نشب أول خلاف بين الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة والرئاسة الممثلة في منصف المرزوقي، حيث رفض الأخير توقيع قرار تسليم البغدادي المحمودي آخر رئيس حكومة في عهد القذافي للمحاكمة في ليبيا، في الوقت الذي يقول رئيس الوزراء حمادي الجبالي أنه سيسلم دون توقيع الرئيس بشكل سيعقد وضعية التحالف بين الجانبين. وأعلن أول أمس حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية أن بلاده ستسلم المحمودي إلى ليبيا حتى دون توقيع المرزوقي قرار التسليم. واعتبر الجبالي أن دستور البلاد الصادر سنة 1959 والذي يحدد إجراءات تسليم المطلوبين للعدالة خارج تونس، تم تعليقه بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وأن المحكمة الإدارية التونسية أبلغت الحكومة أنه «ليس ضروريا» توقيع الرئيس على قرار تسليم المحمودي قبل ترحيله. ورفض الرئيس التونسي منصف المرزوقي في مقابلة مساء الخميس مع تلفزيون «حنبعل» التونسي الخاص «معارضته المبدئية» لترحيل المحمودي إلى ليبيا في «الظروف الراهنة». وقال المرزوقي «لا يمكن أن أوقع الترحيل بحق شخص قد يتعرض للتعذيب أو للقتل أفضل أن يسلم (المحمودي) إلى حكومة منتخبة من قبل الشعب الليبي». وجاء موقف المرزوقي متناغما مع موقفه سلفه فؤاد المبزع الذي رفض بدوره توقيع قرار التسليم، مبررا ذلك بخشيته من تعرض المحمودي إلى «التعذيب» أو «القتل» مثلما حصل مع القذافي. ويعد ملف المحمودي أول قضية تشكل خلافا حادا بين الرئاسة والحكومة التونسيتين بعد أشهر من عقد تحالف ثلاثي بين حركة النهضة التي تقود الحكومة ورئيس حزب المؤتمر سابق منصف المرزوقي الذي تولى منصب الرئيس، فيما عادت رئاسة المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر أمين عام حزب التكتل. ودعمت منظمات حقوقية تونسية ودولية موقف المرزوقي وقالت، إن تسليم المحمودي على ليبيا في الوقت الراهن قد يعرض حياته للخطر فضلا عن عدم وجود شروط المحاكمة العادلة. ويقبع البغدادي المحمودي بسجن المرناقية قرب العاصمة تونس منذ اعتقاله في 21 سبتمبر 2011 جنوب البلاد عندما كان يحاول التسلل إلى الجزائر. وأصدرت محكمة الاستئناف في تونس في الثامن والخامس والعشرين نوفمبر 2011 حكمين منفصلين بتسليم البغدادي المحمودي إلى ليبيا. وحذر المحامي مبروك كورشيد رئيس هيئة الدفاع عن رئيس الوزراء الليبي السابق في مؤتمر صحافي أمس من أن تسليم المحمودي دون توقيع الرئيس يعني «اغتيال القانون التونسي واغتيال المحمودي». وقلل كورشيد من مصداقية لجنة حقوقية تونسية زارت ليبيا مؤخرا للتأكد من توفر ضمانات محاكمة عادلة للمحمودي قبل تسليمه.