في ظل موجه الإستثمارات الأجنبية التي تعرفها الجزائر عرفت العاصمة انتشارا واسعا للمطاعم الشرقية و الآسيوية بعد أن كان الإهتمام منصبا على الأكل الغربي، فنظرا لتميز هذه المطاعم بحسن الإستقبال و النظافة أصبحت معصد كثير من الزبائن سيما منهم الشخصيات المرموقة في المجتمع.دفعت الرغبة بعض الجزائريين و الأجانب في معرفة نكهة الأكل الأجنبي وخصوصا الشرقي و الآسيوي إلي ارتياد المطاعم الأجنبية، ففي العاصمة منها المطاعم اللبنانية و السورية التي ملأت رائحة أطباقها الأجواء المحيطة بها.مطعم "الداتة" بدالي ابراهيم المختص في المأكولات الشرقية و الخليجية الذي يشرف عليه أمهر الطهاة، واحد من المطاعم الأجنبية الهادفة إلى التعريف بهذا النوع من الأكل في "المغرب العربي، وذلك من خلال تلبية رغبة الزبون و الحفاظ على راحته بالإستقبال الجيد ونظافة الطبخ و المحيط.وفي هذا الصدد يقول صاحب مطعم "الداتة" ابراهيم عبيد أن أكثر ما يتميز به مطعمه عن غيره من المطاعم الشرقية بما فيها الخليجية، رغم أنه يهتم بالطبخ الفلسطيني أكثر كما أن الطباخين لديهم شهادات عليا في الفندقة وهم من سوريا و لبنان.وأوضح المثحدث أن هذه أول تجربة له للإستثمار في المطاعم حيث أن الإقبال على الأكل الشرقي ناقص ولا توجد رغبة لدى الشباب هنا في تعلمه وحتي لو تلقى تكوينا فيه لمدة 6 أشهر فذلك غير كاف، لأن المدة لا تسمح بإكتشاف الكثير ولأن المكونين تنقصهم خبزة واسعة وهو ما جعله يستغي عن طباخين جزائريين عما أنه طلب من وزارة التضامن أن تبحث له عن من لديهم حذة الخبرة، وعن ما إذا كان هناك إقبال على مطعمه أم لا أكد السيد إبراهيم عبيد، أن نكهة الطبخ الشرقي الأصيل جعلت الديبلوماسيين بالسفرات وأصحاب الشركات و المستثمرين يقبلون عليه ليلا و نهارا، وزاد هذا الإقبال في الصيف عكس ما كان يتوقعه‘ فرغم سفر كثير من المشارقة إلى بلدانهم وتوجه الجزائريين إلى البحر إلا أن ذلك لم يمنع السياح و أبناء الجالية الجزائرية بالمهجر الذين قدموا إلى أهلهم من التردد عليه لإكتشاف ما يرغبون فيه من أطباق خاصة منها المقلوبة الأردنية و الكبسة السعودية وبعض المقبلات كالمتبل بالحمص، والفول مدمس، وحسب مدير هذا المطعم فإن الأكل دائما قابل للتغيير حسب رغبة الزبون مع التركيز على 160 نوع من الطعام و السرعة في التحضير بفضل شباب لديهم تكوين جيد وتقدر ثمن الوجبة المكونة من المقبلات، العصير، والشربة وبعض الأطباق الأخرى بحوالي 1950 دج.وقال إن العناية بالأكل وطريقة التقديم تقنية مفروغ منها، وعلينا اتباع تقنية مطعم "الدانة" وهي كلمة تعني اللؤلؤة السوداء. وسمي عليها لندرة هذا الحجر الكريم، كندرة مطعم شرقي بالجزائر له نفس الخصائص مع هذا المطعم بقاعات خاصة بالعائلات طابع شرقي مميز، ويباشر مهامه بالجمعة و الأعياد كما فيه مأكولات حسب الطلب على مدار اليوم مما جعله يستقبل من 50 إلى 60 زبونا يوميا و المطعم مصنف حسبه لدى وزارة الساحة الجزائرية ضمن مطاعم 4 نجوم.من جهته أكد مسير مطعم "أرزة لبنان" ببوقرة بالأبيار حكيم، أن الجزائريين بعد تعاملهم مع المشارقة وبعض الدول الأسيوية و السفر إلى مثل هذه الجهات دفع رغبتهم في التذوق نكهة أكلهم، وفي المقابل فإم كثيرا منهم أصبحوا مولعين بالشوارما، و الكبسة و الحمص المتبل وكذا الأرز بالمرق، فلافل وهي مجموعة من الخضار مغلية في الزيت، وتحتوي بكثرة على الحمص و الشيش كباب، وهي أكلات شرقية عرفية رواجا في الآونة الأخيرة بفضل نكهة توابكها.