قدم المسرح الوطني الجزائري مساء يوم الأحد بقاعة الموڤار، العرض الشرفي لمسرحية جديدة بعنوان “آكلة لحم البشر” للمخرج المغربي هشام شكيب، بحضور عدد كبير من الصحافيين والفنانين. وقد استمتع الجمهور بمتابعة هذا العمل الإبداعي، للكاتب السوري الكبير ممدوح عدوان، الذي قدم أعمال درامية تعالج ضغوطات المجتمع على آنية وسلوكية الفرد. في هذه المسرحية بالذات إهتم الكاتب بتأثير نظرة المجتمع وأحكامه الجائرة على الشخص. وقد تمكن الممثل الموهوب سفيان عطية، في هذا المونولوج أن يستقطب انتباه الحضور على مدى ساعة وربع إلى الركح، لمتابعة معاناة وأوجاع البطل الذي ينتقل من حالة الصحو إلى حالة الهذيان والخوف من،”آكلة لحوم البشر” الذين يتربصون به ليكون وجبة شهية لهم، في إشارة إلى ما يمثله المجتمع من ثقل على الفرد وتوجيهه لكل أعماله وحتى أحاسيسه، حيث كان البطل يردد في رعب “كيف يراني الآخرون”. وبلغة جميلة وفصيحة وأداء جمع بين الدراما والكوميديا، نقل المخرج الجمهور إلى العوالم المخيفة والمبهمة لبطله، الذي كانت تبدو عليه أحيانا صفات الجنون وعلامات الصحو أحيانا أخرى. ورغم ثقل بعض المشاهد إلا أن استعانة المخرج بالألوان والأضواء، جعل العمل أقرب إلى الجمهور، وأن هذا التركيز على الأضواء ألقى بضلاله على شخصية المسرحية التي” تحمل في داخلها الكثير من التناقضات، في ازدواجية يتصارع فيها الخير مع الشر”. كما أن للاعتماد على عامل الضوء في المسرحية مهمة أخرى، تمثلت كما أكده المخرج سابقا في فك رموز هذه الشخصية غير المستقرة في عواطفها ومواقفها، حيث تعيش تناقضات صارخة. وكان المخرج قد أكد في تصريحات سابقة بخصوص اختياره لهذا النص المتميز لممدوح العدوان، “وقعت في غرام هذا النص الجميل وتعاملت معه بكثير من الحميمية، لإظهار المشاعر الإنسانية التي يحملها ودقته في وصف معانات الفرد في هذا المجتمع المخيف”. كما اعتبر أن في هذا النص الدرامي، الذي كتب بالعربية الفصيحة محاولة لإعادة الإعتبار للإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني وقيم. ورغم صعوبة النص إلا أن سفيان عطية، أظهر تأقلما مع الشخصية أو الشخوص التي مثلها واقترب من الإقناع، رغم بعض المشاهد التي بدت مكررة وثقيلة أحيانا. يذكر أن هذا العمل الجديد يدخل في إطار الإنتاج السنوي للمسرح الوطني الجزائري، وسيعرض في جولة في عدة مدن داخل الجزائر كما برمج عرضها في المغرب وفرنسا.