قال الوزير الأول عبد المالك سلال، أن غلق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب جاء ردا على القرار الأحادي لسلطات المملكة المغربية بفرض تأشيرات دخول على الرعايا الجزائريين، مضيفا في ذات السياق "أن المغرب بلد جار وشقيق بيننا نقاط خلاف عالقة تتباين بشأنها وجهات النظر". أوضح سلال في حوار مع مجلة "الأهرام العربي" المصرية نشر أمس بخصوص العلاقات الجزائرية المغربية، "أن الجزائر تفضل مقاربة شاملة تطرح فيها القضايا بصراحة في حوار مباشر، خصوصا أن الأمر يتعلق بمواضيع محددة يبقى استعداد بلادنا كاملا لتسويتها بطريقة جدية، كي يتمكن البلدان من التفرغ إلى المهمة الأسمى، ألا وهي بناء اتحاد مغرب عربي كما تتطلع له شعوبنا". الجزائريون حرروا قضايا الدين والهوية واللغة من المزايدات السياسية .. وبخصوص الفتن المذهبية والطائفية التي يستعملها الغرب كشرارة لإحراق الشعوب العربية، أكد سلال أن الجزائريين إختاروا أن يحرروا قضايا الدين والهوية واللغة من مستنقع المزايدات السياسية وأن يرتقوا بها، بعد تثبيتها في النص الدستوري، إلى الفضاء الأكاديمي والعلمي، حيث يتمكن أهل الاختصاص من تناولها بموضوعية تخدم وحدة الشعب ومصالح الوطن. كما أكد الوزير أن الدستور الجديد يعد خطوة عملاقة في مسيرة الجزائر وطفرة في مجال الحقوق والحريات الجماعية والفردي، مشيرا أن الدستور أقر أحكاما تضمنت تقوية للوحدة الوطنية والشخصية الجزائرية. أما فيما يتعلق بتداعيات الأزمة النفطية، قال سلال إنها عنيفة وذات جذور جيو إستراتيجية أكثر منها اقتصادية، مشيرا إلى أنه من الصعب التكهن بتطورها على المديين القريب والمتوسط، مؤكدا بأنه يتعين على الجزائر لمواجهة هذه الأزمة مواصلة عصرنة البلاد دون المساس بالمكاسب الاجتماعية أو اللجوء المفرط لاحتياطاتنا، وأضاف الوزير أنه "بفضل التسديد المسبق للديون والتسيير المالي الراشد، تواجه الجزائر الأزمة أحسن من كثير من الدول. كما شدد في ذات الإطار على ضرورة البحث عن الثروة في القطاع المنتج وفي المؤسسة الجزائرية عمومية كانت أم خاصة، مشيرا أن الجزائر تعمل على بناء اقتصاد ناشئ يرتكز على القطاع المنتج الخالق للثروة وذلك بالتركيز على إعادة بناء القاعدة الصناعية الوطنية من خلال شراكات في عدد من القطاعات مع متعاملين ذوي خبرة عالمية معترف بها . سلال يؤكد دعم الجزائر لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير هذا وجدد الوزير الأول، دعم الجزائر لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و التزامها بالمسار الأممي لتسوية النزاع في الصحراء الغربية، مشيرا أن ملف الصحراء الغربية موجود بين يدي منظمة الأممالمتحدة وهو الآن محل مسار سياسي تفاوضي بين المملكة المغربية والجمهورية الصحراوية، وأضاف في هذا الصدد "من منطلق تاريخها الثوري، لم تخف الجزائر يوما تعاطفها وتضامنها مع الشعب الصحراوي في نضاله من أجل حقه في تقرير مصيره ولا اعترافها بالجمهورية الصحراوية على غرار أكثر من سبعين دولة في العالم والعديد من المنظمات الدولية وعلى رأسها الإتحاد الإفريقي". أكد التزام الجزائر بدعم كل مساعي رص الصف العربي ..وفي سياق متصل أكد سلال، أن الجزائر لن تدخرا جهدا في تدعيم كل المساعي الرامية إلى رص الصف العربي وتفعيل تضامن الأمة العربية، مؤكدا أن الاسترجاع السريع للأمن والاستقرار هو من الأولويات ومن دونه لا يمكن تصور عمل عربي ناجح أو تأثير على الأحداث، خصوصا فيما يتعلق بملفات الأساسية وعلى رأسها القضية الفلسطينية المركزية. و بخصوص الاضطرابات التي يعرفها العالم العربي، أوضح سلال أن الأيام والأحداث أثبتت رجاحة القراءة الجزائرية لما عرف بالربيع العربي، مؤكدا أن التدخلات العسكرية الخارجية تخلق مشاكل أكثر تعقيدا، كما جدد تمسك الجزائر بمبدأ سيادة الدول ووحدة ترابها، داعيا جميع الأطراف في ليبيا وسوريا إلى نبذ العنف واعتماد الحوار لتجاوز الخلافات وتحقيق التوافق الوطني . كما نبه الوزير إلى الخطر الإرهابي الذي يتطور في تلك المنطقة والذي يشكل تهديدا متناميا للسلم العالمي، مشيرا أن الإرهاب بعد أن خرب أجزاء كبيرة من العراق وسوريا تمكن حتى من الاتجار في النفط. و في رده عن سؤال حول إمكانية مشاركة الجزائر في محاربة الإرهاب عسكريا خارج حدودها، ذكر سلال بالمانع الدستوري الذي لا يسمح للجيش الوطني أن يقوم بمهام قتالية في الخارج، مؤكدا أن اليأس غير مسموح للمسؤول السياسي، فمهما كانت الأوضاع في عدد من دول بالغة التعقيد، إلا أن حلها بالحوار والطرق السلمية ليس مستحيلا .