وأضاف أن الأوروبيين هم أيضا لديهم الرغبة في أكل الأطباق الشرقية وفضولهم في معرفته لا يقل عن الجزائريين. حيث تمكنت كثير من المطاعم الأجنبية و الشرقية على وجه الخصوص المتواجدة في كل من دالي ابراهيم الشرقية، بن عكنون، الأبيار، من فرض وجودها بين المطاعم الجزائرية هذه الأخيرة التي يرى فيه السيد حكيم سمير مطعم "أرزة لبنان" أنها فقد قيمتها لقلة النظافة وسوء الإستقبال. للمطاعم الآسيوية عالم غريب يدفع الفضوليين لإقتحامه رغم حداثة الاستثمار الآسيوية في بلادنا إلا أنه حقق نتائج مشجعة لأن نفتح فضاءات خاصة بالعادات و التقاليد الخاصة بالآسيويين أهمها الألبسة وهو ما شجع أنها على فتح مطاعم خاصة بأكلاتهم. فبعد المطاعم الصينية و اليابانية فتح مطعم تيلندي بدرارية، زرنا هذا المطعم بعد عام و 7 أشهر من عمله فبحرد أن تدخله يتهيأ لك أن قدمك وطأت بلد تبلندا وغادرت الجزائر لتدخل عالما آخر أقل ما يقال عنه أنه غريب.تستقبل بلباس هذا البلد، وطريقته الخاصة وموسيقي أسيوية رقيقة. وديكور بيلندي أصيل يغلب عليه اللون الأصفر و الأخضر، وكأنك في تيلندا من الزبائن الذين وجدناهم هناك المحامية المعروفة السيدة بن براهم و التي عبرت لنا عن شعورها وسط جو راق ومنفرد ويعود هذا الفضل إلى سيدة تيلندية تزوجت مع جزائري ولدى زيارتها للعاصمة لاحظت أن هناك إنعدام ثقافة خاصة بأكل بلادها رغم وجود مطاعم أسيوية وهذا ما أكده لنا المشرف على المطعم عبد الغني المتحصل على شهادة في الفندقة من معهد تيزي وزو، و الذي أوضح لنا أن طعم الأكل التيلندي يختلف تماما عن الياباني و الصيني ويتبع إزدواجية الذوق الحلو و الحامض، وتعتمد على توابل وبنايات خاصة بالمنطقة تأتي خصيصا من تيلندا. وعن أشهر الأطباق قال عبد الغني الذي لا ييتجاوز سنه 30 سنة أن أكثر ما يشق فيه الجزائريون هو طبق الكوباتي وهو أرز بالجمبري وبعض الأسماك ممزوج بأنواع من المرق، وكذا أطباق اللحوم و الأسماك المعطرة بالتوابل التيلندية وشربة فواكه البحر المضاف لها الثوم و اليقدنوس ذات الذوق الحال.وفي هذا السياق تفاعلت الخادمة التيلندية التي تستقبل الزبائن حسب كلامها الذي ترجمه عبد الغني بمستقبل أكل بلادها في الجزائر، وقالت إن الجزائريين شعب متذوق وله قابلية في اكتشاف الطبخ الأجنبي، وهذا راجع لفضولهم من جهة وسفرهم مؤخرا إلى القارة الصفراء. القانون لا يسمح لهذه المطاعم بتقديم ما هو متنافي مع عقيدتنا ولدى معرفة مدى ثقة الزبائن الجزائريين في الأكلات الآسيوية، أخذنا برأي من وجدناهم هناك، وأولهم المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، حيث أكدت لنا بأن القانون الجزائري لايسمح للمطاعم الأجنبية بتقديم اللحم الحرام أو أشياء متناقصة تماما مع معتقداتنا مشيرة إلى أن هؤلاء سيتعرضون لمتابعة قضائية في حال ما إذ ماخالفوا ذلك وقالت السيدة بن براهم أن الشيء الوحيد المسموح لهم هو التوابل و النباتات الخاصة بهم وحسب ماقدم لها في هذا المطعم فإن أكثر ما يستعمله التيلنديين في الأكل هو نبات سكنجبير وبطريقة تختلف عن الجزائريين.وعبرت المتحدثة عن الطمأنينة و الراحة قائلة لكل واحد ذوقه، ولكن لطعم الأكل التيلندي نكهة خاصة كما أنك نشعر في أماكن مثل هذه بالرقي و الإحترام عكس المطاعم الجزائرية التي بدأت تسودها الفوضي وسوء التسير وقلة النظافة، ونضيف أن أكثر ما أعجبني في طبق الأرز بشرائح لحم البقر هو عدم التماس ذوق الدسم وأنا تذوقت الأكل الصيني وأعمد لتذوق كل الأطباق الأجنبية بهذف المقارنة وفي سياق متصل ترى صديقتها أشواق، أن المكان يسافر بها إلى تيلندا دون تأشيرة ويشعرها بأجواء هذا البلد خاصة مع وجود الموسيقى الخاصة به.أما نور الياقين المترددة على هذا المطعم التيلندي فإنها وجدت فيه راحة نظرا لأن المطاعم الأجنبية حسبما لا يرتادها إلا الشخصيات المرموقة.وتسعي حسب تأكيدها إلى إكتشاف الطبخ الأجنبي من خلال ارتيادها لهذه المطاعم حيث تعتبر ذلك ثقافة تطلع لهضم كل تقاليد العالم.عندما أدجرينا هذا الروبورتاج أكد معظم من التقيناهم أن المطاعم الأجنبية فرصة سائحة لجعل المطاعم الجزائرية تقف أمام حقيقتها.