الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد
الأمة العربية
الأيام الجزائرية
البلاد أون لاين
الجزائر الجديدة
الجزائر نيوز
الجلفة إنفو
الجمهورية
الحصاد
الحوار
الحياة العربية
الخبر
الخبر الرياضي
الراية
السلام اليوم
الشباك
الشروق اليومي
الشعب
الطارف انفو
الفجر
المساء
المسار العربي
المستقبل
المستقبل العربي
المشوار السياسي
المواطن
النصر
النهار الجديد
الهداف
الوطني
اليوم
أخبار اليوم
ألجيريا برس أونلاين
آخر ساعة
بوابة الونشريس
سطايف نت
صوت الأحرار
صوت الجلفة
ماتش
وكالة الأنباء الجزائرية
موضوع
كاتب
منطقة
Djazairess
عطاف يجري بجوهانسبرغ محادثات ثنائية مع عدد من نظرائه
توالي ردود الفعل المنددة بطرد الاحتلال المغربي لوفد برلماني أوروبي من الاراضي الصحراوية المحتلة
صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج
بوغالي بالقاهرة لترؤس أشغال المؤتمر ال7 للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية
الدورة الافريقية المفتوحة للجيدو: سيطرة المنتخب الوطني للأواسط في اليوم الأول من المنافسة
أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة
شركة جازي تفتتح فضاء جديدا خاصا بالحلول التكنولوجية بالدار البيضاء بالجزائر العاصمة
وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية يترأس بسطيف لقاء مع مسؤولي القطاع
تنظيم الطبعة ال21 لنهائي سباق سعاة البريد في اطار احياء اليوم الوطني للشهيد
ترسيم مهرجان "إيمدغاسن" السينمائي الدولي بباتنة بموجب قرار وزاري
تحديد هوية الإرهابي الخطير الذي تم القضاء عليه يوم الخميس بالمدية
سفارة أذربيجان بالجزائر تستعرض مجموعة من الإصدارات الجديدة في لقاء ثقافي
بوغالي يستقبل رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر
ياسين وليد: ضرورة تكييف عروض التكوين مع متطلبات سوق العمل لكل ولاية
الرئيس الفلسطيني: نعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة
سايحي يضع حيز الخدمة مركز مكافحة السرطان بطاقة 140 سريرا بولاية الأغواط
زروقي يدشن أول مركز للمهارات بسطيف
تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025
الرابطة الأولى: شباب بلوزداد يسقط في سطيف (1-0) و يهدر فرصة تولي صدارة الترتيب
تدشين مصنع تحلية مياه البحر بوهران: الجزائر الجديدة التي ترفع التحديات في وقت قياسي
جائزة سوناطراك الكبرى- 2025: فوز عزالدين لعقاب (مدار برو سيكيلنغ) وزميليه حمزة و رقيقي يكملان منصة التتويج
فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية
تردي متزايد لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب
الشروع في تسويق طراز ثالث من السيارات
إنقاذ 221 حرّاقاً بسواحل الجزائر
غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير
بن طالب.. قصة ملهمة
بو الزرد: دخول منحة السفر الجديدة حيز التنفيذ قبل نهاية رمضان أو بعد العيد مباشرة
شرفة يعلن عن الشروع قريبا في استيراد أكثر من مليوني لقاح ضد الحمى القلاعية
افتتاح أشغال الدورة التاسعة عشر لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بروما
اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا
لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي
مبارتان للخضر في مارس
الاهتمام بالذاكرة لا يقبل المساومة
أمطار مرتقبة في عدّة ولايات
خنشلة: الأمن الحضري الخارجي المحمل توقيف أشخاص في قضيتي سرقة وحيازة كحول
هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!
الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا
أدوار دبلوماسية وفرص استثمارية جديدة للجزائر دوليا
مضوي غير راض عن التعادل أمام الشلف
قمة بأهداف صدامية بين "الوفاق" و"الشباب"
توقُّع إنتاج كميات معتبرة من الخضروات خلال رمضان
احتفالات بألوان التنمية
إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"
مشاريع تنموية واعدة في 2025
دعوة لإنشاء منظمات عربية لرعاية اللاجئين
أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط
هذا ما يجب على مريض السكري التقيُّد به
"حنين".. جديد فيصل بركات
تتويج "الساقية ".. بجائزة كلثوم لأحسن عرض متكامل
حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج
الزيارة تستدعي الإدانة كونها استخفاف بالشرعية الدولية
هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى
الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة
هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان
سايحي يواصل مشاوراته..
