مدينة العيون تيسمسيلت الحقائب الانتخابية التي تعاقبت على إدارة شؤون مدينة العيون لم ترتق إلى مستوى طموحاتها ، في حياكة مشروع محلي يلتف حوله المجتمع المحلي بكل أطيافه بنفس حرارة المشهد الرياضي الذي نشطته كتيبة المستطيل الأخضر للناخب الوطني رابح سعدان ، رغم ذلك لم تبحث عن عزاء لأحزانها ، ولم يتعفن جسدها و لم تنبعث منه روائح كريهة ، كما كانت تنبئ به احتمالات الإفلاس،المستلهمة من تراكم المظاهر السلبية , بل رافعت عن حريتها المسجونة بكل ما أوتيت من قوة حتى احتفظت بانتمائها إلى حظيرة الأحياء ,فهي بلا إطراء،تتوفر على منظومة بشرية متنوعة تتوحد في كم العدد و كيف الأداء ،مدعمة بالمعطيات المكتسبة , و بعض المخلفات المادية الموروثة ،مدينة بإغراءات طبيعية و تنوع بيئي جذاب ،تتفرد بحجم بشري يفوق 22 ألف نسمة و جغرافية تتمدد على مساحة قدرها 472 كلم2 ، يخترق حدودها الإدارية الطريق الوطني رقم 14 على مسافة تتجاوز 20 كلم ، نسيجها العمراني يحاكي في بعض أنماطه المقاييس الحضارية الحديثة ، و اقتصاديات منتجة غزيرة العطاء مهملة التأطير ، ثروة ثقافية سلوكية , معرفية ، علمية ، لا تتوفر على بنك للإيداع و الصرف ، و موارد بشرية مؤهلة تتقاذفها أحضان الشوارع من يمين المقاهي إلى شمال الملاهي،أسباب إذا ما توفرت في وعاء أي مدينة بالتأكيد تتنفس في أجوائها التنمية و تدب في أحشائها الحياة. تراجع أداء الاقتصاد الريفي وشبه إفراغ محتواه البشري بفعل تداعيات الوضع الأمني ،و انكماش فرص العمل الجوارية التي كانت تستهدفها سياسة التجديد الريفي ،موانع موضوعية تصرفت في حظ النظريات الورقية ،خاصة الدراسات التطبيقية الشاملة من تأهيل الاقتصاديات المحلية ، و تمريرها إلى سوق العرض و الطلب ، فانحصارها الإقليمي بصيغة التوزيع المزاجي، أتعب زمانها و مكانها ، و أحرج الجماعات المحلية في ترتيب شؤونها الاجتماعية بظهور الحركة الاحتجاجية و تنامي ظاهرة المطالب بفعل الحرج الاقتصادي الذي أصاب الجبهة الاجتماعية بعد هيكلة بعض قطاعات النشاط. العقار الفلاحي لم يسلم كل أوراق امتحاناته للتصحيح الهيكلي،مازال معظمه في المخابر التجريبية ، لم يتعاف من سلوكيات المد البيروقراطي، و لم يتخلص بعد من أزمة الأداء و التسيير و حملة الإسعافات الأولية،حتى الإصلاحات التشريعية الحديثة لم تؤهله جملة من فك عقدته اللسانية و مخاطبة مستويات الفكر الإنتاجي الناضجة بأدوات التكنولوجيا، و عصير مجتمع المعلومات ، في غياب سياسة إعلامية اقناعية توجيهية و دراسات تقنية تحتويه ثم ترافق مشواره الميداني بمحاسنه و مساوئه, بدل التباهي بالانطباعات الشخصية التي تنتج غالبا ومضة إعلامية حمائية لمرتادي التجمعات المهنية ,الأمر الذي منعه من الظهور بثوب الطرح النظري الحبري ، بل أضحى متعاملوه يتعاطون سياسة الاتكال و الكيل بلا مكيال أكثر من موضوع الإنتاج ، رغم المخصصات المالية التي فتحتها الحكومة لتغيير قطع غيار القطاع و تشحيم هيكله بهدف إعادة تشغيله بمظاهر فنية اقتصادية مغرية. الصحة العمومية تلبي لكنها لا تكفي لتغطية الخريطة البشرية المتنامية ، تحتاج إلى هياكل إضافية حتى تتفتح أكثر على فلسفة الاقتصاد الصحي ووصفة المطلوب