يعتبرالحلزون من الأغذية غير المرغوب فيها بالنسبة للكثير من الأشخاص، وقد كان مقتصرا في وقت ما على فنون الطبخ الغربي إلا أن قيمته الغذائية وفوائده العلاجية جعلتهم يجربون تناوله أو استعماله لأغراض أخرى حتى التجارية منها. رغم أنّ الحلزون من الأغذية غير المعروفة بالنسبة للبعض باعتباره يثير التقزز لديهم، إلاّ أنّ سكان العديد من المناطق الريفية اتخذوا من تجارته وسيلة لكسب الرزق، وهذا ما لاحظناه في زيارتنا لرويبة شرق العاصمة، أين يمتهن بعض شباب المنطقة جمع الحلزون وبيعه للزبائن المارين من هناك، حيث يعدّ هذا الحيوان بالنسبة لهم وسيلة سهلة لتوفير بعض المال. اقتربنا من أحد البائعين الذي أكد لنا أنه يقوم بجمع الحلزون من المزارع المجاورة أين يتواجد بكميات كبيرة، وهذا ما جعله يستغّله ليكون المادة الأساسية التي تقوم عليها تجارته خاصة بعد فشله في الحصول على منصب عمل، أما عن أسعار الحلزون فيقول محدثنا أنها تبقى جد منخفضة إذا ما قورنت بأسعار اللحوم الأخرى، حيث تتراوح بين 250 و260 دينار للكيلوغرام. ولم يقتصر بيع الحلزون على الشباب بل حتى الأطفال وجدوا ظالتهم في تجارته وهذا ما شاهدناه بأحد الشوارع المقابلة للأراضي الزراعية بالرويبة أين كان البعض منهم يفترشون أرصفة الشوارع عارضين أنواعا وأحجاما مختلفة من الحلزون ومحاولين إقناع الزبائن المارين بالشراء، فيما يعمد آخرون إلى جمع الحلزون بنفس المنطقة ليقطعوا بعد ذلك مسافات طويلة معرضين أنفسهم لخطر التعرض لحادث مروربقطع الطريق السريع بحثا عن أي شخص يشتري منهم تلك الكمية. هذا ما أخبرنا به “أمين” 12 سنة مؤكدا أن ظروف عائلته المزرية دفعته للبحث عن أي طريقة لمساعدتهم، ولم يجد أي خيار للعمل سوى تجارة الحلزون بعد أن لاحظ توفره بشكل كبير في الحقول القريبة من مقر إقامته، وأضاف أنه يقطع مسافات طويلة ليصل إلى إحدى الشركات التي يتواجد بها عمال صينيون والذين يعتبرون زبائن دائمين نظرا لإقبالهم بشكل كبير على استهلاك الحلزون. المغتربون أكثر الزبائن إقبالا على شراء الحلزون وبخصوص تقدير الباعة لإقبال الناس على شراء الحلزون، فقد أكدوا أن أغلب زبائنهم هم من المغتربين الذين قد تعودوا على تناول الحلزون، حيث يشكل الحلزون المادة الأساسية في الكثير من الأطباق التي تعودوا على تحضيرها. أما عن السكان المحليين فقلما يقبلون على اقتناء الحلزون باستثناء بعض المارة ممن يستهويهم الحلزون ويريدون تجربته، خاصة أمام محاولات البائعين لإقناع المارة بلذته وحتى فوائده وهنا تمكن “شطارة “ كل بائع في استقطاب الزبائن، ولمعرفة وجهة نظر بعض الفئات في تناول الحلزون تحدثنا مع البعض فتضاربت الآراء بين محبذ ورافض للحلزون كمادة غدائية، منهم “سليمة” التي أخبرتنا أنها لم تتذوق الحلزون في حياتها لأنها تتقزز من شكله والسائل اللزج الذي يفرزه وحتى رائحته الكريهة وأنه من سابع المستحيلات أن تتناوله حتى وإن كانت له فوائد غذائية، والأمر يختلف بالنسبة ل “سامي” الذي صار يتلذذه بعدما اقتنع بفوائده. الحلزون مادة أساسية في العديد من المطاعم تعتمد بعض المطاعم بشكل كبيرعلى الحلزون في تحضير الأطباق المستوحاة من فنون الطبخ الأوروبي، وهذا ما حدثنا عنه “كريم” صاحب أحد المطاعم بدالي إبراهيم وحسب نظام عمل مطعمه فإنه يحضر معظم أطباقه بالحلزون، ويحاول التنويع منها وتزيينها بشكل جميل لتنال إعجاب رواد المطعم خاصة البيتزا المزينة بالحلزون ليضفي بذلك بعض التغيير والتجديد في نفس الوقت، وقد جذب طعم الحلزون اللذيذ الكثير من الزبائن الذين أرادوا أن يجربوا تناول أطباق مختلفة منه والتي نالت إعجابهم بشهادة صاحب مطعم الذي أوضح في سياق حديثه أن طريقة الطهي وحدها هي الكفيلة بإعطاء طعم لذيذ ونكهة مميزة لطبق من الحلزون. وبالرغم من أن الحلزون يحمل الكثير من الفوائد سواء من الناحية الصحية أو الجمالية، إلا أنه يظل غائبا عن موائد بعض العائلات التي تعتبره من الأغذية المثيرة للتقزز، فيما يجده آخرون من الوجبات الغريبة التي يبتعدون عن تناولها، ويراها البعض الآخر من الأغذية المتدنية التي لا أهمية لها.