أدعية شهر شعبان المأثورة
الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
فوقَ الجراحِ الداميةِ تعتلينَ مَدارجَ الحُروفِ .. !
فاطمة يوسف ذياب
نشر في
السلام اليوم
يوم 20 - 03 - 2017
"غاباتي تعجُّ بالنّمور" عنوانُ قصيدةٍ مُغنّاةٍ على أوتارِ الوجعِ الموجوع للشّاعرة آمال عوّاد رضوان، والتي ما انفكّتْ تتّكئُ على عكّازِ الغيم، تستمطرُ الأملَ مِن سحابةٍ عابرةٍ، بتصويرٍ بلاغيّ مُخلِصٍ لأدواتِهِ النصّيّة.
عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضون، وعودةٌ إلى اللهاثِ وراءَ حروفِ أبجديّتِكِ العصيّةِ المُستعصيةِ، يَستفزُّني ويُحفّزُني حرفُكِ، فأتحدّاهُ وأبحرُ في لجّتِهِ، كي أقبضَ على كوامنِ الروحِ، في نصٍّ يكادُ يَتفلّتُ مِن بين أصابع قدرتي على الغوص، وأشحذُ عزيمتي وعتادي وأبحرُ إلى ما وراءِ الوراء، حيث يُمثّلُ الاحتراقُ اشتعالَ ما وراء النصّ بتفجُّرِ القصيدة، فتتراقصُ بنا ما بينَ الموجودِ والمفقودِ، وأراني أستمتعُ بنَصِّكِ، وأغوصُ في فيْضِ غاباتِكِ وإن كانتْ تعجُّ بالنّمور، فأنا أيضًا كمثل قولك:
أَيَا فَاتِنَتِي/ أَنَا مَنْ خُلِقْتُ../ لِأَحْتَرِقَ بِكِ/ احْتَرَفْتُ الاتِّكَاءَ/ عَلَى غَيْمِكِ/ على لهْفَتِكِ.. على جُنُونِكِ/ وَقَدْ خَضَعْتُ لِحُلُمِي طَوِيلًا/ فِي انْتِظَارِكِ.
أراكِ عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان تشتعلين باحتراقِ الوجْدِ في زمنِ المَدِّ والجزْرِ، وتتجذّرينَ في غاباتٍ تعجُّ بالنّمورِ، وتنوئينَ بحملِ احتراقكِ في وطن مُتخم باحتراقِهِ، وكظبيةٍ جافلةٍ تتلفّتينَ وتبحثينَ عنهُ في دهاليزِ المجرّاتِ، وفوقَ الجراحِ الداميةِ تعتلينَ مَدارجَ الحُروفِ، فتعودين إلى بدايةِ الفقدِ، وإلى بداياتٍ غائرةٍ في جسدٍ عُذريٍّ يَتهتّكُ بذُلّهِ وضعفهِ وهوانِهِ، وأراكِ ترسمينَ بسيفِ حرفِكِ علاقةً شاعريّةً روحيّةً مع وطنٍ يَعجُّ بالنّمورِ، علاقةً تتسربلُ بقداسةِ فقدٍ يُواصلُ أنينَهُ قائلًا:
أَنَا .. مَنِ امْتَطَتْنِي وحْشَةُ الْفَقْدِ/ لَمَّا أزَلْ ../ أُسَبِّحُ .. سِحْرَ سُكُونِكِ
وأيُّ فقدٍ هذا الذي يُراودُكِ بينَ الحينِ والحين، ليَسحبَكِ منكِ ومِن كلِّ ما حولَكِ، إلى غاباتٍ تستوطنُ الذاكرةَ عبْرَ قرونٍ خلتْ، بحثًا عن وطنٍ منشودٍ تعيشينَهُ كما يعيشُهُ كلُّ البشرِ، في وطن كهذا، أراكِ تتآكلين بحروفِك، كي تَصِلي إلى واقعٍ مُغايرٍ، وتُحاولي أن تُزيلي كلَّ الشّوائبِ المُتناثرةِ في علاقةٍ فرديّةٍ أزليّةٍ مشتهاة، ما بينك وما بينَ هذه الغابات، حيثُ نراكِ تمتطينَ وحشةَ الفقدِ، بعنادٍ يُكسّرُ كلَّ القوالبِ الجليديّةِ، وكلَّ ما في الكوْنِ مِن فرضيّاتٍ لا تقبلُ الجدَلَ، فلا معنى للاحتضانِ إلّا بملامسةِ قداسةِ العشبِ المُقدّس، فتقولين:
لكِنِّي وَمُنْذُ قُرُونٍ/ حُرِمْتُ دُخُولَ جَنَّتِكِ/ تِلْكَ مُشْتَهَاتِي.. سَخِيَّةُ الذَّوَبَانِ/ دَفِيئَتِي.. الْ .. عَامِرَةُ بِالْآهَاتِ/ وَمَا عُدْتُ أَتَعَرَّى.. حَيَاةً/ حِينَ تُشَرِّعِينَ.. نَوَافِذَ رِقَّتِكِ!
