بقلم : فراس الطيراوي – عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام / شيكاغو بادئ ذي بدء نقول ؛ للمطبعين والمهرولين، إن الكيان الصهيوني سيبقى كيانا محتلا، مهما طبعتم وتنازلتم ايها المنبطحون ؟ وهنا ينطبق عليكم قول شاعرنا العربي نزار قباني طيب الله ثراه، في قصيدته الخالدة، ” الحب و البترول” : ” فبعت القدس بعت الله بعت رماد أمواتك/ كأن حراب اسرائيل لم تجهض شقيقاتك / ولم تهدم منازلنا ، ولم تحرق مصاحفنا ، ولا راياتها ارتفعت على أشلاء راياتك / كأن جميع من صلبوا على الاشجار في يافا وفي حيفا وبئر السبع ليسوا من سلالاتك / تغوص القدس في دمها ، وأنت صريع شهواتك / تنام كأنما المأساة ليست بعض مأساتك / متى تفهم ، متى يستيقظ الانسان في ذاتك . جاءت القصيدة على لسان امرأة عربية حرة حاول الامير النفطي ان يغويها بماله وامتيازاته ، و نجحت في تشريح حياة الامير تشريحا دقيقا “متى تفهم بانك لن تتملك الدنيا بنفطك وامتيازاتك / وبالبترول يعبق من عباءاتك / وبالعربات تطرحها على قدمي عشيقاتك / بلا عدد ، فأين ظهور ناقاتك / واين الوشم فوق يديك اين ثقوب خيماتك / أيا متشقق القدمين يا عبد انفعالاتك” . وفي جزء آخر من القصيدة الخالدة ، قدم نزار قباني على لسان المرأة العربية وصفا دقيقا للامير النفطي “متى تفهم / أيا جملا من الصحراء لم يلجم / بأني لست من تهتم / بنارك او بجناتك / وان كرامتي أكرم / من الذهب المكدس بين راحاتك / وان مناخ افكاري غريب عن مناخاتك / أيا من فرخ الاقطاع في ذرات ذراتك / ويا من تخجل الصحراء حتى من مناداتك / تمرغ يا امير النفط فوق وحول لذاتك / كممسحة ، تمرغ في ضلالاتك / لك البترول فاعصره على قدمي خليلاتك . بناءً على ما تقدم التطبيع خيانة وعار بكل ما تعنية الكلمة من معنى ! ومعناه هو بناء علاقات رسمية وغير رسمية، سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واستخباراتية مع الكيان الصهيوني، والتطبيع هو تسليم للكيان الصهيوني بحقه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية، وهكذا يكون التطبيع هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق. والتطبيع يعني جعل ما هو غير طبيعي طبيعياً، ولا يعني بالضرورة إعادة الأمور إلى طبيعتها كما يذهب البعض. وفي علم الإحصاء وقواعد البيانات ثمة مصطلح علمي هو “تطبيع البيانات”، بمعنى جعل البيانات الإحصائية أكثر قابلية للاستخدام في البرمجة والتحليل (Normalization of Data) مما هي في حالتها الخام قبل تطبيعها. بالتالي، لا ضرورة للإصرار على استخدام مقاومة الصهينة بدلاً من مقاومة التطبيع، باعتبار التطبيع يمثل “عودة مزعومة لوضعٍ معين كان يوماً ما طبيعياً”، كما يذهب بعض الأصدقاء والزملاء الكرام بكل حسن نية. فالتطبيع هو جعل العلاقات طبيعية بين طرفين ليست العلاقات بينهما طبيعية حالياً، سواءٌ كانت طبيعية سابقاً أم لا… ولا حرج بالتالي من إطلاق تعبير “مقاومة التطبيع” على من يقاومون جعل العلاقات طبيعية بيننا وبين الكيان الصهيوني. رغم كل هذا يتم التحضير لمؤتمر اقتصادي وسياسي، تنظمها دويلات الخليج العربي بشكل عام، ومملكة العار ( البحرين) بشكل خاص تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ، بإيعاز من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، و بتوجيه من الصهيونية العالمية ، لدعم الكيان المارق الذي اسمه ( إسرائيل ) وتمويل صفقة القرن المزمع الإعلان عنها قريبا، والهدف من هذا كله هو ارضاء سيد البيت الأبيض من اجل الحفاظ على مصالحهم وعروشهم، حتى ولو كان على حساب القضية وعذابات الشعب الفلسطيني ، فهذا المؤتمر بحد ذاته تعبير عن حالة التردي والذل والهوان التي وصلت إليها تلك الأنظمة المنبطحة، الذليلة، ،فالمؤتمر سيعقد تحت شعار (السلام من أجل الازدهار) أي ازدهار هذا ؟ الذي يريد من الفلسطيني والعربي التسليم بالأمر الواقع، وبيع فلسطينوالقدس والتنازل عن حق العودة، وتقرير المصير مقابل المال، متى سيفهم هؤلاء أولاد الحرام ان فلسطيننا وقدسنا ليست { للبيع} لانها كانت ومازالت وستبقى بوصلة الأحرار والثوار، ومهد الديانات ومسرى الأنبياء، وموطن العبادات، اصطفاها الله سبحانه وتعالى واجتباها واختارها وشرفها وكرَّمها وأعلى شأنها ومنزلتها الى يوم تبعثون، متى سيفهم هؤلاء انها ستبقى محور الصراع بين الحق والباطل: من تأمل التاريخ واستقرأ الأحداث يجد أن مدينة القدس هي نقطة وعنوان ومرتكز ومحور ولُب وأصل الصراع بين الحق والباطل قديما وحديثا إلى قيام الساعة ! متى سيفهم هؤلاء انها معيار رُقي ورفعة الأمة: فإذا ما أرادت الأمة الرقي والرفعة والمكانة والسؤدد فعليها حيازة القدس ضمن حياضها،متى سيفهم هؤلاء الذين ينون الاجتماع في المنامة انه لا يستطيع قرار من أي شخص مهما علا شأنه أن يسلب حقاً ويمنحه لمن لا يستحق، وان صفقة القرن ( العار ) لن تمر وسيتصدى لها شعب الجبارين والقيادة الفلسطينية، وكل الاحرار في العالم بكل عزيمة واصرار،لانها تهدف بالأساس الى تصفية القضية الفلسطينية، وإلغاء الحقوق الوطنية والتاريخية والإنسانية، وإعطاء القدس لبني صهيون الذين أقاموا كيانهم المسخ على انقاض فلسطين. ختاما : مازلنا نعيش الأمل رغم كل المؤامرات التي احكيت ضدنا وستحاك، والأمل فينا لا يموت، وقلوبنا تصدح بالإيمان بأن النصر قادم لا محالة، ورحم الله من قال: “الفجر الباسم قادم من قلب الليل الجاثم وربيع الأمة آت من بعد شتاء قاتم”.