تخليدا للذكرى الخامسة والستين لمجازر ماي من سنة 1945 وتصعيدا لمطالب كل الجزائريين في إظهار جرائم فرنسا الأمس وتمجيد الاستعمار في فرنسا اليوم، خرج صبيحة أول أمس أزيد من 30 ألف جزائري وجزائرية في ديكور منظم أعاد تصوير الحدث منذ انطلاقه وإلى غاية سقوط شهيد الحرية سعال بوزيد بالشارع الرئيسي لمدينة سطيف في يوم 8ماي 45. الزمن العاشرة صباحا والمكان أمام مسجد أبي ذر الغفاري بحي لانغار العتيد، باعتباره النقطة صفر التي انطلقت منها المسيرة الشعبية السلمية لجزائريين عزل خرجوا كنظرائهم في أوربا الغربية المحتفلين بنهاية الحرب العالمية الثانية وسقوط زمان الاستعمار وبروز نور الحرية والديمقراطية، مطالبين بإشعاع الإستقلال ووعود فرنسا نظير مشاركة الآلاف من أبناء الوطن الحبيب في حرب عالمية كانت لا تعني لهم سوى استقلال الجزائر، ليستمر الوفد السير بخطى أبرار ذلك الزمان يتقدمهم فيلق الكشافة الإسلامية الجزائرية على إياقع الفرقة النحاسية عبر شارع أول نومبر54 الذي اكتسى حلة مميزة زادته الألوان الوطنية فسيفساء عطرة من نسيم الحرية والاستقلال، يترأسهم كل من معالي وزير المجاهدين وكاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال، رفقة وجوه ثورية بارزة قدموا من مختلف مناطق الوطن للتعبير عن عدم نسيانهم لما اقترف من تنكيل وقتل بدون شرعية لآلاف الجزائريين، فتعالت أصوات الحب للجزائر وتصاعدت صرخات السخط على فرنسا اليوم من أفواه المواطنين القادمين من كل حدب وصوب ليس سوى لإعلاء كلمة الحق وللإجابة عن فرنسا بأن الجزائريين لم ولن ينسوا ما اقترف آباؤهم وأجدادهم وما يفعله جيل ساركوزي من تمجيد للاستعمار، وفي النقطة المركز أين سقط الشهيد سعال بوزيد برصاص العدو وقف الجميع وقفة إجلال أمام الجدارية المخلدة للحدث وسجل ذلك الحشد الغفير دقيقة سمت اقشعرت لها الأبدان وسقطت فيها عبرات الولاء لله والوفاء للشهداء، وبعد الاستماع لرائعة النشيد الوطني لشاعر الثورة مفدي زكرياء تم قراءة فاتحة الكتاب والاستماع في دقائق إيمانية لما أعده الله للشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون، مع وضع إكليل من الزهور عرفانا بجميل هؤلاء البواسل في وقفة لم تشهدها مدينة سطيف منذ أزيد من ربع قرن، أعادت تذكير بعض ممن عايش فرحة الاستقلال، تلك الأيام الخالدة في ذاكرتهم وإلى الأبد، زادتها زعاريد النسوة الأحرار روح الإخلاص والإفتخار، ليتواصل بعدها الوفد في مسيرته الشعبية الغفيرة صوب ساحة الاستقلال بمحاذاة عين الفوارة بقلي المدينة المجاهدة أين كانت براعم تنتمي لفرقة نسيم الهضاب بقيادة المايسترو ابن المجاهد المتألق يوسف الزهواني في انتظار الوفد لإمتاعه بباقة من الأغاني الوطنية العذبة أين أمتعت حناجر أزيد من 500 تلميذ وتلميذة كل من كان شاهدا على هذا اليوم المخلد من حيوا الشمال الإفريقي إلى إخواني لا تنسوا الشهداء وختما ب"وان تو تري فيفا لالجيري"، لتنتهي بعدها المسيرة التي أخذت كعنوان "مسيرة الحرية والتصالح مع التاريخ" بقاعة الحفلات أين نظم بالمناسبة معرض فني خاص للوحات زيتية معبرة عن تلك الأحداث ووحشية الاستعمار. لم يقتصر الاحتفاء بهذا اليوم عند المسيرة الكبرى باعتبارها أهم حدث على الإطلاق لكن واصل الوفد الوزاري الإشراف على مراسيم هذا اليوم التاريخي بالتوجه نحو الساحة المقابلة لمقر المجلس الشعبي البلدي أين تم كشف الغطاء على الجدارية الجديدة المخلدة لروح الشهيد سعال بوزيد كما تم تكريم الفائزين بالمراتب الأولى في مسابقة نصف الماراطون الدولي الذي شارك فيه أزيد من 2000 عداء وعداءة منهم 20 عداء دولي قدموا من تونس المغرب وإثيوبيا، ليتم بعدها تسمية أحد شوارع حي الهضاب شمال مدينة سطيف باسم المجاهد المرحوم بشير بومعزة مؤسس جمعية الثامن ماي 45 والذي فارقنا قبل أشهر قليلة بعد مرض عظال.