عزيزتي الشاعرة آمال؛ هنا أتوقّفُ عندَ بلاغةِ المُرادِ وفداحةِ الموجود؛ وقد استخدمتِ القداسةَ للعشب بإيحاءٍ ذكيٍّ، وبانصهارِ الروح بمَكانِها وكلِّ أزمانها، وبكلِّ ما رَواهُ التاريخُ عن وطنِ الزّيتونِ وعذريّةِ الزّعترِ ورائحةِ الليمون، وكلِّ ما تُنبتُ أرضُهُ، فنراكِ في ذاكرةٍ استرجاعيّةٍ طرديّةٍ تستنهضينَ صورَ الوطنِ، وتُراودينَ عشبَ الوطن المُقدّسِ، وتُناقشينَ قدسيّةَ العلاقةِ ما بينَ الإنسانِ وأرضِهِ ونباتِهِ وأعشابِهِ، حينَ تُصادَرُ حُرّيّتُهُ الفرديّة، وحين تُغتالُ العلاقةُ ما بينَ الشاعرةِ والعشبِ المُقدّسِ، وتتحوّلُ الصّرخةُ إلى علامةِ استفهامٍ واستهجانٍ، فتستدركين بقولك:
لكنّي.. مَا نَسِيتُ ذَاكِرَةَ عُشْبِكِ الْمُقَدَّسِ/ حِينَ يَسْتَحِيلُ لِصَرْخَةٍ فَرِيدَةٍ!
وننتقلُ هنا بذاكرةٍ استرجاعيّةٍ طرديّةٍ مألوفةٍ لحالاتِ الفقدِ العاديّ وغيرِ العادي، كفقدِ الحبيب والوطن، وانسحابِ عنصرِ الزمانِ مِن بين أصابعِ المكان، لنقفَ مع شاعرة الماوراء آمال عوّاد رضوان عندَ البوّابات الحالمةِ، ولنعبُرَ المساحاتِ الزمنيّةَ بتعدادِ سِنيها وقرونِها، حيثُ تَقذفُ النصَّ وتُشاغلنا بهِ في لهاثٍ عذريٍّ ما بينَ الروحِ والجسد، وحيثُ تستنهضُ صورَ الغزلانِ المُتراقصةِ فوقَ قداسةِ العشب، وترسمُ بأدواتِها النصّيّةِ وطنًا يُمثّلُ لها الماضي بكلِّ تاريخِهِ المُعشّشِ بأوْصالِها، ولتصنعَ لنا عوالمَهُ بحِرَفيّةٍ مُنتقاةٍ بأدقِّ الصورِ التعبيريّة، وأرقى مساحاتٍ مِن تفاصيلَ مُلوّنةٍ بعشبٍ وعناقيدَ وغزلان، إنّها لوحةٌ مُتحرّكةٌ تهزّ شِباكَ الذّاكرةِ، لنرى الوطنَ المُستباحَ في زمنٍ آخرَ يُظللنا بكلّ ملكوتِهِ وروحانيّاتِهِ؛ فهنا كان لنا بيتٌ، وهنا كان لنا مسجدٌ، وهنا كنيسةٌ وهنا وهنا..، وفي ال هُنا تتداخلُ الصّورُ المُستنشَقةُ مِن عبيرِ قرونٍ مضَتْ، لنرانا في غاباتٍ تعجُّ بالنّمورِ والرموزِ اللفظيّة!.