المحلي. المنظومة البيئية جوفاء أداء ، تتظاهر بمواعيد التحسيس ، تعتمد ثقافة باردة في العناية البيئية ، الثروة الحيوانية حاضرة بقوة بحكم الحصار الريفي لنشاط المدينة ، تفتقر إلى مساحات رعوية تحمي هذه الثروة ، و تكييف الثقافة الريفية مع أساليب التسويق العاملة في نظام المعاملات التجارية الحديثة التي تعتمد تقنيات الحوار و فنون الترويج. المشهد الثقافي المحلي حساؤه دافئ ، تفاجئه برودة موسمية،إحتفالي منسباتي ،يتجول بمحاولات فردية جماعية ، يحتاج إلى إثارة الأذواق بجمع القناعات في نظام مؤسساتي يخزن القدرات المحلية و يؤهلها للعطاء. المشهد الاجتماعي جاءته جائحة الإصلاحات فسألته عن رفاهية الأمس، أجاب بفاتورة اليوم ، يجابه استفهامات الرغيف المتكررة، و يعارك عضة الجوع ، مثير بحاجة إلى راع (إدارة ، جهاز الأحياء ، نخب ) يحتويه و يحميه من فواحش الحضارة المعاصرة ،فقوة السلسلة تقاس بقوة أضعف حلقاتها، حتى العمل الجواري أضحى يرتجل الحلول و يعالج الظروف بالمسكنات ، خربته المظاهر السلبية التي أرهقت اقتصاد الأسر. المرافق العمومية الخدمية العاملة في النسيج الإقليمي للمدينة تدرك عمق التناقض الحاصل بين المثال المطلوب و واقع لا يشجع على التواصل و الترابط ، لكنها تتطلع و تبحث عن نقطة الانفراج للانتقال المرحلي من الاغتراب إلى ارتداء الهموم المحلية بكل هواجسها، حتى تتجاوز العالم الكائن إلى العالم الممكن ، الذي تتآخى فيه الأحلام بالواقع ، و تأتلف فيه العناصر و الأطراف المحلية لست متشائما من واقع مدينتي ،الملاحظ من طغيان السلبية على النص ، لأن الأدب الانتقادي يفترض تقنية استعراض المشهد و تكثيف محصلات الموضوع لاختزال تجربة ثرية لا تشتغل بعزلتها و تعداد مواجعها ، لا أضيف إلى أوجاع مدينتي زائدة دودية بحجم الفاجعة التي قصمت ظهر البعير، أفتش عن دائرة للحراك و الإثراء نتكئ على مستخلصاتها ، على حد تعبير الحكمة القائلة " كي تدرك النهضة ، يجب أن تعي اللحظة " ، لا أرغب أيضا في تعرية عوراتها و الاتجار بعيوبها، و لا أطلب الفوضى من متجر لا يبيعها، فمبدأ طرح الموضوع الاحترام أو سقوط الانضباط في الماء و إن حدث الخطأ ، فالخطأ المنهجي خير من الصواب الفوضوي حسب تعبير المفكر مالك بن نبي رحمه الله. خلاصة رؤيتي يحركها الارتباط القوي بالتراث ,و قريحة الإبداع القائمة على التجديد بدل المحاكاة و التقليد ، مقدمتها ترك الخصومة الحزبية بتضامن المشاعر السياسية المتوفرة في ردع تمادي المخالفات التي تهدد ثقافة التلاحم و مخزونات العاطفة المحلية، ثم تفعيل العمل الجواري بتأطير نظام الأحياء على منهجية تصريف الحاجيات الجوارية الموسعة ,و إشراك الفعاليات المحلية في العمل المحلي ، بتشغيل نظام الإعلام التعبوي في تحريك جمهور الحركة الجمعوية و النخبوية هذه الأخيرة تبدو غير منتظمة بالمفهوم المؤسساتي ، بل هناك مثقفون لهم قناعات متباينة ،ينتمون إلى أجيال مختلفة ، غير أن توظيفها بكينونتها الحاضرة تخفف نسبيا تصاعد همهمات الاحتجاج, استعمال هذه الوصفة يختزل كثيرا التشويش الحاصل في الأداء التنموي المحلي، هذا ما نلمحه للقيادة المحلية في إدارة شؤون المدينة. شاكي محمد – العيون تيسمسيلت –