رمضان فرصة للربح السريع على حساب الصحة العامة شهر رمضان وللأسف لدى البعض هو مرادف للأكل بحيث يكثر الإقبال على بعض المواد الغذائية التي تعرض في مختلف الشوارع والأزقة ، فهذه الظاهرة اليومية التي تكشف عن خلل في ثقافة الاستهلاك لدى المواطنين، أو غيابها من الأساس، فبين تاجر يريد الربح بأي وسيلة، ومستهلك يرغب فقط في ملء بطنه، تداس المعايير الصحية بحيث يواجه المستهلك، وبشكل خاص خلال الأيام الرمضانية، عدة أخطار صحية نتيجة اللامبالاة والإهمال، المسجلة في ممارسات تجارية تفتقد لأدنى شروط النظافة الصحية وما زاد من اتساع الفجوة هو اقبال المواطنين العشوائي على كل شيء واي شيء خاصة في رمضان . روبورتاج حسيبة موزاوي أينما ولى المتجول وجهه عبر الشوارع والأرصفة، إلا ويلاحظ أن كل شيء مباح، فعملية بيع مواد استهلاكية سريعة التلف تتم دون مراعاة الشروط الصحية والاستهلاكية، وهو حسب المختصين تلاعبٌ بحياة المواطن، التلهف على مختلف السلع زاد من الافة كما أن منظر المواطنين وهم يقبلون على هذه المواد المعروضة في الهواء الطلق، كالأجبان والعصائر والحليب والتمر وأنواع مختلفة من الحلويات والخبز، إلى جانب بعض أنواع اللحوم كالدجاج والديك الرومي، التي يتم ذبحها وبيعها دون ترخيص، كل ذلك يدعو إلى التساؤل، لأن المستهلك الذي أنهكه الغلاء الذي مس مختلف المواد الغذائية والخدمات الأساسية فضلا عن اقتراب شهر رمصان سيندفع الى اقتناء مواد استهلاكية رخيصة من أي مكان، ولا يهم إطلاقا إن كانت غير محفوظة أو عرضة للشمس والغبار ودخان السيارات والحشرات، المهم أن تستجيب لنداء معدته حتى ولو كان الثمن هو الإصابة بتسمم أو وباء قد يلزمه وأسرته أسرّة المستشفيات لأيام، وقد يفضي به إلى الموت. رمضان فرصة للتجارة كانت البداية مع احد الباعة الذي اكد لنا ان المواد الغذائية التي تباع في الطريق, على الرغم من عرضها لساعات تحت أشعة الشمس لا تفسد بدليل عدم صدور شكاوى من المشترين منذ ثلاث سنوات من مزاولة نشاطنا هذا، وعن مصدر السلع يقول محدثنا إن هناك أشخاصاً يتعامل معهم يقومون يجلبها له, وهو يشتريها منهم ويقوم ببيعها, لكنه لم ينفِ وجود بعض الباعة ممن يقوم ببيع مواد منتهية الصلاحية وذلك بتغيير تاريخ انتهاء الصلاحية، ولكن هي في الحقيقة فاسدة، وهذا ما يشكل على حد قوله، خطراً كبيراً على صحة الإنسان، لكن هؤلاء يقومون ببيعه، غير مبالين بذلك.!! فيما رأى بائع آخر أن بيع مواد الغذائية على قارعة الطريق هي فرصة العمل الوحيدة التي وجدها لاسيما خلال شهر رمضان على اعتبار انه فرصة للربح السريع بسبب الاسيتهلاك غير العقلاني للزبائن وأضاف إن عدم توافر فرص عمل دفع بالعديد من الشباب الى ميذان التجارة عبر الطرقات والارصفة خصوصا مع اقتراب الشهر الفضيل. عصائر ومشروبات على قارعة الطرقات كما ان الجزائريون يستهلكون أعدادا هائلة سنويا من المشروبات والعصائر التي لم تسلم هي الأخرى من إهمال الباعة والتجار في الحفاظ عليها من خلال طرق التخزين والتسويق في ظروف غير ملائمة مثل تعرضها لأشعة الشمس لمدة طويلة، حيث أظهرت الدراسات الطبية الحديثة أن تعرض