لكن، وبالرّغم مِن شراسةِ التعبير، فإنّك يا الشاعرة آمال، لم تفقدي بوّاباتِ الأملِ، ولم تُسقِطي مِن حسابِك العلاقةَ الروحيّةَ بارتباطِ الجسدِ والروحِ والمكان، بل وتُقسِمينَ بجَلالِ حنايا الوطنِ وبقُدسيّةِ أعشابهِ، وبطونِ وديانِهِ وبقوافلِ سُحُبِهِ، وتتماهين مع مرارةِ الفقدِ، فتطوّعينَهُ باستخدامٍ ذكيٍّ كي يكتملَ بناءُ القصيدة، ليصبحَ الوطنُ بكلّ تفاصيلِهِ ورموزِهِ عناصرَ مُباحةً للمداعبةِ والعناق، فهل القسَمُ عاجزٌ لا يغادرُ حدودَ صدرِ القوافي؟.
لا، فيا وطني المُباحُ بكلّ تفاصيلِك، كيفَ لا تكونُ هكذا وأنتَ مِلءُ السّمعِ والعيون؟ أراكَ كلَّ يومٍ، أعانقُكَ وأشتهيكَ حُلمًا فريدًا، لا يُشاركُني بكَ أحدٌ إلّايَ وعُشبُنا المُقدّس.
عزيزتي آمال، موجعةٌ أمانيكِ، وأنتِ تتسلّقينَ البوادي بعنفوانِ قوْلِكِ:
مَا نَسِيتُ عُشْبًا/ لَيْسَ يَتَنَفَّسُهُ.. إِلَّا نَسِيمٌ/ مُحَمَّلٌ.. بِعَنَاقِيدِ شَوْقِي وَحَنِينِي/ وَمَا نَسِيتُ غُزْلَانَكِ/ الْ .. تَنْبِضُ بِرِقَّتِي الْحَالِمَة!
بإيحاءاتٍ مُركّزةٍ مُكثّفةٍ تمتطينَ جوادَ الفقدِ، تُراقِصينَ غزلانَ الوطنِ وتَمُرّينَ عبْرَ أبوابِ الفتح، لنراكِ مع النسيمِ تُداعبينَ أوْتارَ الذّاكرةِ، وتَسبَحينَ في سكونِها الحالمِ في ملكوتِ وعوالمِ الفقدِ، وما يُمثّلُهُ مِن اشتعالٍ وتَفجُّرٍ واحتراقٍ، ولا زلتِ بانتظارِ مَن يُشرّعُ أبوابَ الوطنِ المُحترقِ لبُرقتِهِ الحالمةِ، هنا كانت الأرضُ وكانَ الوطنُ، هنا عاشتْ وتتابعتْ قوافلُ الزمنِ والأهل، في كلِّ ركنٍ لنا حكايةٌ يَزنون بها، فما عادتْ بلادُنا موصولةً بالجسد..
وَجَلَالُكِ/ أُقْسِمُ .. بِحَنَايَاكِ/ بِبُطُونِ وِدْيَانِكِ/ قَوَافِلُ سُحُبِي.. بَاتَتْ حَارِقَةً/ وَهذَا الْجَامِحُ الْمُسْتَأْسِدُ بِي/ صَارَ مَارِدًا/ يَرْعَى غَابَاتِي الْ تَعُجُّ بِالنُّمُورِ.
هكذا نرانا نقفزُ قفزَكِ الطريَّ المُسترسِلَ كما الغزلان فوقَ عُشبِها المُقدّس، نتنفّسُ الحُبَّ الأزليَّ مِن بين عناقيدِ الشّوْقِ والحنينِ، ونُسافرُ معَهُ عبْرَ غزلانِكِ الحالمةِ الجافلةِ المرتعِبةِ في غاباتٍ تعجُّ بالنّمور، تبحثُ عن طُهرِ العلاقةِ وأبعادِها في واقعٍ مُغتالٍ كلَّ يوْمٍ بدَمٍ كحليٍّ أسوَد، فنعرفُ مَن المُمتطى ومَن المُمتطي الذي يُساومُنا على جُرحِنا وفَقْدِنا.
