من المرتقب أن يترشح عدة وزراء في قوائم التشريعيات المقبلة، بل ومن المنتظر أن يترشح أيضا الوزير الأول عبد المالك سلال، وإن كان هذا الفعل السياسي قد يبدو عاديا في ظروف مغايرة، فإنه بالنسبة للسياق العام الذي نعيشه أمر غريب، مبهم وفي حدود المقبول. لن تكفي كل التطمينات والضمانات المرافقة لإعلان الوزراء نيتهم الترشح، فالوزير يبقى وزيرا والوزير الأول هو الوزير الأول، وفي الجزائر هذه المناصب تمنحك شبه قدسية لدى العديد من الناخبين، الذين يعتقدون أنهم ينتخبون على الدولة بانتخابهم وزراء ومسؤولين، فلماذا يصر عدة أعضاء في الحكومة على الترشح للبرلمان، معرضين بذلك كل العملية إلى اتهامات التزوير واستغلال وسائل الدولة والنفوذ؟ الاحتمال الأول هو أن الوزراء يسعون إلى ضمان "تقاعد" مريح، بعد تردد الأنباء بخصوص تعديل حكومي قد يعصف بعدة وجوه، على شاكلة ما فعله سنة 2012 الوزير شريف رحماني، الذي خرج في النهاية صفر اليدين بعد أن تخلى عن مقعده البرلماني، عند تعيينه وزيرا مجددا، ثم أزيح من الحكومة لاحقا. الوصول إلى البرلمان إذن سيبقيهم في دائرة الضوء، قريبين من مراكز القرار في خدمة السلطة، عكس من سبقوهم في الحكومات المتتالية، الذين اختفوا نهائيا من الساحة ما إن خرجوا من الحكومة. الاحتمال الثاني هو محاولة أحزاب السلطة الدخول بأسماء ثقيلة، قصد كسب أكبر عدد من المقاعد، وقد يكون هذا الاحتمال دليل نزاهة مطلقة للعملية الانتخابية، ما دام حزب كجبهة التحرير الوطني بحاجة إلى الوزير الأول شخصيا ووزراء آخرين لضمان أغلبية مريحة في مواجهة تحالفات الإسلاميين وباقي الأحزاب المنافسة. الاحتمال الأخير هو تيقن الجميع أن الحكومة المقبلة ستكون حكومة منبثقة من الأغلبية البرلمانية، ما يعني أن أول وسيلة لضمان البقاء في الحكومة سيكون الحضور في البرلمان وتحقيق الأغلبية الحزبية فيه. قد تكون كل هذه الاحتمالات مجرد تخمينات أيضا، ربما وزراؤنا لم يكتفوا فقط بالمسؤوليات العظيمة الملقاة على عاتقهم، فأرادوا الحظوة بأخرى نيابية تشريعية.