شرشال، إحد مدن الجزائر الساحلية تطل على البحر المتوسط، تقع على بعد90 كم غرب مدينة الجزائر وهي عاصمة ولاية تيبازة، هي مدينة أمازيغية، كانت تسمى”أيول” عرفت أوج ازدهارها في عهد القرطاجيين، والكثير من المؤرخين يعتقدون أن شرشال كانت مستعمرة مصرية في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد “1500ق. م”، جاء هذا الاعتقاد بعد أن عثر باحثون على تمثال مصري في شرشال عليه خرطوشة الفرعون تحتمس الأول (1493-1482 ق.م). تعاقب على المدينة عدة ملوك أمازيغ منهم سيفاكس ثم ماسينيسا قبل أن يستولى عليها الرمان بعد هزيمة النوميدين عام 105 ق. م. صارت شرشال أو “أيول” عاصمة لموريتانيا القيصرية، وهذا بعد تم تغيير اسمها تكريما للإمبراطور الروماني أغسطس قيصر(31 ق.م-14 م)، في عهد الملك يوبا الثاني الذي حولها إلى عاصمة للثقافة والإشعاع الفكري. تعاقب عليها فيما بعد الرمان، الوندال وبعد الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا سميت شرشال. وقد اشتهرت المدينة بثراء إرثها الحضاري والأثري حتى أن بعض البحوث التاريخية تذكر أن الكثير من أثار المدينة نقلت إلى متاحف باريس كما أقدم الاستدمار الفرنسي على استعمال الحجارة الأثرية في بناء الثكنات، ويكفي أن نعرف أن الكاردينال لافيجيريه، قام بتهديم رواق الهيبودروم الذي كان معمدا بأعمدة من الغرانيت والرخام وممهدا بدرجات سلالم جميلة، بحثا عن قبر القديسة المسيحية “مارسيانا” تسمى شرشال بالمتحف المفتوح نظرا لكثرة انتشار الآثار والشواهد التاريخية بها فحيثما تولي وجهك تطالعك رائعة التاريخ الذي يروى في هذه الأزقة الموريسكية أكثر من 15 قرنا من الزمان والعابرين. تستقطب المنطقة الكثير من الزوار والسياح من الداخل والخارج حيث يشكل الفرنسيون والصينيون وحتى اليبانيون زبائن دائمين لباعة الورد والتحف التذكارية، وقد زاد امتزاج الطبيعة هنا من استقطاب المنطقة للزوار حيث يجاور البحر الجبال ويتناغم الصخر بالخضرة إذ يجلب شاطئ الصخرة البيضاء الذي يبعد عن المدينة ب3كلم يوجد بقلب جبال شنوة بين شاطئي واد البلاع والحمدانية أو الجزيرات الثلاث كما تعرف، تجلب الكثير من الفضوليين وحتى هواة التخييم على السفوح وممارسة القفز من أعلى الصخور الكلسية إلى مياه الشواطئ. تشتهر شرشال بالعديد من معالمها التاريخية والأثرية أبرزها قبر الرومية أو الضريح الموريتاني، الذي يضم قبر سيلينا التي خلد التاريخ قصتها مع يوبا الملك الأمازيغي الذي التقى بها في الأسر عند الرمان، عندما أسر يوبا لدى جوليو سيزار وأسرت سيلينا بعد انتحار أمها كليوباترا ملكة مصر، غير أن جوليو بعث الجندي الأمايزيغي الذي كان مولعا بالثقافة الإغريقية إلى “أيول “ ليصير ملكا على القيصرية التي صارت فيما بعد عاصمة المملكة النوميدية التي بسطت نفوذها حتى تونس والمغرب، وهكذا استرجعت سيلينا التاج وصارت زوجة يوبا الذي أحبها بجنون وشيد لها قبرا صار إلى اليوم تحفة فنية عمرها أكثر من 15 قرنا.