تتخذ موقعها في إحدى واجهات رياض الفتح منذ العام 1986، معروفة بتوفّرها على كل جديد في جميع المجالات، ما جعلها قبلة كثير ممن يتابعون تطورات الساحة الأدبية والثقافية والعلمية وحتى السياسية.. إنها مكتبة “الانبعاث” التي لفت انتباه “السلام” تنوع الكتب المعروضة على رفوف واجهتها، وارتأت تسليط الضوء على بعض تفاصيل تعاملاتها اليومية مع خير جليس ومجموعة عشاقه من زوارها. تعرف نشاطا طوال أيام السنة على عكس مثيلاتها من المراكز الثقافية والتجارية التي تتخذ من صرح المدنية الشامخ مكانا لها، حيث يقل عدد الزوار خلال فصل الشتاء ما يحولها إلى بقعة شبه مهجورة، وفي هذا السياق قال مديرها مصطفى بن مجدوب: “نحن لا نعاني من هذه المشكلة لأن مكتبة الانبعاث تبقى قبلة زبائنها الأوفياء حتى في مواسم مماثلة، أما المحلات الأخرى، فتنتظر مناسبات محددة على غرار المعارض والنشاطات الثقافية المتنوعة وتستغلها لإبراز جديدها”. وأضاف المتحدث بالقول: “هي حال عامة لكل هياكل رياض الفتح التي لا تعرف نفحة من الحماس وتجديد النشاط إلا مع بوادر الربيع الأولى التي يتمتع خلالها الناس بمزاج يسمح لهم بالتجوال وزيارة مختلف المرافق التي هجروها أيام البرد”، وحول سيرورة العمل في ظل هذه الظروف، وكيفية كسر جمود الشتاء التجاري على مستوى هذا المرفق المهم، قال: “يجب أن نفكر في مشاريع فعاليات متنوعة، ونبتكر نشاطات مختلفة تحرك وتنشط الدماء في التعاطي مع خير جليس في الوجود، وغالبا ما تكون بداية مارس أفضل الفترات حيث يستمتع الاطفال خلالها بعطلتهم وتزيدهم نشاطاتنا ترفيها وإفادة”.. وأكد مدير مكتبة الانبعاث، أنها تقوم بتنظيم فعاليات لمعارض مختلفة تتخللها فضاءات للتسلية بمعدل ثلاث مرات في السنة عدد العطل المدرسية منذ أكثر من عشر سنوات، معتبرة فترة الصيف أكثرها اقبالا وانتعاشا على الاطلاق. انبعاث الصغار.. لبنة لتهيئة جيل مكتف ثقافيا رأى صاحب مكتبة الانبعاث، أن العائلات الجزائرية في السنوات الأخيرة عادت إلى ما دأبت عليه في الماضي في الاتخاذ من ساحة رياض الفتح بالمدنية وجنباتها الخضراء، متنزها تحج إليه مساء للاستمتاع ببعض الهدوء والجمال، حيث يصطحب الأولياء أطفالهم مفسحين لهم المجال للّعب وخاصة سكان الأحياء المجاورة الذين يعانون من ضيق الفضاءات ونقصها، وهو تقليد أراد بن مجدوب، استغلاله لفائدة هؤلاء الصغار، حيث أسس فرعا عن مكتبته الأم أطلق عليه تسمية الانبعاث للصغار، شهر جانفي من العام 2011 الماضي، يحتوي على كل ما يلزمهم من كتب، روايات، قصص، كتب شبه مدرسية... ودأبت إدارة الفرع الجديد منذ بداية انطلاقه على تفعيل الفضاء الخاص به، حيث استضافت مهرجين ظهر كل يوم ثلاثاء، حتى يمنحون الصغار بعروضهم بعض المتعة، ويرسخ في أذهانهم أن المكتبة بإمكانها أن تحمل في طياتها معلومات وكتبا إلى جانب أن تكون متنفسا ترفيهيا لهم، وقال المتحدث أن المكتبة تعول كثيرا على تثقيف الزائر الصغير علميا وفنيا، ما جعلها تفكر في توفير شاشة بلازما على مستوى الرواق التابع لها، وتصميمه على شكل صالون يتمكن الطفل خلاله من الجلوس ومشاهدة ما يعرض من أفلام تعليمية، وتثقيفية، ووثائقية..إلى جانب ورشات الرسم التي تنشطها خلالها، وكذا تخصيص يوم في الأسبوع لحكايا ترويها مؤلفات ومؤلفي القصص، من أمثال، نسيمة تويزي، وتوفيق رماد.. على الصغار لخلق جو حميمي يشبه ما عايشه الأولين مع جداتهم. وحول ما يحمله “رياض الفتح” من مكانة في أوساط أبناء هذا البلد، قال بن مجدوب: “يحمل رياض الفتح أو مقام الشهيد كما يسميه البعض، قيمة اجتماعية تجعله قبلة للزوار الذين يتوافدون من مختلف مناطق الوطن، ينشدون زيارة متاحفه ومرافقه المتنوعة، كما أنه رمز من رموز العاصمة ولا أظن أنه سيندثر في يوم من الأيام أو يلقى مصير المراكز التجارية المستحدثة التي فتحت أبوابها مكتسحة السوق بقوة لتنطفئ شعلتها في وقت قياسي وتضطر لغلقها من جديد”. وأضاف مدير مكتبة الانبعاث بالقول: “رياض الفتح رمز وقيمة أتمنى أن تمنح الأهمية الكافية بواسطة تفعيله عن طريق النشاطات الثقافية الأدبية السينمائية.. مما يعطيه أولوية في اعتباره الملاذ الأول الذي يفكر فيه المواطن الجزائري إذا ما رام الترفيه عن نفسه أو اكتساب معارف إضافية”.. للإشارة تركز مكتبة الانبعاث –حسب مديرها- على عناوين هامة في مجالات كثيرة، يعد التاريخ أبرزها إلى جانب كل من الكتب العلمية، الفنية، والأدبية بشكل عام، إضافة إلى قصص الأطفال والكتاب شبه المدرسي، والمؤلفات الخاصة بتطوير المهارات..