خصصت ولاية الجلفة أكثر من 24 مليار سنتيم لتوفير 59 ألف قفة رمضان ستوزع على مستوى بلديات الجلفة ال 36 باستثناء بلدية عاصمة الولاية، بيد أنّ كثير من الانتقادات وُجهت إلى العملية، إذ يتحدث مراقبون عن قيام مسؤولي لجنة الشؤون الاجتماعية بحرمان العديد من العائلات الفقيرة والمعوزة المنتشرة عبر أحياء المدينة لأسباب لا يعلمها إلا المعنيين. اقتصر الفعل التضامني بمدينة الجلفة على فتح 12 مطعما للرحمة موزعة على أحياء المدينة مخصصة لعابري السبيل والعائلات الفقيرة بهذه الأحياء السكنية، وتوزع هذه المطاعم ما يربو عن 2800 وجبة يومية ساخنة، حيث تم تخصيص غلاف مالي جاوز 27 مليون دينار لتمويل عملية جند لها حوالي 600 موظف بين عامل ومتطوع. الغريب، أنّ عملية إحصاء حديثة شملت الأحياء السكنية والبلديات بالجلفة، توصلت عند 96 ألف عائلة معوزة وهو رقم يناقض الواقع بكثير، في وقت لا يستسغي متابعون لسيرورة الفعل التضامني بهذه الولاية السهبية، ما يسمونها “قفف الذل” التي لا تكفي بنظرهم لتلبية حاجيات عائلات تعيش تحت عتبة الفقر خصوصا بالبلديات والمناطق النائية جنوب الولاية، وهي البلديات التي لم تستفد من قففها لحد الآن على الفقراء والمعوزين، ومنهم من يريد تحقيق مكاسب انتخابية من خلالها لتجنيد الدعم للاستحقاق المحلي القادم، بعد أن جعلوا من قفة الزوالية وسيلة للترويج لأطماعهم السياسية الضيقة. وطالب سكان بلدية الجلفة“المدينة” من السلطات المحلية تخصيص قفف رمضانية لهم لحفظ ماء وجههم وكرامتهم التي تهان يوميا، ويفضل المعوزون نيل حصصهم من القفف بدل الوقوف في طوابير عريضة بمطاعم الرحمة في هذا الفصل الحار. مطاعم الرحمة “بلا رحمة” مباشرة بعد صلاة العصر، تتجه جموع المواطنين من نساء وشيوخ وحتى أطفال نحو مطاعم الرحمة للحصول على ما يشبه “الشربة” من مياه ساخنة، وتتحول الفضاءات المحاذية لهذه المطاعم إلى طوابير طويلة عريضة كل واحد بيده إناء وسط تذمر خانق. المشهد تقشعر له الأبدان، سيما مع وجود أطفال أبرياء في عمر الزهور ينتظرون ما تجود عليهم البلدية من وجبات ساخنة وسط عذاب مرير، هو أشبه برائعة البؤساء للكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هيغو، أو المعذبون في الأرض لطه حسين. وكما قال أحدهم “الميزيرية تمشي على رجليها”، في وقت يتجول المسؤولون في سيارات فارهة مكيفة يطلون من حين لآخر على “المرميطة”، ويسألون عن السلع هل وصلت كاملة أم هناك ما ينقص، ومن حين لآخر يوزعون ابتسامات لامتصاص غضب وتذمر المئات من المواطنين الصائمين المحتسبين الواقفين في طوابير “الذل” وسط تدافع شديد مباشرة بعد دخول الخامسة زوالا موعد البدء في توزيع الوجبات على المواطنين. هذه الوجبات تتكون في الغالب من حساء ساخن يشبه إلى حد كبير “الشربة”، وتكون خالية طبعا من اللحم أو الشحم وحتى العظم لا وجود له، إضافة إلى طبق ثان غالبا ما يكون حبات زيتون أخضر تسبح في مياه عكرة من مرق الدجاج وخبزات وعلبتان من الياغورت وكفى... في صور معاناة تتكرر على مدار أيام رمضان.