عندما تتعرض البلاد إلى أي أزمة، فلسنا في حاجة إلى التفلسف والثرثرة التي لا ترفع إلا ضغط الدم، فعندما يصيب البلد أي مكروه، فلا بد أن تتجند كل شرائح المجتمع من أجل الدفاع عن وحدته الوطنية، وأولها وسائل الإعلام، باعتبارها الأكثر تأثيرا في المجتمع، وقد كان لها الفضل في إطفاء الفتنة التي كانت مشتعلة خلال العشرية الحمراء، ولا شك أيضا أنها لعبت دورا كبيرا في تأهل "الخضر" إلى مونديال جنوب إفريقيا، وهي التي دعت إلى تجاوز الخلافات التي حدثت بين "الجزائر و مصر". لا تستطيع أي حكومة أن تعمل، دون مساعدة الصحافة والإعلام، فقد سبق لرئيس الجمهورية "عبد العزيز بوتفليقة" أن ناشد وسائل الإعلام بمده يد العون في إحلال الأمن، وطلب "أويحي" عندما كان رئيسا للحكومة، من رؤساء التحرير عدم نشر الأخبار المتعلقة بالإرهاب على صدر الصفحات الأولى، ونشرها في الصفحات الداخلية، وترجى "سلال"، وسائل الإعلام أن تصدقه عندما يخبرهم بأمر ما، وذكر ذلك عندما تحدث عن صحة الرئيس، باعتباره الوزير الأول، و قال بأنه لا يتكلم إلا صادقا، أما هذه المرة، فكان الدور لوزير الداخلية "بلعيز" الذي وجه دعوة لوسائل الإعلام، بأن تساعد الحكومة على تهدئة الأوضاع في غرداية، وأراد بذلك أن يضعها أمام مسؤولياتها. لكن لا بد أن نقف هنا لنسأل: أولا: من هو الإعلامي، و هذا هو الأهم، لأن هناك من يعتقد أن الإعلامي هو الصحفي أو مذيع البرامج في الإذاعة أو التلفزيون فقط، في حين الإعلامي هو الصحفي والشاعر والداعية والإمام و المطرب والممثل المسرحي والسنمائي والمعلم وغيرهم. ثانيا: كيف لهؤلاء أن يقوموا بتهدئة الأوضاع وكلهم مثل المرآة يعكس ما يدور في المجتمع؟ طبعا مهمتهم كإعلاميين أن يوجهوا رسالة إعلامية تساعد على التفاؤل، وأن ينشروا ثقافة التسامح والمودة والرحمة، ويصححوا الأفكار الظلامية الملتصقة بأذهان الناس، عليهم أيضا أن يحاربوا الجهل والتخلف وأن يتصدوا لكل المخاطر التي تهدد الوطن، ويدافعوا عن القضايا الوطنية. ثالثا: هناك بعض الأصوات تستفز أي وسيلة إعلامية تتحرك للدفاع عن قضية وطنية، بأنها "موجهة" وتتهمها بعدم التزام "الحيادية"، ولا أدري ما هو دورها إذا لم تفعل ذلك؟ وما علاقة "الحيادية" بالرسالة الإعلامية، لأن "الحيادية" تقتصر في بعض الحالات على نقل الخبر لا أكثر. في بلادنا وسائل الإعلام تدافع عن الوطن، وإذا كانت هناك مقالات وأراء معارضة، فهذا لا يعني أن أصحابها يكرهون الوطن.