تشهد أشغال التهيئة والتعمير في بلديات سهل وادي ميزاب، نقائص كبيرة واختلالات واسعة أدت إلى ظهور جيوب عقارية فوضوية في شعاب المدن، واستيلاء غير قانوني على بعض الأراضي وإنجاز بنايات بدون رخصة، بجانب الاستحواذ على مساحات تابعة للملكية العامة، وعدم التحكم في مسايرة ريتم التسارع العمراني الذي تعرفه مدينة غرداية عاصمة الولاية، إلى جانب مشكل النظافة والازدحام المروري وفوضى الأسواق ومعضلات مجاري الوديان. ما يحدث في السهل المذكور يتنافى مع مضامين المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير (PDAU) إلى جانب مخطط شغل الأراضي(POS)، حيث يشتمل كلاهما على أدوات موجهة للتسيير الحضري والتخطيط في مجال استخدامات الأراضي، تحدد التوجيهات الأساسية للتهيئة العمرانية للبلديات المعنية. ورغم وجود هذا المخطط التوجيهي الموحد الذي يشمل أربع بلديات هي: ضاية بن ضحوة، غرداية، بنورة والعطف، غير أن عملية تطبيق هذا المخطط في الميدان تكتنفها نقائص بالجملة يلحظها المواطن العادي في يومياته في هذه البلديات، رغم المساعي المبذولة من طرف بعض المسؤولين وبعض الجمعيات لتحسين الأوضاع. ويعود آخر مخطط توجيهي للتهيئة والتعمير لبلديات سهل وادي مزاب إلى سنة 1992، وتم فيه تحديد التوجيهات الأساسية للتهيئة العمرانية لهذه البلديات بشكل موحد، كما تم فيه ضبط الصيغ المرجعية لمخطط شغل الأراضي. ويحمل ذات المخطط تقديرات إلى سنة 2012، ويتم حاليا الإعداد لمخطط توجيهي بديل يساير المعطيات الجديدة. وأفيد أنّ المخطط التوجيهي المقبل بلغ مرحلته الثالثة بعد المداولة الأولى حول إنشاء المخطط والتي صادقت عليها المجالس الشعبية البلدية المعنية، وتم وضعه تحت تصرف الجمهور بمقر البلديات للاطلاع عليه، وخضعت المرحلة الثانية من المخطط كذلك للمداولة وتخص التهيئة بعد تسجيل الملاحظات ورفع التحفظات المتعلقة بالمرحلة السابقة. أما المرحلة الثالثة وتتعلق بالتقنين فهي في طور إعداد التقرير النهائي، قبل المصادقة الأولية عليه من طرف المجالس البلدية المعنية ثم عرضه لاحقا على الجمهور للاستقصاء العمومي والمصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الولائي ووالي الولاية. ويقسّم مشروع المخطط التوجيهي القادم للتهيئة والتعمير كل بلدية من بلديات سهل وادي ميزاب إلى أربعة قطاعات، وهي قطاع معمر تشمل كل الأراضي المشغولة أو المملوكة لأصحابها، قطاع مبرمج للتعمير تشمل الأراضي القابلة للتعمير في المديين القصير والمتوسط أي في حدود عشر سنوات، وتضم مناطق وادي نشو وبوهراوة بغرداية، تنعام وقطب بنورة، سهل حمريات بالعطف، والشعبة الحمراء وبوبريك وقطب بلدية ضاية بن ضحوة. كما يمتد المخطط إياه إلى قطاع التعمير المستقبلي ويشمل الأراضي القابلة للتعمير في المدى الطويل أي في حدود 20 سنة، وتضم الأقطاب العمرانية الجديدة في كل من غرداية (594.140 هكتار)، وبنورة (190.320 هكتار)، وضاية بن ضحوة (209.840 هكتار)، بالإضافة إلى سهل حمريات الذي يتربع على مساحة قدرها 113.460 هكتار. كما يوجد قطاع غير قابل للتعمير وهي كل الأراضي الصالحة للزراعة والمعدة لإنشاء مساحات خضراء عليها، والواحات، والمناطق المعرضة للفيضانات، والمحاجر، وأماكن تواجد المعالم الأثرية، والمناطق التي تتواجد فيها شبكات خطوط الكهرباء وأنابيب نقل البترول أو الغاز، إضافة إلى جميع المناطق القريبة من المنطقة الصناعية بنورة، وبجوار المطار الدولي مفدي زكريا بالنومرات، وبالقرب من المفرغة العمومية في بوهراوة. ويهدف مشروع المخطط التوجيهي لبلديات سهل وادي في مجمله إلى فك الضغط العمراني والسكاني على سهل وادي مزاب وإيجاد بدائل أخرى للتوسع العمراني خارج المحيطات الراهنة. وقد نجم عن الوضع الراهن ظهور بنايات فوضوية في عدة أحياء، مما يستوجب التفكير بصفة جدية في إنشاء أقطاب عمرانية جديدة، بعيدا عن سهل وادي مزاب الذي باتت كثير من أراضيه معرضة للفيضانات.