ألقت أمس، توصيات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بظلالها على أشغال الثلاثية التي جعت بين الشركاء التقليدين : الحكومة والمركزية النقابية وأرباب العمل، الذين بادروا كل في بابه إلى محاولة خلق نوع من الهدنة الإجتماعية، والتي تفسح المجال واسعا لرئيس الحكومة على العمل بإيجاد نوع من الإجماع الوطني في المجال الإقتصادي، وهو ما حرص على إبلاغه للجميع الوزيرالأول عبد المالك سلال، في كلمته الإفتتاحية عندما رافع لصالح التعليمات والتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية، أثناء الإجتماع الأخير لمجلس الوزراء بخصوص إنجاح هذه الثلاثية. وركز سلال في تدخله على " التحدي الهائل الذي يتعين رفعه في هذا الظرف الدولي غير المستقر، والذي يتطلب إجماعا معززا بين كل الشركاء حول معركة النمو، وتفعيل التنمية الإقتصادية الوطنية، والإنعاش الصناعي، واستحداث مناصب العمل، وبناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستقل عن المحروقات ". وكانت رقعة النقاش والمشاكل المثارة أكبر من أن يستوعبها الشركاء الثلاثة بمفردهم، لذلك كان التلميح للنقابات المستقلة ذات الثقل، وبعض التنظيمات المهنية غير المنخرطة في أرباب العمل واضحا، لما اتفق المشاركون على مواصلة التشاور وتعزيزه وتوسيعه إلى فاعلين اقتصاديين آخرين، معترفين أن هذا " سيسمح بالتوصل إلى تحقيق إجماع وطني واسع حول القضايا الأساسية للمآل الاقتصادي خلال الأعوام المقبلة". وجاء في البيان الختامي للأشغال، إنشاء خمسة أفواج عمل ثلاثية هي الفوج المكلف بإعداد العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، والفوج المكلف باقتراح كيفيات مساهمة الصندوق الوطني للاستثمار في تمويل الاستثمار الوطني العمومي والخاص. ويكلف الفوج الثالث بتشجيع الإنتاج الوطني، بما فيه القرض الاستهلاكي بالنسبة للمنتجات المحلية، بينما يقوم فوج العمل الرابع بتأطير عمليات التسيير أما الفوج الخامس، فله مهمة اقتراح كيفيات تسهيل مشاركة المؤسسات الوطنية للبناء والأشغال العمومية والمياه في إنجاز البرنامج الوطني للتجهيز. ملخص الثلاثية أنها لم تصدر قرارات حاسمة، ولكنها رسمت معالم سياسة الرئيس، محاولة نزع تأشيرة الإجماع وهذا ما قام به عبد المالك سلال، بينما كان هدف المركزية النقابية، الظهور بمظهر المساند القوي والحليف الدائم للحكومة. أما أرباب العمل فقد خرجوا من الثلاثية راضين على أدائهم وعلى الوعود التي أخذوها من رئيس الحكومة، على غرار ما أدلى به الكثير منهم، مثل رضا حمياني ورحيم عبد الوهاب وبوعلام مراكش.