تزامنا مع اليوم العالمي للعنف ضد المرأة ارتأت السلام اليوم إجراء استطلاع للوصول إلى درجة العنف التي تتعرض لها الكثير من النساء وبالرغم من وجود هذا اليوم التحسيسي للقضاء على العنف ضد المرأة، مازال العنف منتشرا، وهذا حسب الدراسات التي تؤكد أن من بين كل ثلاث نساء في العالم تتعرض واحدة منهن على الأقل في حياتها للضرب أو الإكراه على الجماع أو لأسباب أخرى من الاعتداءات والإيذاء، على أن يكون الاختلاف في نوعه ما بين الفردي بالإيذاء المباشر أو غير مباشر باليد،اللسان، والجماعي الذي يحوي مجموعة من الأشخاص. كانت البداية مع «جميلة» 25 سنة، زوجة شابة، وأم لأربعة بنات، لم يرزقها الله ذكرا، حدثتنا عن مشكلتها والواقع المر الذي تعيشه يوميا مع زوجها، فهذا الأخير يهينها ويحتقرها و صفها بأبشع المصطلحات، ولا يتوقف الأمر هنا فقط، بل يتجه أيضا إلى شرفها حين يهينها ويتهمها في أخلاقها، والأكثر من ذالك عندما يضربها أمام مرآى الجميع بالأخص بناتها، ويسلبها إرادتها وكرامتها حين يطلب حقه الشرعي منها متى أراد دون موافقتها غالبا، وإذ اعترضت ينهال عليها بالسب والضرب مستخدما طرقا وأساليب مختلفة، ومهما تدخل العديد من الأطراف من كلتا الأسرتين، إلا أن الوضع بقي على حاله، فهي لاتزال تعاني من الرعب من طرف زوج وصفته أنه فاقد للوعي، لأنه لا يستخدم إلا لغة الضرب والشتم والإهانة كبديل للغة الحوار. وفي نفس السياق، تعيش «نعيمة» 33 سنة، موظفة بمؤسسة خاصة نفس الحالة التي تمر بها «جميلة»، وتؤكد على أنها صارت عادية بالنسبة لها، فتقول: «من كثرة العنف الذي يمارسه زوجي عليّ صرت متعودة على ذالك، فأنا كل يوم أتعرض للإهانة بشتى أنواعها عندما تنقصه كميات المخدرات وليس له النقود لشرائها، وعندما لم أتحمل الوضع طلبت الطلاق، لكن أهلي رفضوا ذلك وطلبوا مني البقاء معه وتحمل طباعه، وهذا بسبب أنهم يعتبرونني أنا المتسبب الوحيد في مشكلتي، لأنني تزوجته دون رضاهم»، وتضيف محدثتنا: «فكرت مرار في الانتحار والتخلص من نفسي، لأنني لا أستطيع تحمل المزيد منه من جهة، ولا أستطيع إعالة نفسي من جهة أخرى، لأنني تعرضت لأضرار جسدية ونفسية جمة لا يمكن نسيانها بسهولة، لدرجة أنني أصبحت أشعر بالخوف وانعدام الأمان، لأنه منعني من التمتع بحقوقي كإنسانة». وفي سياق ذي صلة، توجد معاناة أخرى تتمثل في حالة الشابة «حياة» وبالرغم من أن اسمها يدل على الحياة، إلا أنها لا ترغب في مواصلة العيش، وهذا ابتداء من ذلك اليوم الذي بدأت تتجرع فيه مرارة عنف الرجل الذي أعادت أمها الزواج معه عند وفاة والدها، وهذا الأخير اكتشفت أمها أنه يتاجر في الخمور ويتعاطاها، لكن لم تبال بالوضع في الوهلة الأولى مادام أنه لا يتعرض لهما، لكن ومع مرور الوقت أصبح يتهجم على الفتاة البريئة من خلال التعذيب الجسدي ليصبح في الأخير عنفا نفسيا، ولم يبق الوضع هكذا فقد وصلت الجرأة بهذا الزوج إلى الاعتداء عليها جنسيا، ويهدر كرامتها في بيت أمها وأمام نظرها، وهذا ما دفعها إلى رفع دعوى قضائية ضده. «سعيدة» واحدة من السيدات اللواتي يعانين في صمت، حيث تضطر إلى احتمال تصرفات زوجها المزاجي الذي لا يجد أي مانع من إهانتها وشتمها أمام مرآى ومسمع أبنائه الذين يبدأون بالبكاء عندما يبدأ بضربها لأتفه الأسباب، وكل ما كانت تقوم به في كل مرة هو اللجوء إلى بيت أهلها الذين يسمحون لها بالبقاء لحين نسيان الموقف، ثم تعود إلى بيت الزوجية، خاصة وأن زوجها لا يهتم بالنصائح التي يقدمها له المحيطين به، ورغم أن حالات الضرب التي كانت تتعرض لها جعلتها تقصد المستشفى لتلقي العلاج، إلا أنها كانت تخفي على الطبيب مصدر الكدمات وتكتفي بقول وقعت من على السلم، أما عن سبب موقفها هذا فتقول «لقد صبرت من أجل أبنائي.. صحيح أن زوجي مازال يشتمني ويهينني، إلا أن الأمر الجيد هو أنه توقف عن ضربي«. خلية الإصغاء بشبكة «وسيلة» تخفف بعض معاناتهن تعتبر شبكة «وسيلة» من الجهات الناشطة بقوة في الجزائر للدفاع عن المرأة والطفل، وهذا منذ تأسيسها في شهر أكتوبر من سنة 2000، في إطار توعية وتحسيس المجتمع لمكافحة كل أشكال العنف الممارس ضد الأطفال والمرأة، كما تعمل هذه الشبكة ضمن 14 جمعية فاعلة، ترمي جهودها للإنقاص من الظاهرة، وهذا من خلال نشر شهادات حية على أبشع الاعتداءات والعنف المتواصل ضد المرأة والأطفال على وجه الخصوص بدافع أنهم فئة حساسة في المجتمع، وهذا الفعل يؤثر عليهم مستقبلا في حياتهم الشخصية،لمعالجة آفة العنف بكل أشكالها، في حين كان آخر إصداراتها «الكتاب الأسود» الذي يحوي شهادات حية في المعاناة لمجموعة من الجنس اللطيف بمختلف أعمارهن من المراهقات، شابات، أمهات، مطلقات، وحتى الأرامل، اللواتي عايشن الوضع وتعرضن للاعتداءات و التعذيب بكل أشكاله من مختلف الأطراف الموجودين داخل الأسرة وأيضا في المجتمع،و وجدن الحل الوحيد لهن هو طرح معاناتهن لهذه الشبكة « شبكة الإصغاء « للتخفيف من معاناتهن، باعتبار هدفها الأسمى هو التكفل بالمرأة و الطفل المعرضين للعنف. و في الأخير يبقى العنف الممارس ضد الأطفال و المرأة بمختلف أشكاله،أبشع ما تتعرض له المرأة ، بمختلف أشكاله من اللفظي إلى الجسدي إلى غاية الجنسي ، فلا يمر عام إلا و تتعرض فيه الكثير من النساء للعنف على أيادي الأقرباء،الأصدقاء، الغرباء،أرباب العمل، الزملاء في العمل، وإلى غيره من الأشخاص، ليصبح هذا الواقع أمرا لا يمكن تجاهله.