قد لا يختلف اثنان حول أن لاعب مولودية الجزائر خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات علي بن شيخ واحد من بين أجود اللاّعبين الذين أنجبتهم ليس مدرسة (العميد) فحسب، بل الكرة الجزائرية ككلّ، فطريقة أدائه المميّزة وأهدافه الجميلة ومراوغاته الفريدة من نوعها كلّها سمات جعلت منه محبوب روّاد الملاعب الجزائرية، فلقطة واحدة منه كانت تكفي لتوقف آلاف الجماهير، حيث يبقون مشدوهين في طريقة لعبه، فلا يوجد مدافع إلاّ ومرّت الكرة بين قدميه ولا يوجد حارس إلاّ وهزّ شباكه، ومهما قمنا بذكر لمحاته الكروية عبر مسيرته الكروية فإننا نبقى مقصّرين في حقّ فنّان يستحقّ الكثير والكثير، لكن وبما أن مساحة هذا الرّكن لا يتعدّى الصفحة الواحدة سنحاول الوقوف عن أهمّ محطات علي بن شيخ وإنجازاته. إعداد: كريم مادي بمدينة المهير ببرج بوعريريج ولد علي بن شيخ ولد علي بن شيخ ببلدية المهير ولاية بوج بوعريريج، في الفاتح من شهر جانفي 1955، وسط أسرة ميسورة الحال. أحبّ الفتى علي بن شيخ وعلى غرار جميع شباب المعمورة رياضة كرة القدم فكان يمارسها بطريقة كانت تلفت نظر عائلته التي كانت تخشى أن يصيبه مكروه بعد أن صار يفضّل ممارسة الكرة مع أبناء الجيران رغم أن سنّه لم يكن يتجاوز السادسة. مع المولودية كانت البداية في سنّ العاشرة، أي في سنة 1965 أمضى علي بن شيخ على أوّل إجازة له مع مولوديه العاصمة، ويرجع الفضل في انتقاله إلى هذا الفريق إلى عميد المدرّبين الجزائريين عمّي إسماعيل خباطو، وبما أن هذا الأخير كان مدرّبا للمولودية راح يسأل عن هذا الفتى الذي لم يكن يبلغ من العمر العاشرة، وما إن شاهده وهو يداعب الكرة حتى راح يوجّه له دعوة للانضمام إلى تشكيلة المولودية. بن شيخ في أكابر المولودية خاض علي بن شيخ أوّل مباراة له مع أكابر المولودية أمام الجار النّصرية، وانتهت المباراة بفوز المولودية بهدفين لواحد. فحتى وإن لم يسجّل بن شيخ هدفي الفوز لفريقه، إلاّ أنه ترك انطباعا رائعا جعله محلّ إعجاب خاصّة أولئك الذين لم تتح لهم الفرصة لمشاهدته في الفئات الشبّانية مع المولودية. بعد أن بات علي بن شيخ رقما مهمّا في تشكيلة (المولودية) بفضل لمحاته الكروية تحوّل إلى محبوب جماهير الفريق وما أكثرهم في زمن تحوّل فيه (العميد) إلى واحد من بين أقوى النوادي الجزائرية، حيث ساهم في فوز الفريق بكأس الجزائر عام 1976 أمام مولودية قسنطينة وكان وراء تسجيل أحد هدفي اللّقاء، فيما سجّل الهدف بلمّو. 1976 عام مميّز في مسيرة "عليلو" تعدّ سنة 1976 سنة مميّزة في مسيرة علي بن شيخ، حيث ساهم بفضل أهدافه في تتويج المولودية بكأس الجزائر وبكأس إفريقيا للأندية البطلة وهو أوّل تتويج قارّي في تاريخ الكرة الجزائرية بعد الاستقلال. التقت مولودية العاصمة في المباراة النّهائية لكأس إفريقيا للأندية البطلة أمام حافيا كوناكري، مواجهة الذهاب التي لعبت في كوناكري ميزها ليس الخسارة الثقيلة التي مُني بها زملاء عمر بتروني، بل الطرد التعسّفي للاّعب علي بن شيخ، الأمر الذي جعله خارج مباراة العودة التي لعبت بعد أسبوعين من مواجهة الذهاب. لكن على مدار الأيّام الخمسة عشر التي سبقت مواجهة الإيّاب بملعب 5 جويلية اضطرّت الحكومة الجزائرية إلى التدخّل ممثّلة بالرئيس الرّاحل هواري بومدين لرفع العقوبة عن علي بن شيخ، (فلو لم يكن اللاّعب علي بن شيخ لما تدخّل هذا الأخير)، يقول عبد الحميد زوبا في حوار خصّ به صحيفة (المجاهد) مباشرة بعد تتويج المولودية بالكأس القارّية. وبما أن الرّاحل هواري بومدين كان أحد زعماء القارّة الإفريقية ويرأس بلدا اسمه الجزائر فمن البديهي أن طلبه لن يرفض، فجاء رفض