خلت ساحات الحرم القدسي الشريف أول أمس من الفلسطينيين وأضحت فارغة من المصلين، حيث منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي -التي حوّلت القدسالمحتلة إلى ثكنة عسكرية- آلاف المقدسيين وفلسطينيي 48 من التوافد للمسجد الأقصى للصلاة والاعتكاف، وذلك عقب إجراءات تضييق شاملة على المصلين منذ ساعات الفجر بهدف منع الرباط الباكر. وسمحت قوات الاحتلال لكبار السن فقط من عبور الحواجز العسكرية للصلاة بالأقصى الذي وصله ورغم مشقة المشي على الأقدام عدد محدود، وذلك بسبب بعد المسافة والتي تقدر بعدة كيلومترات من أسوار البلدة القديمة ومشارفها وصولا إلى ساحات الحرم، مما يصعّب على الطاعنين بالسن قطع المسافة سيرا على الأقدام. ونصبت الشرطة الإسرائيلية الحواجز العسكرية على مشارف المدينةالمحتلة ومنعت الفلسطينيين من أداء صلاة الفجر بالأقصى، وذلك بخطوة تصعيدية لم تشهدها ساحات الحرم من قبل، إذ واصل الاحتلال وللأسبوع الثاني على التوالي التضييق والإجراءات التعسفية ومنع من هم دون الخمسين عاما من دخول المسجد، إذ اضطر الآلاف للصلاة قبالة بوابات ساحات الحرم وداخل الأزقة وتخوم أسوار البلدة القديمة. كما انتشرت قوات الأمن الإسرائيلية بالآلاف بالأحياء الفلسطينية المتاخمة لأسوار الأقصى، وذلك لتوفير الحماية لعشرات آلاف اليهود الذين شاركوا في الماراثون التهويدي باسم (ماراثون القدس الدولي) الذي ينظم للعام الرابع على التوالي وتمر مساراته بالبلدة القديمة وأسوار ساحات الحرم القدسي الشريف. ونددت (مؤسسة الأقصى للوقف والتراث) بالإجراءات التعسفية والتضييق المتواصل على الأقصى والمصلين، وحذرت في بيان من تداعيات قيام شرطة الاحتلال بنصب الحواجز العسكرية وإغلاق بوابات الأقصى منذ ساعات الفجر، في محاولة لتخويف جموع المصلين من الوصول إليه، في سعي محموم منه لتقليل أعداد المصلين، وأكدت المؤسسة موقفها أن الرباط الباكر وتكثيف شد الرحال إلى الأقصى هما مطلبان حثيثان في هذه الأوقات. وقال المنسق الإعلامي للمؤسسة محمود أبو عطا إنه وفي الوقت الذي منع الاحتلال عشرات الآلاف من أداء الصلاة بالأقصى ومن دخول البلدة القديمة قام بتنظيم (ماراطون القدس الدولي) التهويدي. وأكد أبو عطا أن الاحتلال يسعى من خلال تنظيمه هذا الماراثون إلى فرض مزيد من ممارسات التهويد والاستيطان في القدس عبر فعاليات بغطاء رياضي أو ثقافي. وشدد على أن القدس مدينة إسلامية عربية عريقة ولن تكون يوما من الأيام يهودية. وتنسجم إجراءات الاحتلال هذه مع مطالب الجماعات اليهودية والاستيطانية التي تحث الحكومة الإسرائيلية على السماح لأكبر عدد من اليهود للصعود إلى ما تسميه (جبل الهيكل)، وهي التسمية المزعومة لساحات الحرم القدسي الشريف، وتنظيم اقتحامات جماعية للتيارات الدينية اليهودية ساحات الأقصى. وأعلنت (منظمات الهيكل) تنظيم مسيرات ليلية قبالة بوابات الأقصى وفي أزقة البلدة القديمة، وذلك بالأول من أفريل القادم كمقدمة للاقتحامات الجماعية لساحات الحرم بمناسبة (عيد الفصح العبري) الذي يصادف 14/ 4/ 2014. وستتواصل الاقتحامات الجماعية على مدار أيام العيد الذي ينتهي يوم 22 / 4 /2014، كما ستنظم بمنتصف ماي القادم مسيرة تهويدية بعنوان (أنقذوا جبل الهيكل) بمناسبة (الفصح الثاني)، وتشمل المسيرة حملة تبرعات لبناء الهيكل المزعوم. وفي سياق متصل، يستدل من نتائج استطلاع للرأي بالمجتمع الإسرائيلي أعده معهد (مئجار موحوت) بطلب من جمعيات الهيكل بأن هناك إجماعا في صفوف اليهود من (التيار الديني القومي) على ضرورة تكثيف عمليات اقتحام اليهود للأقصى والصعود إلى (جبل الهيكل). ويرى 80 بالمائة من التيار الديني القومي أن صعود اليهود لجبل الهيكل يجب أن يكون وفقا لتعاليم الشريعة اليهودية التي تنص على إقامة طقوس وشعائر دينية داخله والدخول إلى أماكن محددة فيه، كما دعوا إلى بناء كنيس يهودي في ساحات الحرم. وأكد اليهود القوميون استعدادهم لمواصلة اقتحام الأقصى وساحاته ضمن الجولات السياحية للقدس المحتلة، ويرون أن التجوال في ساحات الحرم القدسي الشريف أهم مسار سياحي ديني لهم بالقدس، وذلك مقارنة ب 60 بالمائة من اليهود العلمانيين الذين ورغم ذلك فإن 52 بالمائة منهم لا يؤيدون فكرة بناء كنيس بساحات الأقصى. بالمقابل، يوافق 45 بالمائة من اليهود العلمانيين الطرح الذي يدعو للسماح للإسرائيليين بالصعود إلى جبل الهيكل، كما أيد ذلك 18 بالمائة فقط من اليهود الحريديم الذين تحرم عليهم فتاوى الحاخامات الصعود ودخول ساحات الأقصى وإقامة الصلوات التلمودية والشعائر الدينية اليهودية إلى حين ظهور المسيح.