يعاني سكان أزيد من عشر بلديات بالمنطقة الجنوبية من ولاية سطيف، في الآونة الأخيرة، من نقص حاد وغير مسبوق في منسوب المياه الجوفية، الأمر الذي أنجرت عنه أزمة حادة في التزود بالمياه الصالحة للشرب وكذا سقي المساحات الفلاحية المترامية الأطراف. وقد كشف المختصون في هذا الشأن، بأن الاستمرار على هذا النحو قد يؤول بالمنطقة إلى جفاف شامل قد يأتي على الأخضر واليابس، خاصة إذا علمنا أن هذه المنطقة تشكل نسبة حوالي 40 بالمئة من التعداد الإجمالي لسكان الولاية المقدر حاليا بمليون وثمانمئة ألف ساكن، فيما تبلغ المساحة الصالحة للزراعة بنحو 80 ألف هكتار تعد من أجزء وأخصب الأراضي بالمئة. وتتجلى هذه الظاهرة التي نغصت حياة السكان وأضحت هاجسا يؤرقهم يوميا على مستوى بلديات عين الحجر والرصفة وعين ولمان وبيضاء برج وحمام السخنة و التلة وبئر حدادة، فضلا عن العديد من التجمعات السكنية التابعة لبلديات الطاية وصالح باي وعين آزال. واستنادا للمعطيات المتوفرة فإن سكان معظم هذه البلديات على غرار بئر حدادة وبيضاء برج والرصفة، لا تصلهم مياه الشرب سوى على مدار مرتين في الأسبوع تقريبا، وفي فترة زمنية لا تتعدى ساعتين، الأمر الذي يلجأ معهم العديد من السكان إلى جلب المياه عن طريق الصهاريج التي تضاعف سعرها ليصل حاليا إلى حوالي 800 دج للصهريج الواحد، مما أثقل كاهل هؤلاء السكان ذوي المداخيل المحدودة. كما أن شح الموارد المائية الجوفية قد انعكس سلبا على النشاط الفلاحي الذي أضحى مهددا بالزوال، كما هو الحال على سبيل المثال ببلدية بئر حدادة المعروفة بإنتاجها الوفير من الخضروات والفواكه، حيث تشير الأصداء الواردة من عين المكان أن أزيد من ثلاثمئة بيت بلاستيكي الموجهة لهذا الغرض من أصل حوالي 700 بيت من هذا القبيل قد توقف أصحابها عن النشاط بفعل شح المياه الجوفية الموجهة للسقي، مما يحيل عشرات العائلات على البطالة وانعدام المداخيل مما يجعلها في عداد العائلات المعوزة والهشة. مصالح مديرية الموارد المائية، وجدت نفسها أمام حالة مستعصية يصعب التعامل معها في ظل تأخر مشروع انجاز التحويلات الكبرى، الذي كان يعول عليه كثيرا في تزويد حوالي نصف بلديات سقي نحو 50 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية. ذات المصالح أشارت بأن تأخر استلام هذا المشروع الذي يوصف بمشروع القرن على مستوى الهضاب العليا الشرقية للبلاد، سيزيد في تأزم الوضع على مستوى المنطقة الجنوبية فحسب، بل قد يمتد إلى أهم المدن والمراكز الحضرية الكبرى بالمنطقة على غرار عاصمة الولاية والعلمة وعين آزال وعين ولمان وبني عزيز وبئر العرش.