سماعات الهاتف النقال أو ما يُعرف ب(الكيتمان) هي من آخر ابتكارات التكنولوجيا الحديثة والتي جاءت كنتيجة حتمية للتطور السريع والمذهل في أجهزة وسائل الاتصال، حيث لا يمكن لأحد أن يتجاهل الوظيفة الفعالة للهاتف النقال في أيامنا هذه، خصوصا ونحن في عصر السرعة لكن المخيف في الأمر هو السلبيات الموجودة فيه. وجعل الاستعمال العشوائي لهذه السماعات من طرف البعض، إلى تحويل الوسيلة من ايجابية إلى سلبية، وبرغم التحذيرات الطبية من الإدمان على استعمال سماعات الهاتف النقال من الناحية الصحية والاجتماعية، غير أننا نلاحظ أن استعمالها السلبي يتضاعف يوما بعد يوم دون أدنى مبالاة من مستعمليها وفي غير موضعها، هذا ماقلب المغزى الايجابي منها وحولها إلى كارثة حقيقية خاصة بعد إلصاقها بالإذن والمشي بها في الطريق، مما يعرض حاملها إلى حوادث خطيرة أو غيرها من السلبيات التي لا تعد ولا تحصى كإزعاج الآخرين بتلك الأصوات المنطلقة من السماعات. المواطنون أظهروا انزعاجهم من الظاهرة التي باتت تطبع جل أزقتنا وشوارعنا، السلام أرادت أن تسلط الضوء على هذا الموضوع من خلال معرفة أراء بعض المواطنين، وفي هذا الموضوع يقول مصطفى وهو شاب من العاصمة إنه يحتار كثيرا لأمر البعض الذين باتوا يعلقون تلك السماعات في كل الأماكن سواء بالأزقة والشوارع أو على مستوى وسائل النقل، حيث الحقوا العديد من السلبيات على هذه الوسيلة التي وضعت لتسهيل الحديث في الهاتف دون مسكه غير الكثير من الأشخاص يستعملونه على مر الوقت في الاستماع إلى الأغاني والراديو، ويرى بعض الشباب وعلى رأسهم محمد أنه لا يمكنه الاستغناء عن سماعات الهاتف فهي تساعده في تمضية الوقت والابتعاد عن الضوضاء في الشارع وفي وسائل النقل، ويضيف أنه أدمن عليها دون أن يشعر بذلك حيث أصبح يستعملها في أوقات الدراسة والعمل على حد سواء، خاصة وأنها تجعله يهرب من الواقع ويسبح في الخيال من خلال الأغاني المنبعثة من جهازه، ويقول جمال وهو أحد مستخدمي هذا الجهاز والمدمنين على هذه الظاهرة أنه لايمكنه أن يتخلى عن استخدام السماعات الصغيرة ورفع صوت الموسيقى بشكل كبير، لأن ذلك يخلق له نوعا من الإثارة والحماس خاصة عند قيادته لدراجته النارية، وهو نفس الشيء الذي ذهب إليه فريد وهو طالب بجامعة الجزائر، حيث يقول إنه يعتبر ذلك من الأشياء المهمة التي يحرص على عدم نسيانها مثله مثل أي مستلزم دراسي، أما إيمان وهي طالبة في الطور الثانوي تقول عن السماعات إنها تجعلها تستمع للأغاني المفضلة لديها في كل مكان وفي كل وقت وذلك دون إزعاج الآخرين، إلا أنها لاتنكر الأضرار الناجمة عنها خاصة على حاسة السمع. من جهة أخرى، يرى البعض أن هذه الظاهرة استفحلت وبشكل كبير خاصة لدى الأشخاص الذين اختاروا المنحى السلبي في استعمال هذا الجهاز واستعمال السماعات في غير موضعها، حيث تقول السيدة أمال أنها تندهش من أمر البعض، خاصة على مستوى وسائل النقل حيث يطلقون العنان للموسيقي العالية دون الاكتراث لغيرهم أو حتى لملا حظاتهم، وفي هذا الصدد تقول إنها ترفض بشكل قاطع مثل هذه التصرفات التي حولت هذا الجهاز من نعمة إلى نقمة، وتضيف أن سكان السمار لايزالون يتذكرون تلك الحادثة الأليمة التي أودت بحياة شاب في مقتبل العمر، والذي دهسته عجلات القطار قبل سنة أمام مرأى أنظار المواطنين، حيث كان الشاب يهم بقطع سكة الحديد وكان يضع في أذنيه سماعات ماجعله لايسمع صوت القطار، الحادثة التي لاتزال راسخة لدى سكان المنطقة. مخاطر الحوادث القاتلة تتزايد إن الاستعمال المفرط لسماعات الأذن الموصولة بالهواتف النقالة متعددة الوسائط التكنولوجيا، على مدار اليوم أخذ حيزا كبيرا من الاهتمام نظرا لارتباطها بوقوع حوادث أليمة ومميتة في بعض الأحيان، والتي كان سببها بالأساس سد الأذنين عن مخاطر محدقة بالأشخاص وذلك بواسطة سماعات الأذن التي تنبعث منها أغاني أو مواعظ أو سور قرآنية، والعديد من الأشياء المحملة على الهواتف النقالة، والتي تجعل من الشخص غير مدرك للمخاطر المحدقة به خاصة عند اجتيازه للطريق أو في محطات السكة الحديدة، فكثير من مستعمليها يعجزون عن التنبه لأبواق المركبات وهدير القطارات، لأنه وبكل بساطة سماعات الأذن تعزل مستخدميها بشكل شبه كامل عن محيطهم، بالإضافة إلى استعمالها في أماكن العمل غير المناسبة والتي تحتاج إلى تركيز وانتباه كبير كالحدادة مثلا والنجارة والميكانيك، كما أن هذه التكنولوجيا تجعل مستعملها منطوي على نفسه وتولد لديه نوع من العزلة وهو مانلاحظه بالاستمرار في وسائل النقل وأماكن العمل فالكثيرون يفضلون الابتعاد عن العالم المحيط بهم. حذاري من الإفراط يحذر العديد من الأطباء المتخصصين من الاستعمال المفرط للكتمان، فالإدمان بعض الشباب والشابات على سماعات الهواتف النقالة يهدد حياتهم الصحية، وعليه يؤكد الدكتور ك. بسايح طبيب مختص في أمراض الأنف والحنجرة أن الاستعمال المفرط للكتمان يؤدي بصاحبه إلى نقص في حاسة السمع شيئا فشيئا إلى أن يفقدها تماما، لأن الاستماع بشكل دائما للموسيقى يسبب ضررا في الخلايا الشعرية للأذن الخارجية، كما أن الاستماع إلى الأصوات الصاخبة يؤدي إلى إحداث اضطرابات سمعية دائمة في المستقبل بالإضافة إلى الإصابة بالإضطرابات على مستوى الدماغ والتي تجعل من الشخص الذي يستعملها قليل التركيز، بالإضافة إلى الألم في الرأس الناتجة عن الاستماع المفرط للموسيقى الصاخبة، وخلال تواجدنا بعيادة الدكتور بسايح التقينا بالسيدة فوزية وسألنها عن رأيها في الموضوع، حيث قالت لنا أنها تستعمل سماعات الأذن بكثرة خاصة عند قيامها بالأعمال المنزلية وذلك لكي لاتشعر بالملل، غير أن هذا الأمر انعكس عليها بالسلب هذا ماجعلها تراجع الطبيب باستمرار.