ثلث اللّيل الآخر ثلث اللّيل الآخر من مواطن الإجابة، ودليل ذلك ما ورد عن «أبي هريرة» رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال "ينزل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السّماء الدنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر، يقول؛ من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"، وفي رواية "حتّى ينفجر الفجر"، ونقل «ابن حجر» عن «الزهريّ» أنّه قال "ولذلك كانوا يفضّلون صلاة آخر اللّيل على أوّله"، وذهب بعض العلماء إلى أنّ هذا الوقت يبدأ من منتصف اللّيل إلى أن يبقى من اللّيل سدسه، ثمّ يبدأ وقت السّحر، وهو موطن آخر، لما روى «عمرو بن عبسة» رضي الله عنه قال "قلت؛ يا رسول اللّه أي اللّيل أسمع؟ قال، جوف اللّيل الآخر"، على أنّه قد ورد من حديث «جابر» رضي الله عنه قال "سمعنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول؛ إنّ في اللّيلة لساعةً لا يوافقها رجل مسلم يسأل اللّه خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إيّاه، وذلك كلّ ليلة"، وهو يعني أنّ اللّيل كلّه مظنَّة إجابة. وقت السَّحر السّحر هو آخر اللّيل قبل أن يطلع الفجر، وقيل "هو من ثلث اللّيل الآخر إلى طلوع الفجر"، ويرى «الغزالي» أنّه السدس الأخير من اللّيل، أما الإمام «القرطبي» فقال "هو وقت ترجى فيه إجابة الدعاء"، ونقل عن «الحسن» في قوله تعالى "كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون"، قال "مدوا الصّلاة من أوّل اللّيل إلى السّحر، ثمّ استغفروا في السّحر". بعد الزّوال قال الإمام «النّووي» رحمه الله؛ يستحب الإكثار من الأذكار وغيرها من العبادات عقب الزّوال، لما رُوِّينا عن «عبد اللّه بن السّائب» رضي الله عنه "أنَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يصلّي أربعاً بعد أن تزول الشّمس قبل الظهر"، وقال "إنّها ساعة تفتح فيها أبواب السّماء، وأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح". يوم الجمعة وليلتها وساعة الجمعة ورد الحديث بأنّ "يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشّمس"، وورد حديثٌ في قبول الدعاء يوم الجمعة من غير نظر إلى ساعة الجمعة، أمّا ساعة الجمعة، فقال الإمام «الشّوكاني» رحمه الله "تواترت النصوص بأنّ في يوم الجمعة ساعةً لا يسأل العبد فيها ربّه شيئاً إلا أعطاه إيّاه"، وقد روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من طرقٍ عن عدد من الصّحابة رضي الله عنهم، ذكر ساعة الإجابة يوم الجمعة، منها ما روى «أبو هريرة» رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر يوم الجمعة فقال "فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلّي يسأل اللّه تعالى شيئاً إلا أعطاه إيّاه، وأشار بيده يقلِّلها"، وعن «أبي لبابة البدريّ» أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال "إنّ يوم الجمعة سيِّد الأيّام وأعظمها عند اللّه، فيه خمس خلال فذكر منهنّ، وفيه ساعة لا يسأل اللّه فيها العبد شيئاً إلا أعطاه، ما لم يسأل حراماً"، وقد اختلف الفقهاء والمحدّثون حول تعيين السّاعة المذكورة على أكثر من أربعين قولاً، عدّدها «الشّوكاني» ونقل عن «الطّبريّ» أنّه قال "أصحّ الأحاديث في تعيينها حديث أبي موسى رضي الله عنه أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلى الله عليه وسلم يقول في ساعة الجمعة؛ هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصّلاة"، أمّا ليلة الجمعة، فقد روي من حديث «ابن عبّاسٍ» رضي الله عنهما أنَّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال ل«عليّ» رضي الله عنه "إنّ في ليلة الجمعة ساعة، الدعاء فيها مُستجاب". أيّام رمضان ولياليه وليلة القدر فضل رمضان معروف، واستدلَّ بعضهم لإجابة الدعاء فيه بحديث «أبي هريرة» رضي الله عنه قال؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "ثلاثة لا تردّ دعوتهم؛ الصّائم حتّى يفطر.."، أمّا ليلة القدر، فقد ورد فيها عن «عائشة» رضي الله عنها أنّها قالت "يا رسول اللّه، أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر، ما أقول فيها؟ قال قولي؛ اللَّهُمَّ إنّك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنّي"، وإنّما كانت موطناً لإجابة الدعاء لأنّها ليلة مباركة تتنزّل فيها الملائكة، وجعلها اللّه تعالى لهذه الأمّة خيراً من ألف شهر، قال تعالى في شأنها "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر"، وقال «الشّوكاني» "وشرفها مستلزم لقبول دعاء الدّاعين فيها، ولهذا أمرهم النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالتماسها وحرّض الصّحابة على ذلك".