يواصل المئات من أهالي الداخل الفلسطيني والقدس الاعتكاف بساحات الحرم القدسي الشريف للأسبوع الثاني على التوالي، ليشكلوا بذلك درعا بشريا لحماية المسجد الأقصى والتصدي لاقتحامات الجماعات اليهودية المسنودة بقوات من الأمن الإسرائيلي وشرطة الاحتلال التي اضطرت نهاية الأسبوع -في إطار مشاهد النفير لمسيرة البيارق التي رفدت المدينةالمحتلة والأقصى بالحشود من المرابطين وطلاب مصاطب العلم- إلى إغلاق ساحات الحرم أمام اليهود والسياح الأجانب. ولبى المئات من المصلين نداء مؤسسة "الأقصى للوقف والتراث" النفير إلى القدس للاعتكاف بالأقصى وإحياء ساحاته بالعلم وقراءة القرآن إلى الفجر والرباط بأروقته منعا وتصديا للاقتحامات اليهودية، حيث أحبطت حشود المصلين محاولة "جماعات الهيكل" اقتحام المسجد الأقصى لإدخال رموز تهويدية ورفع العلم الإسرائيلي فوق قبة الصخرة وفي ساحاته بمحاولة لفرض السيادة والسيطرة الاحتلالية. وأجمع الفلسطينيون على أن إسرائيل ترمي من وراء ممارساتها القمعية ومشهد الاقتحامات اليومي لساحات الحرم إلى تقسيم الأقصى تمهيدا لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم، ويعتقدون أن الاقتحامات التي تأتي بوتيرة متصاعدة تنسجم مع تصريحات القيادات الدينية والسياسية الإسرائيلية، التي تدعو إلى اقتحامات جماعية لتصب نحو فرض المخطط الاستيطاني الذي يستهدف الأرض والإنسان والمقدسات. اقتحام واحتقان وأكد المنسق الإعلامي لمؤسسة الأقصى محمود أبو عطا أن رباط الآلاف من أهل الداخل الفلسطيني والقدس، الذين لبوا نداء الواجب لنصرة الأقصى والاعتكاف الليلي للمئات منهم منذ أيام بساحات الحرم بإسناد من المئات من طلاب وطالبات مصاطب العلم، أحبط مخطط "جماعات الهيكل" الاستيطانية لتنظيم اقتحام جماعي بهدف إدخال رموز يهودية تلمودية وبمحاولة رفع العلم الإسرائيلي بساحات الحرم، إذ اضطرت شرطة الاحتلال وفي ظل النفير وحالة الاحتقان والتوتر إلى إغلاق بوابات المسجد والساحات أمام اليهود والسياح الأجانب. وقال أبو عطا إن هنالك منذ مطلع العام تصعيدا بالموقف الإسرائيلي لاستهداف الأقصى "عبر تصاعد وتيرة الاقتحامات غير المسبوقة"، موضحا أن الاحتلال يريد من تكرار الاقتحامات وتحويلها لمشهد يومي إلى "تهيئة الأجواء لتنفيذ مخطط تقسيم الأقصى" و"إظهار الوجود اليهودي اليومي بالساحات لفرض سياسة الأمر الواقع لبناء الهيكل المزعوم". وفي الإشارة إلى مشهد الاقتحامات المتكررة والدعوات لرفع العلم الإسرائيلي ونصب كاميرات المراقبة بأروقة وساحات المسجد، نبه إلى أن هذه الممارسات الاحتلالية تتطلع لطمس الوجود العربي والإسلامي والفلسطيني بالمكان وخلق أجواء تهويدية زائفة والتصوير للعالم أن ساحات الحرم ما هي إلا حدائق عامة. ترويض وتهويد هذا المشهد الذي يصبو الاحتلال لتأطيره بالأقصى وساحات الحرم، يعتبره مدير المسجد الأقصى الدكتور ناجح بكيرات خطرا وجوديا على المقدسات والحضور العربي والفلسطيني بالمدنية المحتلة وساحات الحرم. وأوضح بكيرات أن إسرائيل تطمح عبر الاقتحامات والممارسات الاحتلالية بالأقصى وتخومه لتحقيق هدفها الذي يرتكز على ترويض العالم العربي والإسلامي والمجتمع الفلسطيني بالقدس لقبول الاقتحامات كجزء من فعاليات يهودية اعتيادية. وشدد بكيرات على أن الاقتحامات هي أداة ووسيلة يوظفها الاحتلال لفرض السيادة الإسرائيلية وتقسيم زماني ومكاني لساحات الحرم. ورأى أن عام 2014 وما يحمله من دعوات مكثفة للاقتحام ورزم من مخططات التهويد والاستيطان للأقصى وتخومه وأسواره، ستكون له دلالات وانعكاسات خطيرة على المعالم العربية والإرث الإسلامي الحضاري والتاريخي بداخل المسجد بتحويلها إلى رموز تهويدية تلمودية وتوراتية. ويجزم بكيرات بأن استهداف القدس والأقصى ينسجم مع المشروع الصهيوني لتل أبيب بالحصول على اعتراف دولي بإسرائيل كدولة قومية يهودية، حيث يعتقد قادة الاحتلال أن ذلك لن يتحقق دون فرض السيادة الإسرائيلية على كامل ما تسمى "القدس الكبرى"، إذ يؤمنون بأنه لا يمكن أن تكون القدس عاصمة لليهود دون تحقيق السيطرة المطلقة وإلغاء القداسة الإسلامية وخلق رموز تهويدية داخل ساحات الحرم وبناء الهيكل المزعوم.