بدأ من سورة النساء، مرورا بالنضال التاريخي لها، وصولا إلى إقرار حقوقها المدنية والسياسية في الدستور الجزائري لا سميا الطبعة الأخيرة منه ساهم المجتمع الجزائري في رفع مؤشر منحى نضال المرأة بشكل تصاعدي، مما ميزها عن الكثيرات من نساء العالم فالبرعم من اختلاف القناعات والأفكار ووجهات النظر وطبيعة المعتقد ومنحنيات التاريخ النسوي وإشكالية التراث وتداخلات الواقع الجزائري المعاش ،فرضت المرأة التيارتية كغيرها من نساء الجزائر وجودها في الوسط الرجالي انطلاقا من مبدأ المجتمع لا يبنى بجنس واحد حتى تغيرت الأدوار بينها وبين الرجل و أصبح خطها متمردا وأحيانا متنكرا للرجل ..تنظر إلى الأمور بمعايير تختلف عن معياره وأصبح مدعوا بالدرجة الأولى إلى الوقوف أمام هذا الخط بكل أنواعه وكل أشكاله بكثير من الجهد في بادئ الأمر.. ليقرأ فيما بعد شيئا فشيئا محتوياته بقراءة عصرية مما أثقل من مكيال المرأة بعد ذلك . قبل أعوام كان الحديث عن المرأة في الوسط الرجولي التيارتي لا يتعدى ذكر خصلة الأمومة التي تبقى السمة التي تميزها عن الرجل، ثم بدأت تتغير تبعا للتطورات الحاصلة بالجزائر وبالعالم وبمعالم الحياة السكانية أيضا في المنطقة ،فقد تفككت بعض أواصر الأسر التيارتية ،فمن جهة أصبح الولد بعمل في عمل مغاير لعمل أبيه ومن جهة اخرى استقل ببيته، ولا شك أن الطفرة الاقتصادية الصناعية غيرت من نظرية الفكرة الزراعية التي كانت غالبة آنذاك والتي ساهمت في تفعيل وتجسيد نظرية العائلة الكبيرة مما ساهم في خروج الولد إلى بيت الزوجية بعيدا عن وسط العائلة، وبالتالي تحقيق مبدأ الاستقلالية له ولزوجته، ثم بروز عامل التعليم في الوسط النسائي بعدما كان حكرا على الرجل فانقلب الرجل نفسه على القيم القديمة في حالة شكلت عند مجتمعه الذكوري صراع بين الجيل الرجالي القديم والجيل الرجالي الجديد على النطاق والحدود المسموح وغير مسموح به في هذا التطور..فسمح للمرأة بولوج عالم الجامعة والالتحاق بها في شتى ربوع الوطن والسفر والتجوال بكل حرية ومنحها الثقة في نفسها مما حررها من أقسى العادات والتقاليد التي قيدتها اجتماعيا... فلو أمعنا النظر في التطورات الاجتماعية الأخيرة لدورها داخل المجتمع التيارتي لفهمنا مدى أهمية الدور الذي يلعبه التكييف الاجتماعي غير أن تغيير الأدوار بين جنسي المجتمع أعمق من أي تحول اجتماعي اخر حصل او سيحصل للمجتمع الجزائري ومن ثم التيارتي فهمنا مدى أهمية الدور الذي يلعبه التكييف الاجتماعي غير ان تغيير الأدوار بين جنسي المجتمع أعمق من أي تحول اجتماعي أخر وهو ما لا يمكن تفسيره على أساس عوامل خارجية فقط بل أن محاولة تفسير هذا التغيير لا بد أن تبدأ على الصعيد النفسي التحليل أولا ذلك أن تحول الأدوار في مجتمع محافظ كاهتمام المرأة بقضية البحث عن سكن اجتماعي بتيارت لدرجة احتجاجها على إحدى القوائم السكنية المشهرة منذ سنيتين تقريبا بدل الرجل الذي دفعها إلى ميدان الرفض والتغيير و الغضب ملاحظة لا يجب أن نمر عليها مرور الكرام او مرور المتناسين برأي بعض المهتمين بالشأن الاجتماعي داخل الولاية فالسيدات اللائي تجمهرن أمام بعض مقرات الإدارة العمومية وشتمن بعض مسئوليها ومثلهن منذ سنوات نساء وهران وغيرهن من المطالبات بحقوقهن في السكن الاجتماعي على سبيل المثال حقيقة ملفتة للانتباه وانه لمن المغالطة القول بان الموقف لا يستحق وقفة . ان الفضية ليست قضية مصداقية القائمة في موضعنا هذا بل هذا التحول في الادوار فالرجل زيادة على تخليه عن وظائف التربية وتدريس أبنائه في البيت و زيادة على تخليه أحيانا كثيرة عن البحث عن سكن للتأجير وعن وظيفة وعن محاربة فساد نسائه بحجة المرض او بيروقراطية الادراة والمجتمع ذاته ،جعل المرأة تكتسب نوعا من خصال وشيم شخصيته الأولى ...