الشاعرة آمال عوّاد رضوان، ورغمَ كلِّ شيءٍ تُقسِمُ بجَمالِ وجَلالِ العلاقةِ الأبديّةِ، وهذا القسَمُ يُوقفُني أمامَ قسَمٍ عظيمٍ مِن ربٍّ عظيم، عندما أقسَمَ اللهُ تعالى بالتين والزيتونِ وطورِ سنين، ببلاغةٍ تعبيريّةٍ تؤكّد قدسيّةَ العلاقةِ، ما بينَ الإنسان والنباتِ والزمانِ والمكانِ الذي هو الوطنُ بكلِّ ما فيهِ مِن أرضٍ وسماءٍ وهواءٍ وفضاءٍ، ونحن يا العزيزة آمال، ما فقدنا الزمانَ والمكانَ وكلَّ ما كانَ يَربطنا بهِ، وما زلنا نمتلكُ حُروفَ وجْدِنا واحتراقِنا في غاباتٍ تعُجُّ بالنّمور.
لكِنِّي وَمُنْذُ قُرُونٍ/ حُرِمْتُ دُخُولَ جَنَّتِكِ/ تِلْكَ مُشْتَهَاتِي.. سَخِيَّةُ الذَّوَبَانِ/ دَفِيئَتِي.. الْ.. عَامِرَةُ بِالْآهَاتِ/ وَمَا عُدْتُ أَتَعَرَّى.. حَيَاةً/ حِينَ تُشَرِّعِينَ.. نَوَافِذَ رِقَّتِكِ!)
عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان، إن كنّا قد فقدنا عناصرَ الزمانِ والمكانِ، فهذه الغاباتُ التي كانتْ مَرامَنا وموطنَ عِشقِنا وقَداستِنا، وقُدسُنا التي ما عادتْ لنا، صارت تعُجُّ بالنّمور، فحيثما كنّا وأينما توجّهنا، ثمّةَ نمورٌ تعترضُ بأنيابِها حركاتِنا، وتُصادِرُ همْسَنا الغزليَّ، فلا نملكُ إلّا (صرخةً فريدةً)، تتنفّسُ الحُبَّ الأزليَّ (المُحمَّلَ بعناقيدِ الشّوقِ والحنين، ترنو إلى غزلانِها الحالمةِ الباحثةِ عن مَراميها ومَراعيها وجبالِها وحقولِها).
أينَ منّا قوافلُ السُّحُبِ وتلكَ الشّواهدُ على حميميّةِ العلاقة؟ كلُّ ما فينا مُغتالٌ يَنزفُنا الشّوقُ لقرقعةِ التاريخِ المُتجذّرِ فينا، فحيثُما توجّهنا نرانا مُحنّطينَ في ذاكرةِ زمنٍ! أوّاااااااااااااه يا وطنَ السّلبِ والنّهبِ، أنا ما خُلقتُ لأحترقَ بكَ أو أتوكّأ على أوجاعِكَ، بل خُلقتُ كي أراكَ واقعًا مُنَعَّمًا، أأراكَ مُجرّدًا مِنَ الحُلم غارقًا في فواجع الانتظارِ؟.
لكنّنا لم نَزلْ نُعانقُ الشوقَ بالأمل، ونمتطي الفقدَ بالحنين، ولم نزَلْ نُبحرُ في هاتيك الروابي التي تحتلها قطعانُ نمورٍ تُصادرُ نباتَها وتُرابَها، لنظلّ كما الأرض ندورُ حولَ مجرّاتِها. لم نفقدِ الأملَ في قوافلِ السُّحبِ الشاهدةِ على قدسيّةِ العلاقةِ وحميميّتِها، فقرقعةُ التاريخ مُتجذّرةٌ فينا، وحيث نكون نرانا مسكونين بعناقيدِ الذاكرة، تمامًا كالقوافلِ الغابرةِ التي نَراها صبحًا ومساءً حولنا تصرخُ صرختُنا، ونُهدهدُها بوعدٍ أن يكونَ القادمُ أجمل!
