الملك “يوبا الثاني “ ملك الامبراطورية المورتانية كان يعشق زوجته كليوباترا سيليني حتي الجنون حيث حزن عليها بعد وفتها حزنا شديدا لدرجة انه قرر ان يخلد ذكراها بضريح بناه لها في منطقة سيدي راشد بولاية تيبازة يطلق عليه قبر الرومية " الضريح الموريتاني" كان الملك يوبا الثاني مرابط كثيرا بزوجته كليوباترا التي أنجبت له أميرا سماه “بطليموس ” ولكنها توفيت بعد فترة من الزمن فتأثر الملك برحيلها وبنى لها هذا الضريح على شكل تحفة معمارية خالدة تحاكي أهرامات مصر, قصة الحب هذه وقعت في الفترة اللوبية الفرعونية التي كان فيها تحالف بين مملكة الفراعنة والمورتانيين بعد ان قام الملك الشيشنق بالتدخل لحماية مصر من غزو جيش الحبشة وبطلب من فرعون مصر ، فترة التحالف هذه دامت اكثر من ثلاثة قرون شهدت تزاوجا بين العائلتين الملكيتين ، غير ان قصة كليوباترا سليني ويوبا الثاني كانت اكثر قصة حب قوية دونها التاريخ عبر صفحاته حتي تحولت الى اسطورة يجسدها قبر الرومية او الضريح الموريتاني هذا القبر الذي يحمل الكثير من صفات الاهرام ، والذي يخلد ذكري كليوباترا ،هو معلم تاريخي يحاكي عظمة الحضارة الامازيغية التي عرفت اوجها في عهد يوبا التاني الذي يعد من اقوى ملوك والقادة العسكريين لامبراطورية مورتانية “الاسم القديم لمنطقة المغرب العربي بين 25 قبل الميلاد و23 ميلادية وكانت عاصمته أيول شرشال حاليا"90كلم غرب العاصمة الجزائر". كما عرفت حقبته بالازدهار والرخاء كونه كان ملكا مثقفا ، قبر الرومية معلم اثري يحكي عظمة الحضارة الامازيغية قبر الرومية كما يحلو لسكان منطقة تيبازة تسميته تم اكتشفه عام 1865 م من طرف عالم الحفريات والآثار الفرنسي “أدريان بيربروجر” وذلك بعد أن طلب نابليون الثالث منه إجراء عملية حفر في المنطقة المسماة سيدي راشد ، هذا وكان المؤرخ الروماني الشهير “ميلا بومبونيوس” قد أكد في كتابه الخاص بملك البربر "يوبا الثاني" أن هذا المبنى التحفة هو عبارة عن مقبرة للعائلة الملكية البربرية التي حكم موريتانيا في عهد ملك البربر”يوبا الثاني” و ذلك عام 40 قبل الميلاد . يقع الضريح الملكي الموريتاني على ربوة ارتفاعها 261 متر في بلدية سيدي راشد بولاية تيبازة 80 كلم غرب الجزائر العاصمة ويمتد على سهول المتيجة مقابلا البحر ومن عجائب هذا الضريح أن لونه يتغير حسب الفصول وحسب ساعات النهار أيضا، فتجده أحيانا يميل إلى الاصفرار، كما يأخذ اللون الرمادي، و تعلوه زرقة إذا أحاط به الضباب . الزائر لهذا المعلم يجد نفسه قبالة قبة حجرية تتجلى من خلال تفاصيلها عبقرية نادرة في البناء المعمار وتفنن في فسيفساء المداخل وأبواب الضريح و التي تحاكي عصر من قرون خلت، فهو ذو شكل أسطواني يعلوه مخروط مدرج ، تزينه دائرة ب60 عمودا مميزا بتيجان إيوانية يحمل كل واحد منها إفريزا، ويتربع هذا الشكل الهندسي على قاعدة مربعة ضلعها 63.40 مترا، ويوجد أمام باب القبر آثار بناية يبلغ طولها 16 مترا وعرضها 6 أمتار، كانت معبدا سابقا. ويشمل الضريح أربع صفائح حجرية، هي أبواب مرسومة بطريقة النقش علي الحجر الذي كان منتشر في ذلك العصر ويبلغ ارتفاعها6.90 أمتار، وتبرز بها نقوش يتراءى منها رسم يشبه الصليب، مما جعل بعض الباحثين في الآثار يعتقدون أنه مبنى مسيحي ومنه جاء اسم “قبر الرومية” المأخوذ من مفردة “الرومي” العربية أي البيزنطي أو الروماني. لكن كثيرا من علماء الآثار يؤكدون أن المبنى لا صلة له بالمسيحية كونه بني قبل الميلاد و قبل نزول المسيح عيسي عليه السلام عند اجتياز باب الضريح يتمكن