هنا في حنية اولاد سالم بمسعد، والتي لا تبعد إلا بضعة كيلومترات عن المدينة، إجابة واحدة يُقدمها الكبار والصغار، على سؤال يتعلق بزيارة المسؤولين المحليين للمنطقة، ليُجيبك الجميع بمرارة ودون تردد أنه لا أحد يزور منطقتهم، ومشروعية هذا السؤال تكمن فيما يمكن أن تراه العين وما تسمعه الأذن من غياب كلي للتهيئة، فالشوارع بقيت دون تعبيد بعد 50 سنة من الاستقلال، و نصف السُكان تقريبا لا يحصلون على الكهرباء، ويعتمدون على تكافل المواطنين فيما بينهم عن طريق مد الكوابل الكهربائية، أما مشكل المياه فهو اكبر مشكل يعانيه السكان، فأحد المواطنين قال بمرارة أن المياه لا تكفي المواطنين للشرب، حتى أن مزارعهم ماتت من العطش مثلما قال، وقد احالنا البعض على التجوال بين المزارع لرؤية تلك الأشجار التي ماتت من العطش، ولم يجد أصحابها بُدا من تركها بعد عجزهم عن شراء الماء لسقيها. حنية أولاد سالم قريبة من مسعد بعيدة عن القلب المواطنون الغاضبون تحدثوا عن غياب العدالة الاجتماعية، ف"الحنية" لا تتوفر حتى على مكان أو ساحة للعب الأطفال، ومع ذلك كانت تلك الوجوه الملائكية التي صادفناها هي من تصنع الابتسامة بلعبها هنا وهناك، غير آبهة بهُموم الكبار، لعدم معرفتها بعدْ، بكُنه العدالة والمساواة والمواطنة. هنا في هذا المكان يتحدث المواطنون عن غياب الانارة العمومية، والادوية الخاصة بمحاربة الحشرات السامة كالعقارب، ولكن أليس من البؤس حين يغيب الماء والكهرباء، أن نتحدث عن وجود شيء إسمه مصالح البلدية، في مدينة يشهد مجلسها البلدي معارك داحس والغبراء. المحافظة السامية حفرت بئرا وتركته دون استغلال ونحن نتجول لمعرفة حقيقة مشكل المياه، قادنا المواطنون لأحد الآبار التي تكفلت بها المحافظة السامية لتطوير السهوب، ولكن البئر بقيت دون استغلال، حيث اخبرنا احد المواطنين أنه لم يتم تجهيزه، بعد أن بقي المشكل المطروح مُتعلق بمن سيتكفل بدفع مستحقات الكهرباء، هل البلدية، ام المحافظة السامية لتطوير السهوب ام الفلاحين، وبعيدا عن هذه الرواية ومدى صحتها، يبقى السؤال الكبير مطروح عن جدوى حفر بئر دون استغلالها، ليستفيد منها الفلاحون لسقي مزارعهم في ظل أزمة كبيرة يعاني منها الجميع. حين يكون جزاء الفلاح كجزاء سنمار هنا رغم كل المشاكل، تُنتج المنطقة عشرات الأطنان من فاكهة المشمش، ومع ذلك يتعرض الفلاحون لابتزاز كبير من طرف كبار التجار، فالمشمش مادة سريعة التلف، وهذا ما يجعل الفلاحين في موقف ضعيف امام المضاربين، في ظل غياب كلي للمصالح المعنية التي أصبحت مُجبرة على حماية الفلاح وايجاد سُبل كفيلة بتسويق منتوجه بأسعار معقولة، بعيدا عن الابتزاز، حيث صرح لنا بعضهم، انهم اصبحوا مُجبرين على بيع منتوجهم بثمن بخس، لانهم لا يستطيعون تركه للتلف، لأن الخسارة ساعتها ستكون مضاعفة، وهذا ما سيُجبرهم في حال استمرار الأمر على ترك أشجار المشمش لمصيرها.