوي المذر للبول، هذا ويساعد عصيرها على بناء الأنسجة، منظف للدم، منشط للدورة الدموية ومضاد للسموم، منظم لإفرازات العصارة الصفراء ويستعمل ضد النزيف. الفراولة فاكهة تقلل من ظهور الأورام السرطانية خاصة وإن تم تناولها مع الثوم واللفت من خلال منع تشكل مجموعة من المركبات المسرطنة التي تعرف باسم “نايترو زوامينز”. أما لعلاج حروق الشمس فاستعمال كمادات من عصير الفراولة يساعد على ترطيب البشرة وعلاج التسلخات، وتدخل الفاكهة أيضا في تحضير الكثير من الأقنعة نظرا لمفعولها القابض لمسام الجلد والذي يناسب خاصة ذوي البشرة الذهنية، إضافة إلى أنه مفيد أيضا لمن يعانون من صفرة الأسنان، فيكفي أن يتناول الشخص عصير الفراولة بصفة متكررة للقضاء على هذا المشكل، وينصح أيضا بعدم تناول الفراولة للمصابين بالحساسية المفرطة، حيث يظهر على أجسامهم طفح جلدي بعد تناولها.