هل أصبح للثقافة حدود في هذا المجتمع ؟ فقد تغير الناس و غيروه وتغيرت سلوكاته فباتت ثماره ذابلة من الظمإ لعين تسقيها فترويها بمياه عذبة و تحييها ، فتقدم مجتمع يكون بثقافته و هذه الثقافة لها فروع تبدأمن مبادئ الفرد بين أسرته. أتساءل عن ماذا حل بمجتمعنا ،ماذا زرع في عقول أبناء وطننا ،ما نوع تلك البذور؟ فوجدت بأنها بذور تنمو أينما يوجد نقص و خلل في جذع شجرنا، فهذا المجتمع رسم حدودا لثقافته و كأنها جدارا شائكا يصعق كل من تعداه، فالثقافة هي الشيء الوحيد الذي لا حدود له ، فقد نقول أنه لعمرنا حد في هذه الحياة ، فعمرنا قطرة في بحر ، و ثقافتنا بحر يحوي تلك القطرات . أينما ذهبت اصطدمت بهذه المشكلة ، و أقول عنها مشكلة لأنها تشكل خطرا كبيرا على المجتمع ، الكل يرمي أوساخه خارجا و كأن شوارع المدينة سلات للمهملات ، فتجدهم يحافظون على هندامهم و بيوتهم و سياراتهم ،لكنك خلف هذا الحفاظ و التزييف ترى خرابا على الجدران و في الشورارع و على أرضية الطرقات ، و أعظم خراب يخلف منهم هو الخراب الذي يبنى في عقولهم ، فتراهم متألقين ، معطرين حاملين بأيديهم مناديل ليرموها على الأرض فيغادروا كأنما لم يفعلوا شيئا ،وتراهم في بيوتهم عكس هذا كله فهم على علم بأن هذا السلوك منافي لمبادئهم ،فمظهرك يغيب أمام تصرفك. فما الفرق بين بيوتهم و شوارعهم ؟ أليس كلاهما بيتا يأوينا ، أو لا ترى بأن الفقير الذي ليس له سواه بيتا ، و كيف ينام على بساط من الورق عليه ، و حتى من له بيته ألم يكن في الشارع ليصل إليه ،فعلى أرضية طرقاته يمشي و بين فروع أحيائه يقف ليتظلل تحت شجره . وما لفت انتباهي مؤخرا هو أنه أصبح الصغير يعلم الكبير ، أصبحت الأم لا تنهى ابنتها أو ابنها على فعل سيء ، بل تكمل ما كان منهم ناقصا . كنت جالسة بالقرب من نافذة الحافلة ،و رايت طفلة صغيرة تحمل موزة و تقشرها و خلفها مباشرة سلة للمهملات ، كانت أقرب لها من أمها التي أخذتها منها و أكملت تقشيرها و رمتهم على الأرض بطريقة كأنها تنثر زهرا يعطر جو المكان . فكما لكل شيء في منزلنا مكانه الخاص به ، يكون لفضلاتنا أيضا مكانا .فلو لم أكن في الحافلة لأخذت تلك القشور من الأرض التي تعب أبناءها لتحريرها و رميتها حيث مكانها . هذه المظاهر تؤخر مجتمعنا و عليه نتاخر كلنا و نظل في أسفل ركن من الزاوية . أستغرب كثيرا ممن لا يعتذر ، و أستغرب أكثر ممن يخطئ و ينتظر منك الاعتذار ،هذه ثقافة عصرية عند الجيل الجديد ، فقد كبلت ثقافته بسلاسل من نار يحرق من يتعدى مداها الذي وضعوه لأنفسهم . أثارني هذا الموضوع لأنه يمس كل المجتمع ،كل يعتقد انه إذا اعتذر أنقص من قيمته بين الأشخاص فيجد حرجا في اعتذاره و طلب العفو ، أين المشكلة عندما تعتذر لشخص أسأت له و أخطأت في حقه ،،،،،،،،؟؟؟؟؟ وأسهل الاعتذارات هي حينما تخطئ بلا قصد ، فقد تصطدم بالخطإ مع شخص ما فتعتذر منه ، أترونها هي الأخرى مشكلة ؟؟ إنهم يعتبرونه تنازل ( تطييحة ) في حق أنفسهم ، فأن تعتذر ليس تنازلا بل هو احترام نفسك قبل احترام الغير ، فباعتذارك عن أخطائك تكون قد احترمت مبادءك التي لا تتنازل لاي كان عنها ، فالاعتذار أسمى من أن يكون منزلا لمرتبتنا في مجتمعنا الذي لا أعرف من أين يبذأ الاصلاح فيه . اعتذر لأمك ، لابيك ، لأخيك و لصاحبك اعتذر لكل من أخطأت في حقه يوما و اعتذر لشوارعك التي اخطأت هي الاخرى في حقها برميك أوساخك عليها . فوراء اعتذارك هناك تسامح و محبة و نظافة قلوب و شوارع . سهيلة قادري