إن حالة السيد نور الدين مثلا الذي أيد نشاطات المرأة في الشارع قال لنا( اتركوهم خلوهم يهدروا كرهنا وملينا )(...بلاك يقدروا يديروا حاجة ) وهي الحالة التي توصل إلى عدة نقاط منها يأس الرجل في الحصول على سكن مثلا الى جانب الإحباط والخيبة، ومن ناحية أخرى تعبر ردود أفعاله عن ثقة بعض الرجال اليوم في طرق نضال المرأة القوية والمشروعة في سبيل الحصول على ما تريد . إننا مخيرين كرجال اليوم بين شيئان اثنان هما السكن أو وضيفة فالدولة لا تمنح لمن يتقاضى اقل من 20 ألف دينار جزائري وبالتالي تمنحه لمن يتقاضى اقل وهو البطال أو أجير الشبكة الاجتماعية أو عمال عقود ما قبل التشغيل فالأجدر بنا اليوم أن نبحث عن شقة ثم وضيفة ،‘إنها فكرة لمسناها أيضا عند أبناء العم القاسيمي وآخرون ممن تحدثنا معهم بخصوص هذا الملف ، شان نادية التي قالت أن خروج المرأة للشارع دليل على نضجها روحيا وفكريا ونفسيا وخروجها يدل على أن الرجل سواء كان أبا أو زوجا أو أخا موافق على ما تفعله .. احمد في ذات السياق قال أن الرجال اللذين بقوا يتابعون الأحداث من بعيد، رفعتهم حدة الموقف وشجاعة النساء فوق أحادية القوة التي كانت تميزهم دون النساء و فوق التعصب والإرهاب الذهني وانغلاق العقل وتغيبه. أما نائلة صاحبة ال26 ربيعا وخريجة معهد اللغات فقالت أن نفسية المرأة التيارتية تغيرت وهي التي ساهمت اليوم في تغليب رأيها على رأي الرجل في الكثير من المواقف إن النضج النفسي الذي يرفع الإنسان فوق الضعفات النفسية الشهيرة والخطيرة مثل العناد والثقة الزائدة هو الذي جعلها تشعر بكل هذه العطايا المختلفة ثم إن النضج الروحي للرجل جعل قلبه وديعا متفتحا قادرا على تقبل إشراك المرأة التي تربطه به علاقة أبوة أو أخوة أو رابطة اجتماعية أخرى في تغيير مجرى الأحداث. من خلال أراء محدثينا لمسنا آن المرأة التيارتية تمتلك اليوم ميزة البديل الحتمي لعملية البحث عن أي شيء حسب امين الذي قال أن تغيير الأدوار قابل للحدوث على وجه الخصوص في مدينتنا حيث توجد حوافز قوية لهذا الأمر وتوجد معها في ذات الوقت كوابت قوية وراء هذا التغيير، ذلك أن المرأة حينما خرجت للشارع في تيارت او غيرها من المدن فإنما لأنها تعلم مسبقا أنها ليست معروفة عند مصالح الأمن مثلا أو لأنها واثقة من سلطتها في المجتمع.. فالمرأة يحتكم الرجل التيارتي إلى رأيها في آخر المطاف كما هو معروف فتجدها تخطب أولا وتجدها تحدد مهر العروس وجهازها وتتبضع وتتحكم في الكثير من المرات في مصروف زوجها وأبنائها وتجدها تبحث عن شقة لتأجيرها وعند مصالح الحالة المدنية تستخرج وثائق الأبناء والأخوة وكذا بالمستشفيات فحارس أو طبيب إذا ما لجأ إليه رجل يجد الصد، أما إن لجأت إليه امرأة ولو عجوزا في الغابرين بتعبير عمي احمد وغيره من الشبان فإنها تحمل محمل العزيز على الظهر والرأس ،هناك من خلصوا إلى نتيجة أخرى مفادها أن الأمر إنما نابع من إرادة سياسية محضة تحاول أن تسلخ رجولة