لاقى المسيحيون الأقباط في أواخر القرن الثالث الميلادي الإضطهاد على يد الإمبراطور دقلديانوس، وأطلق على هذه الفترة “عصر الشهداء” لكثرة من استشهد فيها من الأقباط، واتخذ القبط من السنة التى أعتلى فيها دقلديانوس العرش (عام 284 م) بداية للتقويم القبطى، لكن يبدو أن نهاية “استشهاد الأقباط” لم تكتب بعد... لا في عصر مبارك ولا في زمن طنطاوي، لا قبل ثورة 25 جانفي 2011 أو بعدها، من الكشح (الأولي والثانية) إلى نجع حمادي إلى القديسيين بالإسكندرية وانتهاء بمذبحة ماسبيرو.. سيل دماء الأقباط لم يتوقف وهو يروي أرض مصر من الشمال إلى الجنوب، مثل أجدادهم تماما الذين خصبوا هذه الأرض الطاهرة على امتداد أكثر من ألفي سنة. المفارقة أن المجزرة الحربية البشعة ضد المتظاهرين الأقباط العزل في ماسبيرو وقعت أسفل المقر الرئيسي للإعلام المصري (التليفزيون) في ماسبيرو على كورنيش النيل، الذي مارس كل فنون التضليل التي يخجل منها جوبلز في زمن النازي، وهو ما دفع العديد من العاملين الشرفاء في هذا الجهاز الرسمي الكاذب أن يتبرأوا منه أمثال: محمود يوسف المذيعً بقناة النيل للأخبار، وتغريد الدسوقي معدة برامج، والإعلامية دينا رسمي مقدمة برنامج زينه على القناة الثانية. الأخطر من ذلك أن التليفزيون المصري كاد أن يتسبب في حرب أهلية بين المصريين (مسلمين ومسيحيين) لا يعلم مداها إلا الله، حين دعا المواطنين للنزول إلى الشارع لحماية الجيش المصري المدجج بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والبين بين من المتظاهرين الأقباط المسالمين... وأثبت بذلك أنه ليس جهازا وطنيا يفتقر إلى أي حس إنساني أو أخلاقي، ناهيك عن غياب المصداقية والمهنية، وإنما هو ألعوبة في أيدي من يحكم ولو كان من القتلة والمجرمين؟ ما حدث في “ماسبيرو” هو عار على المجلس العسكري الحاكم، لأن القانون العسكرى في العالم كله يمنع قتل العزل والمدنيين فما بالك بالمتظاهرين المسالمين، وبالتالي فهي جريمة دولية ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عنها ولن تسقط بالتقادم أبدا، الحق في الحياة هو أقدس وأخص حقوق الإنسان وهو حق أهدره المجلس العسكري الحاكم الذي أصدر أوامره بالضرب في المليان وإطلاق الرصاص الحي والسحل والنحر والذبح، فضلا عن الدهس بالمدرعات للمتظاهرين في شارع كورنيش النيل وفوق أرصفته وبناياته. وقتل وجرح وأصاب أكثر من ثلاثمائة وخمسين قبطي شجاع قال لا للظلم.اللافت للنظر أن الجيش لم يفتح النار على العدو علي الحدود منذ السبعينيات من القرن العشرين، ولم يستعرض عضلاته القتالية منذ سبعة شهور خلت، هي عمره في الفترة الانتقالية (لو كانت التسمية صحيحة!)، إلا على الأقباط العزل المسالمين، بل لم يثأر لشرفه العسكري من قتلة المصريين قبل أيام على الحدود مع إسرائيل، ولا من السلفيين الذين أهدروا هيبته وكرامته مرات ومرات ومرات، ومنعوا اللواء عماد شحاته ميخائيل بعد أن (حلف اليمين) أمام (طنطاوي) من تسلم مهام منصبه محافظا لقنا. الجيش يقتل ويصيب فقط الرهبان البسطاء في دير الأنبا بيشوي والمواطنين الأقباط العزل في المقطم منشية ناص، ثم المتظاهرين الأقباط في ماسبيرو. لذلك كله، أعلن رفضي التام لقرار الحكومة المصرية العنصرية تشكيل لجنة تحقيق داخلية في أسباب وملابسات هذه المذبحة البشعة ضد الأقباط في ماسبيرو، وكفانا استخفافا بدماء الأقباط وحقوقهم المشروعة إذ كيف يعقل أن تكون حكومة العار هي الخصم والحكم في نفس الوقت، خاصة وأنه ثبت بالدليل القاطع أنها ضالعة في هذه الجريمة النكراء؟..أن المذبحة التي تعرض لها الأقباط من جنود وضباط فقدوا شرفهم العسكري، يستدعي لجنة تقصي حقائق دولية تحت إشراف الأممالمتحدة، لأن ما حدث هو جريمة إبادة عنصرية ممنهجة ضد الأقباط،، وفقا للقانون الدولي والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.