مئات الأشجار تموت عطشا سنويا بنقاوس روبورتاج و تصوير : م/ بن دادة مئات الأشجار المثمرة و على رأسها المشمش تموت سنويا بنقاوس ( ولاية باتنة ) بفعل أزمة مياه السقي التي ترغم الفلاحين على انتظار نوبتهم ( دورهم ) للسقي مرة كل 16 يوما كاملة في ظل ما تتميز به المنطقة من حرارة مرتفعة. أما الأشجار « الآمنة « نسبيا من العطش التي يملك أصحابها آبارا للسقي فهي الأخرى مهددة إذا تواصل هبوط منسوب المياه الجوفية. و للخروج من هذه الوضعية يترقب الفلاحون إنجاز مشروع سد « تبقارت» المسجل منذ سنوات و المبرمج للإنجاز في سنة 2013 حسب مدير الري بولاية باتنة. و قصد التقليل من خطر تيبس الأشجار يؤكد رئيس قسم الفلاحة بدائرة نقاوس ضرورة التخلي عن السقي بواسطة « الساقية « / وهي طريقة تقليدية تتميز بتبذير مفرط للمياه وتحتاج إلى وقت طويل ويد عاملة كثيرة العدد / و التحول إلى استعمال طرق السقي الحديثة كتقنيتي الرش و القطرة قطرة. موسم استثنائي في ظل وضع كارثي رغم أن موسم المشمش الأخير جاء بخير كبير إلى درجة أن سعر المنتوج هبط في ذروة الموسم إلى 5 دينار إلا أن هذا لا ينسي أزمة مياه السقي التي تعاني منها الأشجار المثمرة ببلدية نقاوس ، و لعل كثرة منتوج المشمش راجعة إلى دخول مساحات أخرى بمناطق ولاية باتنة و ولايات أخرى في الإنتاج مما أدى إلى هبوط سعر المشمش و أجبر الفلاحين على ترك كميات معتبرة من هذه الثمرة على أشجارها نظرا لأن أعباء الجني و التسويق أعلى من سعر البيع. و من حسن حظ الفلاحين و التعاونيات المتعاقدة مع مصنع المصبرات بنقاوس أن هذا المصنع أخذ منتوجهم بسعر 12 دينار مما قلل نوعا ما من خسائرهم. ضرورة الإستغلال الجماعي لمياه السقي قال مدير الري بولاية باتنة السيد عبد الكريم شبري أنه يلح خاصة بالمناطق التي تعاني طلبا كثيرا على مياه السقي في ظل محدودية مواردها المائية على ضرورة تشكيل مجموعات من الفلاحين لاستغلال جماعي لمياه السقي من أجل تفادي هبوط منسوب المياه الباطنية الذي يتضرر منه الجميع و أكد أن مديرية الري تقدم كل التسهيلات للفلاحين فيما يخص منحهم رخص التنقيب وفق هذا التوجه طبقا لتعليمات وزير القطاع ووالي الولاية. هذا بصفة عامة أما بخصوص منطقة نقاوس فهي كما قال مبرمجة للإستفادة من إنجاز سد « تبقارت» الذي تبلغ طاقته 12 مليون متر مكعب لكنه يتميز بتواصل جريان المجاري المائية التي تغذيه مما يجعل وفرة مياهه مستمرة. وسيتم توجيه مياه هذا السد للسقي الفلاحي ببلدية نقاوس. و ذكر أن الدراسة الأولية لهذا السد جاهزة وسيتم إكمال ملفه التنفيذي لتنطلق أشغاله حسبما هومبرمج سنة 2013 . أغلب أشجار منطقة الحواجب ماتت أشار رئيس بلدية نقاوس السيد عبد الرزاق رحال إلى أن آثار أزمة مياه السقي بنقاوس تبدو بشكل جلي في منطقة الحواجب التي تشكل نصف مساحة نقاوس تقريبا و التي ماتت أغلب أشجارها و لم يبق منها إلا القليل من الأشجار التي يصلها الماء. وهذا ما جعل بعض الفلاحين حسبه يتوجهون إلى غرس أشجار الزيتون التي تقاوم الجفاف أكثر و تحتاج إلى كمية أقل من المياه. و يرجع رئيس البلدية أزمة مياه السقي بنقاوس بالأساس إلى جفاف منبع « رأس العين « الذي كان يعطي حسبه 140 لترا في الثانية . إلا أن الدولة حفرت أربعة آبار عميقة لتعويضه تقوم باستغلالهما و تسييرهما جمعيتا « امتياز « و « آمال « اللتين عجزتا عن تسديد فاتورة الكهرباء التي تستهلكها مضخات الآبار الثلاثة فقامتا بعقد اتفاقية مع مصنع المصبرات يقوم بموجبها بتسديد ثمن الكهرباء على أن يأخذ جزء من المياه لصالح المصنع. ومن بين ما قامت به الدولة في مجال السقي كذلك ذكر رئيس البلدية إنجاز ستة كيلومترات من السواقي مع وجود مشروع بنفس المسافة مبرمج للإنجاز. لكن لحد الآن المشروع لم ينطلق وصاحب المشروع هو إدارة القطاع الفلاحي. و يؤدي عدم إصلاح السواقي إلى ضياع كميات هائلة من المياه. و الحل الجذري لأزمة السقي بنقاوس في نظر رئيس البلدية و هو نفس الرأي السائد محليا هو الإسراع في إنجاز سد تبقارت الذي سيسمح حسبهم بعودة الشجرة في نقاوس كما كانت و أحسن مما