الرجل ومن هنا ازدادت حوافز النشاط الفوضوي عند العديد من النساء فرفعن أصواتهن وشتمن المسئولين فإذا ما قارنا بين نساء التسعينيات يتحدث السيد عبد القادر فنادرا جدا ما تتكلم واحدة عن حقها وبين نساء الالفينيات فسنتوصل إلى نتيجة مفادها أن يأس الرجل هو الذي حفز وحرك غضب المرأة وغرس فيها روح النزول إلى الشارع في سبيل تحقيق غاياتها وحاجاتها المختلفة كالعمل والسكن وغيرها . إن تحليل تغيير الأدوار في المجتمع التيارتي وكذلك تلاشي الثقة بين الجنسين وصراع الأجيال راجع على رأي السيد محمد الى حقيقة تظهر اليوم بوضوح سبب عزوف النساء العاملات عن مساعدة أزواجهن مثلا في شراء مسكن بعدما كانت المرأة منذ سنوات تبيع حليها وافرشنها كالزرابي التي تتموقع خصيصا في البيوت التيارتية بحدة من اجل هذا الهدف مفضلين شراء مسكن بمدخولهن وتقييد عقد شرائه بأسمائهن، وزيادة على عامل اللاثقة وعامل الإرهاق هناك عامل أنوثة الرجل ورجولة المرأة فالمرأة أصبحت تعمل وتدر المال على نفسها وعائلتها والرجل حتى وان كان يعمل فان هذه الأخيرة وباتكالها على مدخولها لم تعد في حاجة إلى خدماته والى لعب دور الضعيفة وبالتالي تجسد قوتها في ادخارها لجزء من مالها حتى تحقق حلم الاستقلالية عن طريق بيت أساسه من مالها فان شاء الرجل عاش معها وان احتكمت الظروف الى الطلاق يخرج من البيت تماما كما كان يفعل بها قبل تعديل قانون الأسرة الجزائرية الأخير .. أستاذ الرياضات مسعود قال أن الرجل قوام على المرأة و منذ الأزل ولا يزال هو الكادح دون المرأة بعقله وبدنه وهي الطماعة على حد تعبيره فجهده اكبر من جهدها مهما فعلت ولا يجب أن نسمح لهذا المد الغربي بالتغلغل أكثر فأكثر في أذهان وخلفيات بناتنا اليوم ثم إن صراعها لا بد أن يكون على مثيلاتها من نساء البوادي والريف بعدما حققت المرأة المدنية ما تريد .. في حين رد خالد بالقول انه ليس كل الرجال هم سالبي حرية النساء، بل قد يكونون دافعوا الحرية ولولا هذا لما تغيرت الأدوار فانا كمسئول أفضل أن تكون زوجتي مثلا متعلمة وواعية صاحبة قرار وإرادة يسهل التعامل معها وإعطائها الثقة اللازمة على أن تعرف حدودها في كل خطوة تمشيها فهناك رجال مثلي يقدرون المرأة واضطلاعها بمهمات كانت حكرا لنا ثم إنني أرى في بحثها عن لقمة العيش وعن تخليصها لفاتورة الماء والكهرباء والبحث عن خادمة والتسوق واستقدام مصلح الآلات االكهرومنزلية للبيت تنفيسا عني والتنحي عن هذه المشاغل والاهتمام بأمور أخرى. ولكي نمسك العصا من المنتصف ونورد توازنا بين رأي خالد ورأي مسعود والآخرين دفعنا الموقف إلى البحث عن وجهات نضر متقاربة او متفاوتة فوجدنا المعتدلون والمتشددون والمتساهلون والمتناقضون ومن لا رأي لهم فقصة التحول هاته ابرز أعمال جدول أحاديث الرجال على ارصفة طرقات تيارت في سباق مع الزمن بين بعضهما بين من يريد تهميش هذا الموضوع ومن يتغافل عليه ومن يخفف من الظاهرة وبين هذا وذلك نعود إلى الرأي الأول الذي افتتحنا به الموضوع فالمجتمع لا يبنى بجنس واحد وعليه على الاثنان ان يمسكوا يبعضهم البعض وذلك بالاحترام المتبادل والمودة والتشاور حول قضاياهم سوية لا كل واحد على حدا ..ليكون الترابط في محيط الأسرة أولا و لينعكس ايجابيا على المجتمع كله لأنه بالمجتمع يقاس رقي الأمم ولنختم بقول جبران ( أعطوني أمهات صالحات نيرات أبدل لكم وجه العالم).