أكد الشاعر سليم دراجي، أن الحركة النقدية الوطنية، ليست في المستوى المطلوب، من ناحية عدم مواكبتها للإنتاج الإبداعي في هذا المجال الأدبي، مشيرا إلى أن أغلب الناشطين على مستواها ليسوا سوى "أدعياء نقد" يصدرون انطباعات تقوم في مجملها على أساس العلاقات الشخصية، البعيدة كل البعد عن النقد البناء، متهما من جهة أخرى، بعض النقاد بجرم التلاعب بأخلاقيات المهنة، نظرا لسعيهم إلى رفع أشخاص والحط من مكانة آخرين لمجرد انطباعات ذاتية وحسابات شخصية لا تمت بصلة للعملية النقدية الأكاديمية الموضوعية. أعاب دراجي، على الإعلاميين بمختلف وسائلهم، محدودية التغطيات التي ينجزونها حول الأمسيات الشعرية، وقلة اهتمامها بهذا الجانب الأدبي، مؤكدا أن غيابها يعد أحد أبرز أسباب تقلص مساحات الملتقيات الشعرية وعزوف الجمهور عن ارتيادها، نظرا إلى أن الجانب الإعلامي عصب الترويج لمثل هذه التظاهرات ونشر صداها لحشد أكبر جمهور حولها. وأوضح المتحدث حول عدم مبادرة الشعراء إلى تنظيم مختلف الأمسيات، بأن الأمر يتطلب تنسيقا وإمكانيات تجعل الشاعر بحاجة إلى مؤسسات معينة تتبناها، وتكون كفيلة بتنظيمها وتمويلها حتى تعطي ثمارها. كما تطرق دراجي في حديثه إلى مكانة الشاعر وقال أن المكانة لا تمنح بل تصنع وأن البروز لا يكون بانتظار التزكيات بل بالمثابرة وبذل التضحيات والعمل من أجدل إيصال صدى كلمته لأبعد حد، كما لفت إلى أهمية وسائل الإعلام في التعريف بمختلف الإبداعات والترويج لها، حيث قال أن:"هناك شعراء متمكّنين ومبدعين ينشطون في هامش ضيق يحول دون بلوغ إبداعهم النور الذي يستحقه وذلك لبعده عن الساحة الإعلامية، في حين توجد أسماء لا ترقى أعمالها إلى درجة النضج والاحترافية إلا أنها معروفة واستطاعت صنع اسم لها ما يفسر طغيان المحسوبيات والعلاقات الشخصية التي تحول دون الكشف عن الأسماء الفعلية الجديرة بالاهتمام والمتابعة". وشدد المتحدث، من جهة أخرى، على أهمية النص الجزائري وكفاءته كنص احترافي وقال:"النص الجزائري رائع وكثيرا ما تجاوز النص المشرقي العربي، كما أدعو إلى ضرورة توثيق الصلة بنصوصنا الوطنية والاطلاع عليها قبل تناول النصوص المشرقية"، موضحا أنه لا يدعو بذلك إلى الانطواء على الأعمال الوطنية، وإنما يحرص على إقناع القراء بأهمية النص الوطني الذي ينافس الشعر العربي وأحيانا يتعداه. وعن الترجمة، أفاد المتحدث أنها تساهم بشكل كبير في الترويج لمختلف النصوص وتوسيع حيز انتشارها خارج الحدود الجغرافية، من خلال ترجمة النص إلى عدة لغات أجنبية، وقال أن النصوص المترجمة تعد سفيرة الأدب الجزائري عبر الدول، كما أنها تصنع اسم صاحبها من خلال التعريف بإبداعاته سواء في الشعر أو النثر، كما لفت إلى بعض الترجمات السلبية التي تبعد النص عن قالبه الأصلي:"لا يمكن للترجمة أن تقدم النص كما كتب في لغته الأصلية إلا أن ذلك لا يمنع من وجود ترجمات يمكن اعتمادها حيث تكون قريبة من القالب الأصلي للنص". وأضاف أن اختراق بعض الترجمات لمعاني النص وتشويهه تعود للمترجم في حد ذاته:"الانتقاء الجيد لمن سيلبس النص لغة أخرى أمر ضروري، ويجب أن يكون متشبعا بالأدب وعلى اطلاع واسع بهذا المجال، كما يجب أن يكون متشبعا بالثقافة الأدبية ومتمكنا من مكنوناتها من خلال تحكمه بالمصطلحات".