قوارير المشروبات والعصائر سواء البلاستيكية أو الحديدية إلى أشعة الشمس أو درجة حرارة مرتفعة يؤدي إلى تحلل المواد الكيميائية لمواد التغليف المشروبات مما يؤدي إلى تجمع بكتيريا تعرف ب"البوليمار" التي تتراكم على مستوى الكبد دون أن تتحلل وبعد سنوات من تناولها تصيب الجسم بأمراض سرطانية متعددة. إن هذه الممارسات المخالفة للقانون من طرف بعض أشباه التجار، الذين لا يتجاوز همهم جمع المال حتى وإن كان على حساب صحة المستهلك، تستدعي من الحكومة تفعيل أجهزتها الخاصة بالمراقبة وتكثيف حملاتها من أجل الضرب بايادي من حديد على هؤلاء المتلاعبين بصحة المواطنين، وتشديد الرقابة على كل العمليات التجارية غير المرخصة. ولا نعتقد أن هناك وضعاً أكثر إلحاحاً مما هو عليه الآن، حيث صحة المواطن وحياته على المحك. زبائن يرفضون التعامل مع الباعة الفوضويون لكن السؤال الذي يبقى مطروح كيف يعقل أن يقبل مواطن باقتناء كيس من الأمراض ليدخله مساءا على أسرته، التي بدل أن تعيش المسرة تستبدلها بالمضرة؟ وهو السبب الذي أنزلنا للميدان مرة اخرى لاستجواب عينة من المواطنين في أسواق العاصمة، والشوارع التي يباع بها مثل هذه المواد، حيث كانت آراءهم متباينة ومختلفة حول موضوع النظافة وموقفهم من عرض هذه المواد الواسعة الاستهلاك والآثار المترتبة عنها. بدأت رحلتنا من شارع ثلاث ساعات بباب الزوار، حيث التقينا مواطنة هناك اعترفت على جناح السرعة بان ''الوصول للنظافة الكاملة شيء صعب نوعاً ما، ولكن بالمقابل عدم النظافة ينتج عنها مشاكل صحية وبيئية خطيرة أحياناً يستعصي حلها''. وتضيف ذات المتحدثة انه من الواجب ''لمنع حدوث مثل هذه الأضرار التي تمس صحة المواطن الاهتمام بالدور الصحي قبل الدور المادي خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواد ذات الاستهلاك الواسع''، وتؤكد بالقول ''ان استهلاك مثل هذه المواد أمر خطير ولاسيما مع انعدام النظافة وتصاعد الغبار الذي يمتزج لا محالة بهذه المواد، مؤثرا بذلك على صحة الأفراد''. حتى وإن استثنت المتحدثة الخضر والفواكه من القائمة المشمولة بالمخاطر، إلا أنها لم تسلم من انتقاداتها كذلك حول مطاعم بيع المأكولات السريعة. التقينا رب عائلة ذهب إلى ما ذهبت إليه السيدة الأولى ، إذ أكد لنا انه كمواطن لا يتسوق البتة من هذه المناطق، والأسواق العشوائية تفتقد للنظافة كليا حسبه ، إذ صرح يقول ''أفضل الذهاب إلى المنزل حتى لساعات متأخرة من الليل بدل، المخاطرة والشراء من تلك الاسواق الفوضوية ، التي لا تمت بصلة إلى النظافة''، فقد اختار محدثنا الاختصار، في الوصف حين أجاب بالقول ''حدث ولا حرج'' وطالب بتكثيف المراقبة الصارمة من قبل السلطات المعنية لسد هذه الثغرات التي تضر المستهلك الجزائري لاسيما وان التجارة الرمضانية فرصة للربح دون ضمير. غياب لجان الرقابة مشكل آخر نزلنا إلى الأسواق وقمنا بجولة وقفنا فيها على شريحة من هؤلاء الباعة الذين لاحظنا عدم مبالاتهم بصحة المستهلكين ولا بقوانين عرض السلع الاستهلاكية ضاربين بذلك عرض الحائط، رغم إمكانية تعرضهم لعقوبات من قبل لجان المراقبة، سواء التابعة