هي لحظات وقفنا خلالها على المعاناة التي يواجهها مرتادو مطاعم الرحمة الستة المنتشرة عبر بلدية الجلفة، على مستوى غالبية الأحياء الفقيرة والمحرومة بعد أن عمدت مصالح البلدية ولجنة شؤونها الاجتماعية إلى إحصاء الأعداد اللازمة التي تستفيد من هذه المطاعم بميزانية قدرت ب 800 مليون سنتيم تصرف على إعداد وجبات ساخنة، تقدم إلى الفقراء والمحتاجين. أول ما لمسناه عند تجوالنا عبر مطاعم الرحمة ببلدية الجلفة، هو ذلك الاستياء والتذمر الناتج عن الازدحام والمعاناة التي يكابدها الفقراء والمعوزون، خاصة الأطفال والنساء والذين يشكلون الغالبية العظمى لمرتادي مطاعم الرحمة في عز شهر رمضان، إذ يصطف هؤلاء مباشرة بعد صلاة العصر في شكل طوابير، تحت أشعة الشمس الحارقة بهذه المراكز التي تشكل إحدى الخروقات الكبرى لكرامة الفرد الجزائري المعروف عنه التآخي والتآزر والتضامن في يوميات الشهر الفضيل، حيث غابت صور الرحمة عن المطاعم وحلت محلها صور العذاب والمعاناة، التي تدوم لساعات طويلة من أجل الفوز بوجبة لا تسمن ولا تغني من جوع، نظرا لمحدودية تركيبتها التي هي عبارة عن حساء ساخن به ''جلود'' بعض الدواجن حتى لا نقول لحم دجاج، إضافة إلى وجبة عادية متواضعة تكون في الغالب حساء زيتون به قطع صغيرة من الدجاج وخبزتين إلى أربعة، على حسب حجم العائلة وعدد أفرادها. وأمام هذا الوضع سجلنا تذمر واستياء غالبية الموجودين، رجالا ونساء، وحتى الأطفال، حيث أشاروا إلى أنهم يكابدون أشد المعاناة من اجل الفوز بشبه وجبة ساخنة وذلك على حساب كرامتهم وعزتهم التي غالبا ما تنتهك من طرف القائمين على هذه المراكز من عمال ومسؤولين في غياب أدنى صور التراحم والتعاطف. وحسب أراء بعضهم، فالكل كان ينتظر أن يتلقى مساعدات نقدية بدل قفة رمضان أو ''مطاعم العار'' كما سموها مثلما هو الشأن في باقي البلديات عبر التراب الوطني والتي فضلت تخصيص هذه المساعدات وتقديمها على شكل صكوك بريدية على مستحقيها، بعد عملية إحصاء وتدقيق لحصر قائمة المعوزين والفقراء الذين تشملهم هذه المساعدات التي أضحت ببلدية الجلفة معاناة بأتم معنى الكلمة، وكأنها صدقة من جيوب القائمين على الجانب الاجتماعي في بلدية مقر ولاية هي الرابعة وطنيا من حيث تعداد السكان!؟