كشف بحث توثيقي أجرته مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن الحكومة الإسرائيلية تعد مخططا لتقسيم المسجد الأقصى وإقامة مفوضية يهودية موازية لدائرة الأوقاف الإسلامية، مما يعد خرقا لبنود اتفاقية وادي عربة التي منحت الأردن السيادة على الأماكن المقدسة بالقدس. من جانبه، امتنع أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الرد على جوهر المذكرة، والتي تتحدث عن (اقتراح مشروع قانون ونظم للمحافظة على جبل الهيكل) كمكان مقدس وإقامة مفوضية يهودية موازية لدائرة الأوقاف الإسلامية لإدارة شؤون الحرم القدسي الشريف. واكتفى جندلمان -الذي لم ينف ما ورد- بالقول إن (إسرائيل تحافظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في (أورشليم القدس) وتصون حرية العبادة لأبناء جميع الأديان، وهذا ما أكده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر من مرة ويشهد عليه الملايين من المصلين، مواطنون وأجانب على حد سواء، الذين يزورون المدينة ومقدساتها). تهديدات متصاعدة من جانبه، قال رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب إن أطماع إسرائيل المتمثلة باقتحامات الجماعات اليهودية لفرض أمر واقع استيطاني تتصاعد، مقابل التضييق على المصلين والمرابطين المسلمين بالإبعاد والاعتقال والسعي لتغيير الوضع القائم بعزل الأقصى عن بيئته العربية والإسلامية. وقال سلهب إن (التخطيط لتقسيم زماني ومكاني لساحات الحرم، وإقامة مفوضية يهودية وفرض السيادة الإسرائيلية، بمثابة تصعيد خطير للاحتلال وللمشروع الصهيوني الذي يطمع للسيطرة على الأقصى وقبة الصخرة والساحات وتحويلها إلى موقع مقدس لليهود ضمن مخطط شامل لبناء الهيكل الأسطوري المزعوم مع إبقاء الجامع القبلي ذي القبة السوداء فقط للمسلمين). وشدد على أن الأوقاف الإسلامية هي صاحبة الحق العربي والتاريخي لإدارة شؤون المسجد وساحاته، إذ تقوم دائرة الأوقاف تحت السيادة الأردنية بدورها في الرعاية والإشراف والرباط نيابة عن الأمة الإسلامية، مؤكدا مواصلة التنسيق والتعاون مع السلطات الأردنية واطلاعها على تفاصيل المخططات الاحتلالية التي تستهدف الأقصى وما يتعرض له من تضييق وانتهاكات لقدسيته وإرهاب للمصلين ولموظفي الأوقاف. قوانين وفتاوى بدوره، استهجن رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح مقترحات قوانين الجماعات اليهودية، مؤكدا أن الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) ليس له الحق بالتداول في شؤون الأقصى والمقدسات، وكل ما يصدر عنه باطل، إذ يعتقد الاحتلال أنه من خلال التضييق والطوق الاستيطاني بالبلدة القديمة سيتمكن من التفرد بالأقصى وتنفيذ مخطط التقسيم. ودعا صلاح إلى اتخاذ قرار سياسي رسمي وموقف عربي وإسلامي شجاع يسمح للشعوب بالانتصار للقدس ونصرة الأقصى، وعدم التعامل مع القضية من باب الإغاثة الإنسانية، وإنما من منظور أن القدس والأقصى حق عربي إسلامي فلسطيني وهوية عقائدية وتاريخية وحضارية. من جهته، دعا النائب العربي بالكنيست جمال زحالقة إلى تضافر وتكثيف الجهود فلسطينيا وإسلاميا ودوليا للضغط على إسرائيل لإجبارها على التراجع عن (مخطط تقسيم الأقصى)، حيث تسعى لتحويله لتشريعات وقوانين باطلة بعد أن كان في السابق مجرد أطروحات لبعض الجماعات اليهودية. وأكد زحالقة أن الممارسات الإسرائيلية تعد خرقا للاتفاقات مع الأردن، إذ تعهدت تل أبيب بعدم تغيير الوضع القائم والتزمت بالتفاهمات بشأن السيادة الأردنية على المقدسات، فالأقصى وساحاته حق خالص للعرب والمسلمين، والمسجد أمانة في رقبة الشعب الفلسطيني وشعبنا لن يخون الأمانة). وأضاف (نحن أمام مرحلة جديدة وخطيرة، فالحكومة الإسرائيلية توجهت إلى الحاخامين الكبيرين وطلبت فتوى دينية تسمح لليهود بالصلاة بأماكن وأزمنة محددة بالأقصى، وهو مؤشر لتقسيم ساحاته وبسط السيادة اليهودية على غرار المعمول به في الحرم الإبراهيمي، عندها لن نكون أمام العشرات من اليهود المتطرفين، بل قبالة عشرات الآلاف الذين سيقتحمون يوميا المسجد وساحاته، وهذا تحد خطير وتصعيد غير مسبوق). حرب دينية في المقابل، حذر الحاخام إلياهو كوفمان من مغبة إقدام إسرائيل على مخطط تقسيم الأقصى، وقال إن من شأن ذلك أن يفجر مواجهات قد تشعل حربا دينية إقليمية، واستذكر ما طرحته جمعيات صهيونية فور احتلال القدس الشرقية عام 1967 لتقسيم ساحات الحرم وإقامة مفوضية يهودية، (إلا أن موشي ديان الذي كان وزيرا للدفاع أبدى تحفظه وعارض المشروع وسعى لتجميده وحرص على إسكات هذه الأصوات تحسبا من تنظيم جبهة عربية وإسلامية ضد إسرائيل). وأوضح كوفمان أن التعاليم التلمودية تمنع الصعود لساحات الأقصى وقبة الصخرة و(جبل الهيكل)، وعليه أوصى كبار حاخامات إسرائيل فور احتلال القدس بتحويل ساحة البراق للمسلمين وإبقاء ساحات الحرم القدسي الشريف تحت سيادة الأردن والفلسطينيين، لمنع تدنيسها من قبل الجماعات اليهودية والصهيونية العلمانية، حسب قوله.