العقوبة عن علي بن شيخ بمثابة عودة الأمل لأنصار الفريق. فور رفع العقوبة عن علي بن شيخ انفردت صحيفة (الهدف) الرياضية التي كانت تصدر في تلك الفترة بحوار مع علي بن شيخ الذي كان يبلغ من العمر 21 سنة فقط، حيث وعد فيه الجمهور الجزائري بأن الكأس الإفريقية ستبقى في الجزائر رغم الخسارة الساحقة التي تلقاها الفريق العاصمي في كوناكري (3 - 0). نعم رغم ثقل نتيجة الذهاب، إلاّ أن شبّان المولودية فعلوها في مباراة العودة وتمكّنوا من قلب موازين القوة بفضل هدف عمر بتروني الذي تمكّن من تعديل النتيجة في آخر أنفاس المباراة، ليبتسم الحظّ لزملاء بن شيخ في ضربات الجزاء. ويا له ن فوز، بل يا له من تتويج فتح بعد ذلك الأبواب على مصراعيها لتتويجات أخرى على الصعيد القارّي. بن شيخ.. يحرم من دخول عالم الاحتراف بعد تألّقه اللاّفت للانتباه في عام 1976 بات بن شيخ محلّ أطماع العدد من النوادي الأوروبية، نذكر منها نادي أتلتيكو مدريد ونانت الفرنسي. وأثناء خوض المولودية مباراة ودّية مع نادي ريال مدريد بملعب (سانتياغو برنابيو) مطلع عام 1977، توصّل علي بن شيخ بعرض مغر من الفريق الثاني للعاصمة الإسبانية مدريد الأتلتيكو، لكن جميع محاولات مسيّري هذا الأخير للاستفادة من خدمات بن شيخ باءت بالفشل واصطدمت برفض الساهرين آنذاك على الكرة الجزائرية بمنح بن شيخ أوراقه للّعب في (الليغا) الإسبانية بحجّة أن سنّه لم يكن يتعدّى الثامنة والعشرين. بن شيخ والمنتخب الوطني قصّة علي بن سيخ مع المنتخب الوطني تعود إلى سنوات مطلع السبعينيات حين كان لاعبا في الأصناف الشبّانية في المولودية، حيث لعب لجميع أصناف (الحضر) إلى أن وجد نفسه لاعبا أساسيا في المنتخب الأوّل مع المدرّب رشيد مخلوفي، وهو الذي ساهم في صقل موهبته حين كان يشرف عليه في المنتخب الوطني العسكري. خاض علي بن شيخ مع المنتخب الوطني حوالي 45 مباراة، سجّل من خلالها 11 هدفا، ومن بين أغلى الأهداف التي وقّعها في نهائي دورة الألعاب الإفريقية التي احتضنتها بلادنا في صائفة عام 1978 وذلك في شباك المنتخب النيجيري هدف سمح له ولزملائه بانتزاع الميدالية الذهبية. وبعد هذا اللّقاء شارك علي بن شيخ في دورة الألعاب المتوسّطية بمدينة سبليت اليوغسلافية عام 1979، وهي السنة التي ساهم فيها بن شيخ في قيادة (الخضر) لثاني مرّة إلى الأدوار النّهائية لكأس أمم إفريقيا التي جرت بنيجيريا وخسر النّهائي المنتخب الوطني أمام نيجيريا (3 - 0)، كما شارك علي بن شيخ في أولمبياد موسكو عام 1980. بالرغم من المستوى الذي كان عليه بن شيخ، إلاّ أن المدرّب خالف محيي الدين الذي أوكلت له مهمّة تدريب الفريق الوطني خلفا للمدرّب رشيد مخلوفي عام 1979 لم يتمكّن من فرض مكانته بدليل أنه لم يشارك ولو لدقيقة واحدة في مونديال إسبانيا عام 1982، الأمر الذي أثار غضب بن شيخ وجعله أشدّ الناقمين على المدرّب خالف محيي الدين الذي ترك المنتخب الوطني بعد مونديال إسبانيا للمدرّب عبد الحميد زوبا، هذا الأخير وبما أنه يعرف جيّدا مستوى بن شيخ كونه سبق وأن درّبه حين كان مدرّبا لمولودية وجّه له الدعوة، وكان من بين الذين شاركوا في تصفيات أولمبياد لوس أنجلس 84. بن شيخ في ديناميكية البناء وشبيبة الشرافة والاعتزال في مطلع الثمانينيات فاجأ علي بن شيخ محبّيه بانتقاله إلى ديناميكية البناء بسبب سوء تفاهم بينه وبين الإدارة المسيّرة للفريق، لكنه سرعان ما عاد إلى الفريق الذي أحبّه وهو صغير وبقي وفيا للمولودية إلى غاية نهاية التسعينيات، حيث انتقل إلى شبيبة الشرافة، وهو الفريق الذي ودّع منه ملاعب الكرة في مطلع التسعينيات، تاركا وراءه ذكريات جميلة من الصعب نسيانها.