الزائر من السير في رواق ضيق يجبره على الانحناء ، و يمكن تمييز نقوش على الحائط الأيمن تمثل صورة أسد ولبؤة، وقد نسب الرواق إلى النقوش فسمي " بهو الأسود "وبعد تجاوز هذا الرواق يجد الزائر نفسه في رواق ثان طوله 141 مترا وارتفاعه 2.40 مترين شكله ملتو، ويقود مباشرة إلى قلب المبنى الذي تبلغ مساحته 80 مترا مربعا. و أشيع سابقا أن الضريح يحوي كنوزا ولكن الباحثين لم يعثروا على أي كنز داخله. معلم اثري صامد في وجه الطبيعة يعرف الضريح المتربع على يسار الطريق المؤدي الى سيدي راشد بتيبازة، قدوم المئات من العائلات التي تقصد المكان للترفيه عن النفس في أجواء طبيعية خلابة، اجتمع فيها منظر الجبل بالبحر وزادتها أشجار الكاليتوس والصنوبر، وكذا عطر شجيرات"الضرو" المتناثرة هنا وهناك سحرا خاصا. وعلى الجانب الايمن للضريح توجد شجرة صنوبر كبيرة باسقة، التفت حولها بعض الصخور الهاربة من الضريح لتؤمن مكانا رائعا للجلوس والاستمتاع بالهدوء والسكون، وغالبا ما تحضر العائلات ومعها الزرابي و الافرشة، وكذا الغداء والقهوة وغيرها من المتطلبات، لقضاء يوم كامل في رحاب الغابة الشاسعة هذا المعلم الأثري محمي ضمن التراث العالمي وقد أكد خبراء اليونسكو على ضرورة الحفاظ وحماية هذه التحفة وترميم بعض الحجارة التي تعرضت لتفتت بسبب الظروف الطبيعية كونه لانه قطب سياحي خلاب يجذب اليه السواح من كل المناطق طوال السنة السلطات الجزائرية اتخذت تدابير وفائية من اجل حماية القبر من خلال وضع حراسة أمنية مشددة من طرف رجال الدرك الوطني للحفاظ على هذا المعلم و الحيلولة دون تخريبه أو تحوله إلى وكر للدعارة ، حيث أن الكثير من الشباب لا يمتثل للتعليمات المسجلة على لافتة كبيرة عند المدخل الرئيسي للضريح تمنع النحت على الحجارة وتمنع المشي على الأجزاء الخاصة بالضريح ، وكذا تسلق الجدران وقلب الحجارة ونقلها من مكانها، فهم يحاولون تسلق الحجارة رغم الخطر المحدق بهم، وكذا نحت بعض الأشخاص لأسمائهم وتواريخ علاقاتهم العاطفية على الحجارة، وهو الأمر الذي يعتبر مساسا بالمعلم التاريخي، إلى جانب رمي الأوساخ في كل مكان ، كما تقوم هذه القوات بحملات مداهمة فجائية في الغابة من وقت لأخر من اجل تطهير المكان من المشاهد المخلة بالحياء، لضمان الأمان والرفاهية للعائلات التي تجد في المكان متنفسا طبيعيا لها. قبر الرومية محمية أثرية عالمية تستحق الكثير من الاهتمام من السلطات فهو واجهة تاريخية تفخر بها الجزائر تحكي حقبة زمنية شهدت ازدهار الحضارة الامازيغية التي يحاول الكثير تفنيدها وإقصائها من التاريخ، فهو دليل يسكت الأصوات التي ترفض الاعتراف بالفترة اللوبية الفرعونية التي حكم فيها الامازيغ ارض الفراعنة ، كما انه متنفس المواطنين في بلدية سيدي راشد لما يتمتع به من مسحة جمالية تشد الزوار إليه بل يبعث فيهم الكثير من الفضول لاكتشاف تاريخه وما يخفيه هذا القبر غير ان الكثير من الاشخاص الذين لا يعرفون القيمة الانسانية والتاريخية للمكان فحولوه الى وكر للافعال المخلة بالخياء وتعاطي المخدرات في غياب للسلطات عانى القبر من الإهمال لسنوات عدة جعلته يخسر الكثير من رونقه مما استدعي السلطات المحلية إلى إغلاق بابه الداخلي ليبقي لوحة فنية نتمتع بجمالها الخارجي فقط، خاصة بعد تحذيرات اليونسكو ، اليوم الزائر للقبر غير مسموح له بدخول سراديبه واكتشاف خباياه وإشباع فضوله الا بتصريح من بلدية سيدي راشد التي لا تمنحه الا للسواح الأجانب او جهات خاصة حفاظا على هذا القبر الذي يمثل الهوية الامازيغية بامتياز