تقود الجزائر اليوم مفاوضات بين حكومة مالي والمجموعات المسلحة بفندق الأوراسي وبطلب من الطرفين يقينا منهما بخبرة الجزائر وحنكتها في التعامل مع ملفات وقضايا كهذه، قصد التوصل إلى اتفاق سلام في مالي التي تتواصل فيها حالة اللاإستقرار، رغم التدخل العسكري الجاري على أراضيها منذ سنة ونصف. وستكون هذه المفاوضات الأولى من نوعها التي تجمع كافة الأطراف المتناحرة منذ المفاوضات الأخيرة سنة 2013 التي احتضنتها واغادوغو في بوركينا فاسو، وانتهت بفسح المجال أمام الانتخابات الرئاسية والتشريعية في مالي. وإرتأت الحكومة المالية، والمجموعات المسلحة، اللجوء إلى الجزائر قصد التكفل بملف دفع عجلة تسوية الأزمة بين الطرفين بطريقة سلمية سياسية تضمن مستقبل أفضل لمالي وشعبها، يقينا منهما بحنكة الجزائر وخبرتها جراء تجارب سابقة في نفس الشأن، فضلا عن فشل كل الوسائط ومحاولات التقريب الأخرى، فبعد انتخاب الرئيس ابراهيم ابوبكر كيتا يتواصل تعثر المباحثات مع المجموعات المسلحة التي تشن عمليات دامية في شمال مالي. وفضلا عن هذا ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي يتولى حاليا رئاسة الاتحاد الافريقي، إلا أن الحكومة المالية انتقدت مؤخرا احتشاد قوات مسلحة في الشمال، حيث وقعت مواجهات بين الحركة الوطنية لتحرير الازواد وفرع من الحركة العربية للأزواد، علما أن الحركة الوطنية لتحرير ازواد والمجلس الاعلى لوحدة الازواد وجناحي الحركة العربية للازواد ومليشيات دفاع ذاتي قريبة من سلطات باماكو أرسلوا مندوبين الى الجزائر حيث سيقود وفد الحكومة المالية وزير الخارجية عبد الله ديوب. واستثنيت من المفاوضات "المجموعات الإرهابية" الموالية لتنظيم القاعدة والتي كانت في فترة ما حليفة الحركة الوطنية لتحرير الازواد، والتي احتلت طيلة أكثر من تسعة اشهر شمال مالي، قبل أن يدحرها التدخل العسكري الدولي بقيادة فرنسا والذي ما زال ساريا عبر قوات الأممالمتحدة في مالي. وستجري المفاوضات على ثلاثة مراحل، أولها التوافق حول خريطة طريق المفاوضات، مرورا بالتفاوض في حد ذاته بهدف الدخول في عمق المشاكل والتوصل إلى اتفاق تمهيدي، للوصول إلى التوقيع على اتفاق سلام نهائي، حيث سترافق هذه المفاوضات مجموعة وسطاء وميسرين، إذ سيشارك في الوساطة إلى جانب الجزائر كل من الاتحاد الافريقي ومجموعة دول غرب افريقيا بينما يشارك الاتحاد الأوروبي وفرنسا والنيجر ونيجيريا في مجموعة الميسرين، في وقت المغرب الذي دخل الوساطة بناء على طلب من الرئيس كيتا، لن يكون له مندوب. وأبدت الحكومة المالية إستعدادها لتقديم تنازلات لإحلال السلام لكن دون الطعن في وحدة أراضيها وعلمانية الدولة، هذا في وقت تطالب فيه بعض المجموعات المتمردة بشكل من اشكال الحكم الذاتي أو وضعا خاصا لشمال مالي الذي يطلقون عليه اسم الازواد.