تعرف منطقة تيزكوك في أدرار، منذ سنوات ليست بالقليلة عزلة تامة ونقصا كبيرا في جميع المرافق الضرورية كالصحة والتربية والنقل والبريد وغيرها، مما جعلها منطقة مصنّفة ضمن المناطق المهمّشة إذ حطمت رقما قياسيا في ارتفاع البطالة لدى الشباب وهذا بسبب غياب المشاريع التنموية وانعدام فرص العمل، مما عجّل بالهجرة الجماعية لهؤلاء الشباب نحو المدن الكبرى بحثا عن فرص العمل. هذه الأوضاع تركت استياءً وتذمرا كبيرين بين السكان خلال الأعوام الماضية، رغم أن هذا المنطقة تعتبر إحدى المناطق الثورية التي شهدت أبرز المعارك في الجنوب الجزائري خلال حرب التحرير، إلا أنها لم تذق طعم الاستقلال فيما يبدو. على بعد 280 كلم شمال عاصمة الولاية أدرار تقع دائرة تيزكوك وتتربع على مساحة 28244 كلم2 وبتعداد سكاني، قدّر حسب الإحصاء العام الأخير بأزيد من 18 ألف نسمة، موّزعين بين بلديتي تيزكوك وقصر قدور المشكلة للدائرة. واستفادت دائرة تيزكوك مع مطلع سنة 2000 من مشاريع تنموية عرفت من خلالها انتعاشا في بعض القطاعات الهامة، حيث استفادت هذه الدائرة النائية من عشرة 10 مشاريع، أو عمليات خاصة بشبكة المياه وتجهيزاتها، حيث فاقت التكلفة المالية المخصصة لها مبلغ 18.5 مليون دينار. إلا أن النقل المدرسي يبقى من أكبر المشاكل التي يعاني منها التلاميذ خاصة وأن الكثيرين منهم لا يلتحقون في معظم الأحيان بمدارسهم في الوقت المحدد لبعد مساكنهم عن المدارس، ورغم أن بلديتي قصر قدور وتيزكوك استفادتا من شاحنتين مهيأتين للنقل المدرسي وتم اقتناؤهما بمبلغ 400 مليون سنتيم. وأضحى ذلك غير كفيل لتغطية العجز المسجل في هذا القطاع، حيث يعتبر بعض التلاميذ أن الشاحنتين غير كافيتين لتغطية العجز المسجل في هذا القطاع لأن القصور المشكّلة لتراب البلديتين بعيدة عن بعضها البعض والطرق المؤدية إليها غير صالحة. ومن بين الامتيازات التي تحظى بها بلديتا تيزكوك وقصر قدور المشكّلتان لذات الدائرة، هو موقعهما الجغرافي بين واحات النخيل وبهمامواقع خلابة وآثار قديمة تجمع بين اخضرار نخيل البساتين واحمرار أشعة الشمس عند الغروب، وبساطة عيش أهلها وتواضعهم، كما توجد بها خزائن قديمة تحوي كمية من المخطوطات القديمة يعود تاريخها إلى عدة قرون ماضية، مما دفع بمسيّري البلديتين لتقديم كل التسهيلات اللازمة بغرض تشجيع وجلب المستثمرين الذين تبقى تنمية المنطقة مرهونة بقدومهم مما سيخفف من حدة البطالة. نقص فادح في الإنارة الريفية فيما يخص التغطية الكهربائية فلا تزال الدائرة تسجل نقصا بحوالي 50 كلم، رغم أن نسبة إنجازها وصلت إلى ما يقارب 80 ٪ غير أن جهود المسؤولين تنصّب على تدارك هذا النقص وتعميم الإنارة على كامل تراب الدائرة. ورغم أن مناطق الصحراء تتميز بشساعة أراضيها وبعد قصورها بعضها عن البعض، إلا أن ما لاحظناه خلال زيارتنا الاستطلاعية لهذه الدائرة هو الوقوف الدائم للسلطات المحلية بغية إخراجها من عزلتها، فقد أنجز طريق يربط قصر “تقانت” عبر الكثبان الرملية والمحيطة به من كل جانب بمقر بلدية قصر قدور على بعد 8 كلم، وكذا طريق آخر يربط قرية فاتيس بعين حمو على بعد 4.5 كلم. انتعاش في قطاع التربية عرف قطاع التربية بدائرة تزكوك انتعاشا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث شهد زيادة في عدد الأقسام المدرسية الذي وصل هذه السنة 32 قسما في الطورين الأول والثاني، بالإضافة إلى مجمّعين مدرسيين وإكمالية و3 مطاعم مدرسية، ولتعزيز الهياكل التربوية في الدائرة استفادت تيزكوك من مشروع ثانوية جديدة، تعرف الأشغال به تقدّما ملحوظا لتنتهي معه أعباء تنقل التلاميذ إلى كل من تيميمون وأدرار. إضافة لخزينة البلديتين بهدف دفع عجلة التنمية قصور دائرة تيزكوك عانت كثيرا في الماضي بسبب العزلة والتهميش، وتسير الآن نحو الخروج من دائرة الحرمان بخطوات بطيئة. والمبالغ المالية التي رصدت لهذه الدائرة وإن كانت لا تفي بالغرض لإخراج تيزكوك من دائرة الفقر والحرمان إلا أنها تعد خطوة جادة نحو إنهاء مرحلة التهميش والإقصاء. بعض السكان لا يرون في خطوة السلطات الولائية سبيلا ما لم تلحق بخطوات أخرى، فالمحيطات الفلاحية لا زالت محرومة من الطاقة الكهربائية ومن الطرق المؤدية إليها، وسكان المنطقة يقوم معظمهم باستغلال الأراضي الفلاحية بوسائلهم التقليدية، وكانت خلال السنوات الماضية المصدر الوحيد لقوتهم اليومي، كما كانت المنطقة قد استفادت من مشروع استصلاح الأراضي عن طريق الامتياز وهم يطالبون بتوسيع المشروع في جميع نقاط البلديتين تيزكوك، قصر قدور، كما تمتاز ذات المنطقة بمياهها الجوفية الكثيرة، ولكنها غير مستغلة من قبل الفلاحين نظرا للوسائل غير الكافية. وقصد التخفيف من معاناة سكان هذه الدائرة المعزولة التي يمثل الشباب 60 ٪ من سكانها، وهم بحاجة ماسة إلى عناية تامة خاصة وسائل الترفيه لأن الكثير منهم وجدوا أنفسهم مجبرين على هجرة المنطقة لأن البطالة الخانقة اضطرتهم للرحيل.