استدعى وزير الداخلية الإسباني سفيرة الجزائر بإسبانيا على وقع وصول 600 جزائري في قوارب الموت في ظرف ستة أيام فقط. وحسب ما أكده النائب نور الدين بلمداح، في منشور على صفحته الرسمية بالفايسبوك، فإن استحالة استقبال هؤلاء "الحراقة" في المراكز الخاصة بالمهاجرين والملاجئ بسبب عدم وجود أماكن قررت السلطات الإسبانية وضعهم في سجن لم يتم تدشينه بعد لغاية ترحيلهم للجزائر. وأبلغ وزير الداخلية الإسباني إيغناسيو زويدو الدبلوماسية الجزائرية بضرورة تكثيف عمليات المراقبة للسواحل الجزائرية، واصفا هذا الوضع بأنه "مأساة إنسانية حقيقية يجب الحد منها من خلال معركة لا هوادة فيها ضد مافيا الاتجار بالبشر"، مؤكدة رغبته في تعاون فعال للسلطات الجزائرية مع إسبانيا من أجل تجنب مثل هذه المآسي. ومن جهته عبر فرانسيسكو بيرنابي مندوب الحكومة المركزية الإسبانية في مورسية عن أسفه إزاء "الأزمة الإنسانية الخطيرة الناجمة عن ارتفاع عدد القوارب البحرية التي تحمل على متنها مهاجرين غير شرعيين " يتم رصدهم يوميا قبالة سواحل المنطقة. وقد أرجع البعض تنامي هذه الظاهرة إلى الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها الجزائر والتي انعكست على الأوضاع الاجتماعية والنفسية للمواطنين، خاصة بعد اعتراف المسؤولين بصعوبة انفراجها، وهو الأمر الذي أفقد البعض الأمل في تحسّن وضعه على المدى ودفعه إلى المخاطرة بحياته لعلّه يتحصل على وضع أفضل في إحدى الدول الأوروبية. ويقول في هذا السياق مؤطر بإحدى مراكز التدريب المهني، إن "الوضع الحالي في البلاد لا يبعث على التفاؤل، بعد انهيار كل المؤشرات الاقتصادية في ظل غموض يحيط بالمستقبل السياسي للبلاد وتوجه نحو فرض ضرائب جديدة والرفع من الأسعار وتقليص الدعم"، مضيفا أن "كل هذه العوامل اجتمعت على الشاب الجزائري الذي كان ينتظر حلولا لمشاكله ليجد أنه مطالب بحلّ مشاكل البلاد، وعمّقت حالة اليأس التي لديه وجعلته يندفع نحو الهجرة ومغادرته بأية طريقة نحو بلدان يعتقد أنها ستوفر له مستوى عيش أفضل إذا نجح في الوصول عليها وتكون مكانا لتحقيق أحلامه". ويضيف مختصون أن هذه الظاهرة أصبحت هذا العام ملفتة للاهتمام والانتباه، بسبب "التسويق الإعلامي الكبير الذي رافقها، بعد انتشار فيديوهات صورت رحلات مجموعة من الشباب نحو السواحل الأوروبية على مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفين أن هؤلاء لا يمثلون الشباب الجزائري الحقيقي وأغلبهم لا يملكون لا شهادة ولا مهنة تضمن لهم مستقبلهم في بلادهم خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية". معتبرين أن "إقناع أي شاب بالهجرة إلى الضفة الأخرى من المتوسط هو مثل إقناع المراهقين بالإرهاب والانخراط في الجماعات المسلحة، لأن الشاب العاقل لا يمكن أن يركب البحر ويتصارع مع الموت". وكانت السلطات، سنّت قوانين صارمة منذ سنة 2008 لمحاربة الهجرة غير الشرعية، حيث قامت بتجريم كل من يحاول الهجرة بالسجن لفترة بين 3 إلى 9 أشهر، أما عناصر شبكات الهجرة غير الشرعية تصل عقوبتهم لمدة 5 سنوات سجنا.
الجزائر عازمة على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية للحد من الظاهرة أكد نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية في وقت سابق، أن الجزائر عازمة على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي تتوافق مع المواثيق الدولية، وهذا حفاظا على امن واستقرار حدودها. وقال بدوي بخصوص ارتفاع قوافل المهاجرين غير الشرعيين: "نحن عازمون على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي تتوافق مع المواثيق الدولية بهدف الحفاظ على امن واستقرار البلاد وحدودها، مذكرا أن اللجنة الوطنية المكلفة بهذا الملف اتخذت إجراءات صارمة بهدف القضاء على الشبكات الإجرامية التي تتاجر وتستغل وتستعمل النساء والأطفال في أغراض إجرامية، كما تم القبض على عدد منهم السنة الماضية، مضيفا بالقول:"سنواصل ذلك بأكثر صرامة".