عزيزتي الشاعرة آمال عوّاد رضوان، باختصار، أخذني نصُّكِ البلاغيُّ إلى غاباتِكِ وغاباتِنا التي تَعُجُّ بالنّمور، والليلُ مُستأسدٌ يَتأهّبُ للانقضاضِ والافتراس، لكنّنا مثلك، لم نُسقِط أدواتِ الشوقِ والحنينِ والقسَمِ والأمل، فنحنُ نمتلكُ العودةَ إلى كلّ الصوَرِ البلاغيّةِ المُنتقاةِ، بدقّةٍ مُتناهيةٍ مُتماهيةٍ مُخلصةٍ لمَشاعرِها ولجُذورِها، كي نُعاودَ رسْمَ غاباتِنا بعُشبِها المُقدّسِ، وبغزلانِها التي لمّا تزَلْ تقفزُ في ذاكرة الأملِ وطنًا مِن غيرِ نُمورٍ، باستنساخٍ غير عاديٍّ لكلِّ الصوَرِ العالقةِ المُتجذّرةِ فينا، تمامًا كما حملتْها قوافلُ الزمنِ، وكما ترسّختْ في عقولِنا وأذهانِنا المعجونةِ بلهفتِنا وجنونِ شوْقِنا، وتَحَدّي الحُلمِ بإخضاعِهِ رغمَ تَمَرُّدِهِ.
نعم يا العزيزة، ولا زلنا نمتطي الفقدَ ونهاجرُ ونهاجرُ، ونغوصُ بأشواقِنا فيهِ، وكلُّ الرّؤى تأخذنا إليهِ بكلِّ صوَرِهِ البلاغيّة.
غاباتي تعجُّ بالنّمور
للشاعرة آمال عوّاد رضوان
أَنَا .. مَنِ امْتَطَتْنِي وحْشَةُ الْفَقْدِ
لَمَّا أزَلْ ..
أُسَبِّحُ .. سِحْرَ سُكُونِكِ
مَا نَسِيتُ ذَاكِرَةَ عُشْبِكِ الْمُقَدَّسِ
حِينَ يَسْتَحِيلُ لِصَرْخَةٍ فَرِيدَةٍ!
مَا نَسِيتُ عُشْبًا
لَيْسَ يَتَنَفَّسُهُ .. إِلَّا نَسِيمٌ
مُحَمَّلٌ .. بِعَنَاقِيدِ شَوْقِي وَحَنِينِي
وَمَا نَسِيتُ غُزْلَانَكِ
الْ .. تَنْبِضُ بِرِقَّتِي الْحَالِمَة!
***
لكِنِّي وَمُنْذُ قُرُونٍ
حُرِمْتُ دُخُولَ جَنَّتِكِ
تِلْكَ مُشْتَهَاتِي.. سَخِيَّةُ الذَّوَبَانِ
دَفِيئَتِي .. الْ .. عَامِرَةُ بِالْآهَاتِ
وَمَا عُدْتُ أَتَعَرَّى .. حَيَاةً
حِينَ تُشَرِّعِينَ.. نَوَافِذَ رِقَّتِكِ!
وَجَلَالُكِ
أُقْسِمُ .. بِحَنَايَاكِ
بِبُطُونِ وِدْيَانِكِ
قَوَافِلُ سُحُبِي.. بَاتَتْ حَارِقَةً
وَهذَا الْجَامِحُ الْمُسْتَأْسِدُ بِي
صَارَ مَارِدًا
يَرْعَى غَابَاتِي الْ تَعُجُّ بِالنُّمُورِ
أَيَا فَاتِنَتِي
أَنَا مَنْ خُلِقْتُ.. لِأَحْتَرِقَ بِكِ
احْتَرَفْتُ الاتِّكَاءَ
عَلَى غَيْمِكِ
على لهْفَتِكِ .. على جُنُونِكِ
وَقَدْ خَضَعْتُ لِحُلُمِي طَوِيلًا
فِي انْتِظَارِكِ.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
حينَ يصِيرُ أسودَ ...عليكَ أنْ تَدُّق
قسنطينة تسمو بشعرائها وتكرّم فقيدي الكلمة
السهرة الثالثة من ليالي الشعر العربي
نسرين ياسين بلوط ضيفة ''الجاحظية'':
وهبت مشاعرها للوطن وكتبت للجزائر
ظبية تؤنسُ وحشةَ الغريب
النكبة•• وشعراء فلسطين!
أبلغ عن إشهار غير لائق