كانت. بالمناسبة ألح رئيس البلدية على ضرورة تدعيم الفلاحة بنقاوس بطريقة غير مباشرة عن طريق السكن الريفي بدلا من السكن الإجتماعي. لأن السكنات الفردية في تقديره هي الأنسب للسكان نظرا لحاجة العائلات و لا سيما الشباب الصاعد إلى بناء مساكنهم فوق أرضهم في بساتينهم. مما يسمح لهم بمواصلة العمل الفلاحي في ظروف جيدة. والحصة التي ستلبي كل احتياجات نقاوس من السكن الريفي هي في تقدير رئيس البلدية 500 وحدة إلا أن ما استفادت به البلدية في برنامج 2010 2011 هو 180 وحدة. هلاك 1600 شجرة في مزرعة واحدة أكد أحد العاملين بالمستثمرة الفلاحية محامير بلقاسم بنقاوس أن مزرعتهم تتربع على مساحة 53 هكتارا كان بها 2400 شجرة لم يبق منها سوى 600 شجرة مشمش و 200 شجرة زيتون إضافة إلى 300 شجيرة زيتون جديدة. والسبب المباشر حسبه في هذه الخسائر هو نقص حاد في مياه السقي فالمدة المحددة لسقي هذه المزرعة هي 11 ساعة مرة كل 16 يوما وهي مدة لا تكفي في رأيه سوى لسقي الأشجار الباقية في الصيف أما في الشتاء فالوضع يكون أفضل بمساعدة مياه الأمطار التي تسمح بارتفاع منسوب المياه وعودة الآبار إلى إنتاج الماء. وادي بريكة يأكل أراضي نقاوس يعاني فلاحو نقاوس الذين تجاور أراضيهم « وادي بريكة « من توسيع الوادي لسريره على حساب أراضيهم إذ يلتهم سنويا عشرات الأمتار إلى درجة أن بعض التجهيزات التي كانت بعيدة عن الوادي صارت الآن على حافته وهي مهددة بالإنجراف في أي لحظة يحدث فيها الفيضان. ومن بين المتضررين المباشرين من هذه الظاهرة وجدنا المستثمر الفلاحي مرازقة علي الذي أطلعنا على البئر التي صارت على حافة جرف الوادي في شكل مقطع طولي في جرف علوه يتجاوز 50 مترا و هي البئرالتي يسقي منها خمسة هكتارات من المشمش و الزيتون وهي الآن متوقفة لأن تآكل التربة وصل حتى باب غرفة المحرك التي صارت معلقة في الهواء وبالتالي لم يعد قادرا حتى على تشغيل هذا المحرك فضلا عن « تهريبه « من هذا المكان الخطير بعدما كان آمنا بعيدا عن الوادي بأكثر من 60 مترا قبل عشر سنوات بمعنى أن الوادي يلتهم سنويا ستة أمتار و لم يجد من يوقفه حتى الآن. و من سوء حظ هذا الفلاح أن الساقية العمومية التي كان يأخذ نوبته منها سدت بفعل أشغال تعبيد الطرقات و لم يتم إصلاح الوضع حتى الآن مما يعني أن خمسة هكتارات ( بها ما يربو عن ألف شجرة ) عرضة للموت عطشا و يقول صاحبها أنه أثبت هذه الحالة رسميا بواسطة محضر قضائي و تقدم بشكاويه للجهات المسؤولة لكنه يؤكد أنه لم يجد أي استجابة. المياه كافية لو استعملت طرق السقي الحديثة يرى رئيس قسم الفلاحة بدائرة نقاوس السيد بن دريهم عبد الرزاق أن المياه الموجهة للسقي التي تنتجها أربع آبار عميقة بنقاوس والتي يبلغ صبيبها 115 لترا في الثانية كافية لسقي كل بساتين نقاوس لو تم تفادي الضياع الكبير للمياه الذي يسببه السقي التقليدي باستعمال الساقية التي يرى أنها طريقة تجاوزها الزمن سواء من حيث اقتصاد المياه أو كثرة الأيدي العاملة التي تتطلبها و بالتالي فهو يرى أنه لا مناص من اللجوء إلى طرق السقي الحديثة كاستعمال الرش أو نظام القطرة قطرة. و بالأرقام يتضح حسبه أن المساحة المسقية تساوي 600 هكتار وبالتالي فكمية المياه المنتجة كافية بشكل واسع. لكن وضعية أغلب الفلاحين بنقاوس من حيث محدودية المساحة الفلاحية المستغلة (التي لا تزيد لدى الأكثرية عن نصف هكتار)كما أن الإمكانيات المادية لا تسمح لهم باستثمارات ضخمة في طرق الري الحديثة إلا إذا لجأوا إلى تكوين تجمعات فيما بينهم وهذه في نظر البعض معقدة يصعب تطبيقها. وفي تقدير نفس المسؤول أن المساحة المتضررة في نقاوس هي في حدود 150 هكتارا منذ سنة 2000 إلى الآن لكن بالمقابل تم غرس مساحات أخرى تصل في المجموع إلى 123 هكتارا من المشمش و 79 هكتارا من الزيتون بعضها غرس في مناطق أخرى و بعضها غرس في المناطق المتضررة. أما النقلة الفلاحية المنتظرة بنقاوس بعد إنجاز سد تبقارت فيذكر السيد بن دريهم أنها ستسمح بإضافة 2000 هكتار مسقية في محيط سعيدة وحوالي 500 هكتار بمحيط شعبة اللبا في الجزء التابع لبلدية نقاوس.