أضحت مدينة سطيف خلال السنوات الأخيرة وجهة مفضلة لآلاف المواطنين القادمين من مناطق الجنوب، الذين يحلو لهم قضاء عطلتهم الصيفية في ربوع هذه المدينة التي تزخر بالعديد من المعالم الأثرية والتاريخية على غرار معلم عين الفوارة - ذي الشهرة الوطنية وحتى العالمية، وكذا السوق البيزنطي وقلعة التسلية والترفيه والمسجد العتيق وغيرها من المعالم الأخرى التي تستهوي الزوار. شهد مطلع شهر جوان الجاري توافد المئات من العائلات على المدينة قادمة بصفة خاصة من مناطق ولايات بسكرة ووادي سوف والمسيلة والأغواط، وذلك لقضاء عطلتها الصيفية التي تمتد عادة إلى غاية نهاية شهر أوت، وهي عادة أصبحت متجذرة في أوساط هذه العائلات التي أصبحت تفضل عاصمة - الهضاب العليا - على غيرها من مدن الوطن بما فيها الساحلية. وتأتي ولاية بسكرة على رأس باقي الولايات المذكورة من حيث عدد الزوار الوافدين بسطيف، حيث يقدر عددهم كل صائفة - حسب المعطيات المتوفرة بأزيد من أربعين ألف زائر تتواصل إقامة الكثير منهم إلى غاية نهاية فصل الإصطياف، أي مع إطلالة الدخول الاجتماعي والمدرسي. ويلجأ معظم هؤلاء الزوار إلى كراء بيوت الخواص للإقامة فيها طوال تواجدهم بالمدينة، وهي عادة ترسخت مع مرور السنوات في نفوس هؤلاء الذين أصبحت تربطهم بأبناء المدينة علاقات حميمية وصلت إلى حد المصاهرة، وهي من إيجابيات هذه الظاهرة الإجتماعية. ويقدر عدد البيوت التي يغادرها أهلها كل صائفة ليقيم فيها هؤلاء الزوار بأكثر من ألف منزل موزعة بصفة خاصة عبر الأحياء الموصوفة بالشعبية، مثل حي يحياوي وكعبوب وبوسكين والهواء الطلق وبونشادة وأولاد ابراهم. ويفضل هؤلاء الوافدون الإقامة بهذه الأحياء لتوفرها على منازل جماعية - أي ما يصطلح عليه بالحارات، وهو ما يلائم طبيعة هؤلاء الزوار المنحدرين كما سبقت الإشارة إليه من مناطق الجنوب، فيما تحبذ بعض العائلات الميسورة الحال الإقامة بالأحياء الراقية مثل حي دالاس والشيمينو وبومرشي، وهي الأحياء التي يتشكل معظمها من فيلات مع المرافق الضرورية، ونظرا لتنامي الطلب على كراء المنازل فإن أصحابها كثيرا ما يفرضون أسعارا مبالغ فيها تصل حد الثلاثة ملايين سنتيم للمنزل الواحد ذي ثلاثة غرف، فيما يتضاعف هذا السعر بالنسبة للأحياء الراقية وعلى غرار حي دالاس المعروف والذي يستهوي عادة رجال الأعمال وأصحاب المهن الحرة. غير أن ما يلاحظ في هذا الشأن هو ضعف الإقبال على الفنادق المنتشرة عبر ربوع المدينة نظرا لأسعارها الملتهبة - حسب تعبير أحد الزوار القادم من منطقة طولقة بولاية بسكرة حيث يصل سعر الغرفة إلى نحو 5000 دج جزائري، أي بعملية حسابية بسيطة فإن تكلفة شهر تكلف صاحبها مبلغ 15 مليون سنتيم. وعملا على توفير الأجواء المريحة لزوار عاصمة الهضاب العليا فقد بادرت السلطات المحلية إلى تهيئة وتأهيل العديد من المرافق الترفيهية والأثرية، على غرار حديقة حي التليجان وحي الهضاب وكذا الفوارات الواقعة بالمدخلين الغربي والشرقي للمدينة إلى جانب إدخال العديد من الألعاب التي تستهوي الأطفال بصفة خاصة، على مستوى قلعة التسلية والترفيه التي يؤمها يوميا آلاف الزوار من داخل وخارج الولاية. وفضلا عن ذلك فقد عرفت المدينة في الآونة الأخيرة تنفيذ عدة عمليات للتهيئة العمرانية والتحسين الحضري، تمثلت أساسا في تعبيد وإعادة تأهيل عدة طرقات وإقامة مواقف لحافلات النقل الحضري، وإنشاء مساحات خضراء وإقامة فضاءات للعب الأطفال، حيث كلفت هذه العمليات ما يفوق ال 30 مليار سنتيم.