للبلديات أو مراقبي الجودة وقمع الغش بمديرية التجارة. البيض، الخبز، الفواكه بكل أنواعها، المياه المعدنية والمشروبات الغازية، أكياس الحليب كلها مواد سريعة التلف ومع ذلك نشاهدها تباع على الأرصفة والطرق وتعريضها للدخان المنبعث من محركات المركبات المارة بجوار تلك المواد، ومع ذلك نلاحظ إقبال الزبائن عليها بشكل كبير رغم الحملات التحسيسية الخاصة بمخاطر التسممات الغذائية؛ وتوعية التجار والمستهلكين من طرف مديرية التجارة حول خطورة عرض المواد سريعة التلف بطرق غير لائقة وتفادي اقتناء تلك السلع، ومع ذلك يظل ردع المخالفين غير كاف والدليل استفحال الظاهرة أكثر فأكثر. اخصائيون يحذرون من خطر التسممات الغذائية وفي هذا السياق، حدثتنا الطبيبة "ساحلي جويدة" قائلة أن ظاهرة التسممات الغذائية لا تقتصر على الدول النامية بل هي موجودة في كل بلدان العالم وتصيب عامة الناس، ولا شك أن الأبدان تتأثر بما يدخل إليها من هواء تتنفسه أو ماء تشربه أو غذاء تأكله خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة، فأطعمة الصيف أكثر عرضة للتلف والفساد إذا لم تحترم شروط التخزين الجيد وإهمال المحافظة عليها كالمواد المصبرة، اللحوم، البيض ومشتقات الحليب، كما أن الأطعمة المقلية تشكل تهديدا لسلامة المواطن خاصة في المطاعم ومحلات الأكل السريع وإعادة استعمال المقادير لتحضير الوجبات الغذائية التي تم تخزينها لفترات طويلة مما يصيبها بالبكتيريا التي تنمو وتتكاثر في الغذاء والمسببة للتسمم وللعدوى الغذائية، مضيفة أن التسمم الغذائي تصطحبه أعراض الاضطرابات المعوية مع التقيؤ والإسهال و ارتفاع "الحمى" في بعض الأحيان، وقد تصاحبه اضطرابات عصبية أو فزيولوجية، تسببها الميكروبات المسؤولة عن حالة التسمم الناتجة عن ظروف بيئية ساهمت في نمو وتكاثر هذه الميكروبات كالحرارة، الحموضة، الرطوبة، الأكسجين وعناصر غذائية خاصة. واكدت على ضرورة تطويق والحد من هذه الظاهرة حتى نتفادى الإصابة بأمراض التسمم التي قد تصل خطورتها حد مفارقة الحياة خاصة لذوي الأمراض المزمنة، وذلك بالاعتناء بالنظافة والانتباه إلى تاريخ إنتاج وانتهاء صلاحية المواد والأطعمة التي يتم شراءها، مع وضع الأطعمة المجمدة في البراد بسرعة عند أخذها إلى البيت مع مراعاة تناول الطعام الجاهز خارج المنازل أو في المطاعم الموثوق في نظافتها مع تجنب تناول الأطعمة المكشوفة خاصة في المناطق الملوثة. الحذر مطلوب مع باعة لا عنوان لهم وعلى العموم وجب علينا أن نعرف ماذا نأكل ونحن صائمون ، فبعد ما نسمعه كل يوم من اكتشاف لحوم وأسماك ومواد غذائية فاسدة, وما يقص علينا من قصص تتحدث عن تسمم أشخاص ومرض آخرين نتيجة تناولهم لبعض الأطعمة التي لايعرف مصدرها، علينا الانتباه جيداً لما نعده ونجلبه لأسرنا من أطعمة، وإن كنا غير قادرين على رد القضاء، لكنا نستطيع أن نساهم في ألا نكون نحن السبب فيه ، ومن هنا تنبع أهمية التأكد من مصادر طعامنا ، فالباعة المتجولون لا مكان ثابت لهم ، ولا نستطيع مقاضاتهم في حال حصول أي مكروه، وكذلك لسنا مضطرين لافتناء المواد سريعة التلف التي نجدها في الطرقات .