تبادر مديرية الصناعة والمناجم لولاية الجزائر ولأول مرة بعملية جمع واسعة لفروة أضاحي العيد لهذا العام وتوزيعها على المؤسسات المختصة في صناعة وتحويل الجلود وهذا بهدف خلق الثورة ومضاعفة المداخيل حتى بالنسبة للبلديات والتقليل من استيراد المادة الأولية المستغلة في صناعة الجلود، حيث يؤكد خبراء في المجال الفلاحي أن الجزائريين يضحون كل سنة بما يزيد عن 4 ملايين أضحية بمناسبة عيد الأضحى منها الغنم والبقر والماعز والإبل، في المقابل 90% من جلود هذه الأضاحي تهدر بسبب انعدام خطة واضحة لاسترجاع جلودها مما يؤكد غياب جهة تعمل على الاستثمار فيها، فضلا عن التشوه البيئي الذي يتسبب فيه التخلص من "هيدورة" الأضاحي . قال حمو بن عبد الله مدير الصناعة والمناجم أن عملية جمع فورة "جلود" أضاحي العيد ستنطلق من العاصمة كولاية نموذجية ليتم تعميمها خلال السنة المقبلة على باقي ولايات الوطن مؤكدا أن العملية تم الشروع في التحضير لها بغية إنجاحها وتحقيق المسعى المسطر لها. وأوضح حمو بن عبد الله أن فروة الأضاحي تعتبر ثروة كبيرة يتم إهمالها في الجزائر في حين يتم استيراد سنويا كميات كبيرة من الجلود التي تستغل في صناعة الأحذية وغيرها من الصناعات الأخرى، موضحا أن هناك مخطط لاستغلال هذه الثورة التي تفطنت إلى أهميتها الدولة، حيث سيتم إطلاق حملات تحسيسية توعوية أياما قبل حلول مناسبة عيد الأضحى من أجل جمع أكبر قدر من جلود الأضاحي التي يعاد بيعها إلى المؤسسات المختصة في صناعة وتحويل الجلود. وأضاف بن حمو أن الحملة سيشرف عليها مختصون في المجال من أجل إقناع المواطنين بجمع جلود العيد وتحديد لهم أماكن وأوقات جمعها، مضيفا أن الحملة سيتم خلالها التطرق إلى التأثير السلبي لرمي الجلود بالفضاءات والمفرغات العشوائية على البيئة والمحيط، حيث أكد ذات المتحدث أنه بعد كل مناسبة عيد أضحى تجد مؤسسات النظافة مشاكل في جمع "الهيدروات" التي تنبعث منها روائح كريهة وتستقطب إليها الحيوانات والضالة والحشرات وغيرها مما يجعلها تشكل خطرا على صحة المواطن، وهو أحد الأسباب التي دفعت بالمسؤولين –حسب مدير الصناعة للعاصمة- التفكير في جمع الجلود بداية من عيد الأضحى المقبل. وقال بن حمو أن الهدف الثاني من حملة جمع الجلود تتمثل في استغلال هذه الثورة التي تعود بمداخيل كبيرة على الخزينة العمومية والبلديات وبالتالي تساعد في تحقيق التنمية بعيدا عن المحروقات.
الجزائر لا تتوفر على شركات متخصصة في استرجاع مخلفات الأضاحي اعترف من جهته رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين بالرمي العشوائي لمخالفات الأضاحي يومي العيد بما في ذلك الجلود التي تأسف لإهمالها دون استغلالها في صناعة الجلود رغم أهميتها في المساهمة للنهوض بالاقتصاد الوطني خاصة في ظل بحث الدولة عن استثمارات أخرى خارج المحروقات. وأكد ذات المتحدث أن صناعة الجلود تراجعت كثيرا في الجزائر خلال السنوات الأخيرة لأسباب متعددة، منها انعدام شركات متخصصة في استرجاع مخلفات الأضاحي من جلود وصوف، إلى جانب تفضيل استيراد المستلزمات الجلدية من بلدان آسيوية لانخفاض أسعارها وهو ما أكده عامل بمؤسسة خاصة لتحويل وصناعة الجلود بالمنقطة الصناعية بالرويبة شرق العاصمة والذي أكد أن المؤسسة لا تسترجع جلود الأضحية ولا صوفها خلال عيد الأضحى، إنما يتم اقتناؤها من مذابح ولاية الجزائر بعدد ليس بالكبير مقارنة بالثروة الحيوانية التي تتوفر عليها الجزائر، وأضاف مصدرنا أن المؤسسة تقوم بشراء جلود من دول أسيا بالنظر إلى النقص المسجل في هذه المادة بالجزائر. من جهته خبير في الاقتصاد برر تراجع صناعة الجلود في الجزائر خلال السنوات الأخيرة بغياب رجال الأعمال عن الاستثمار في استرجاع الجلود وتطوير الصناعة التحويلية الجلدية والذي قد ألقى بضلاله على تطوير هذه الشعبة الصناعية، وقال بأن أغلبية رجال الأعمال يفضلون الاستيراد على الصناعة والتصدير. ودعا الخبير كل مؤسسات التشغيل إلى توجيه الشباب الراغب في فتح مؤسسته المصغرة نحو مشاريع مربحة للاقتصاد بدلا من المشاريع التي لا تحقق أي نهوض بالاقتصاد كالمطاعم والخدمات وغيرها، وتشجيعهم على فتح مؤسسات خاصة بجمع النفايات الجلدية أو البلاستيكية أو الكارتونية وإعادة تدويرها لخلق ودعم الاقتصاد الأخضر. تجدر الإشارة إلى أن جمعيات ذات طابع ديني تتكفل كل مناسبة عيد الأضحى بجمع "الهيدورات" وبيعها لمؤسسات خاصة ومن ثم إعادة توزيع العائدات منها على العائلات المعوزة وهي مبادرة جيدة حسب الخبراء إلا أنها تبقى ضعيفة وبحاجة إلى مستثمرين من أجل تطويرها وجعلها تساهم في النهوض بالاقتصاد الوطني.