كشفت بعض زارتنا لبعض المحلات و كل الأسواق الفوضوية التي دأبت على بيع المشروبات الغازية ومعلبات العصائر المتراكمة على أرصفة الطرقات كديكورات تتزين بها الشوارع و المعرضة تحت أشعة الشمس المرتفعة، الانعدام الكلي لأشكال الوقاية بسبب غياب شروط الحفظ و التخزين الجيد لهذه السلع الحساسة التي أصبحت سموما يقتنيها المواطن أمام أعين الهيئات الرقابية. تزامنا مع انتشار الأسواق الفوضوية المتميزة بأسعارها الرخيصة و المستقطبة لعدد كبير لا يعد ولا يحصى من الزبائن، ألا وهي عرض المواد الغذائية تحت أشعة الشمس خصوصا في هذا الفصل المرتفعة حرارته، و التي أصبح الطلب عليها يتضاعف و يتزايد يوميا من قبل المواطنين الذين غاب عنهم الوعي و الفطنة من ضرر هذه المواد الاستهلاكية على صحته، ناهيك عن رواج مثل هذه السموم في محلات بيع المواد الغذائية التي أصبحت بدورها منابع ضارة بصحة المستهلك، بعيدا عن كل أشكال الوقاية. إن ظاهرة عرض المواد الغذائية تحت أشعة الشمس خصوصا منها المشروبات لساعات طوال لم تقتصر فقط على الأسواق الفوضوية بل توسع نطاقها ليمس المحلات حتى ولو كانت مجهزة بأفخر و أوسع آلات التخزين و التبريد. فمن المعروف من الناحية العلمية أن مثل هذه السلع تعتبر من المواد الغذائية الحساسة نظرا لاحتوائها على مواد سريعة التأثر و التفاعل بأي تغير حراري. و بناء على هذا توجهت "المسار العربي" لتسليط الضوء على هذه الظاهرة المتفاقمة مؤخرا و كذا لكشف آراء البعض من المواطنين بين المؤيد والمعارض لمثل هذه الطرق غير الشرعية في ترويج السلع طبقا لتعليمات وزارة الصحة و المنظمة العالمية للصحة التي نبأت بخطورتها. "الشربات" الخطر القادم من الاسوق الفوضوية قال لنا أحد المواطنين المعارضين بقوة لهذه الظاهرة التي باتت تهدد صحة المواطن أن "المشروبات الغازية هي في أصلها مضرة بصحة الإنسان، و تسبب عدة أمراض في الجهاز الهضمي هذا في حالتها العادية، فما بالك في الحالة الاستثنائية ، حين تخزن بشكل سيء أو عندما يتم تركها تحت حرارة الشمس في الأسواق وهذا ما نلاحظه على مستوى الأسواق الشعبية والفوضوية" يضيف ذات المتحدث " و أيضا في المحالات حيث يقتني عدة تجار ما يزيد عن حاجتها من هذه المشروبات ولا تكفي وسائل التبريد لتخزينها وهذا ما يجعلها عرضة لكل عوامل التلف سواء الحرارة المترفعة او الرطوبة او غيرها، كما ان المسؤولية ليست ملقاة على عاتق التجار فقط فالمواطنون لهم نصيب من المسؤولية في هذه الظاهرة، لأننا دأبنا على عادة سيئة وهي اقتناء الحاجات الزائدة على الحاجة من مواد غذائية ومشروبات خلال رمضان وهذا ما يرفع الطلب عند التجار ويجعلهم يخزنون المواد الغذائية بما فيها المشروبات الغازية والعصائر بعيدة عن الحفظ الصحي والشروط اللازمة" يضيف " وما زاد في المشكلة هو غياب الرقابة التي كان من الممكن أن تحد من الظاهرة إلى حدها الأدنى ، إضافة إلى هذا يوجد حتى من يصنع أنواع من المشروبات في البيت بعيدة عن معايير الصحة مثل الشربات الذي يباع في أكياس وهو مشروب معرض للتلف بسرعة نظرا لكيفية تعليبه التي ليست في واقع الحال سوى أكياس بلاستيكية والتي تتأثر بالحرارة ، هنا يجب أن يعلم كل مواطن أن هذه المشروبات لم تعد مشروبات صحية أو منعشة قدر ما صارت مشروبات خطيرة وسامة". فريق من الأطباء:" المشروبات تصبح سامة بعد تأكسدها تحت أشعة الشمس" و بالفعل فإن كل الأطباء الذين تحدثت إليهم المسار العربي دون استثناء أكدوا بان المشروبات ككل سواء كانت الغازية أو العصائر المعرضة تحت الشمس، حيث أوضح الفريق الطبي المختص في تحليل المواد الغذائية و التسمم، أن العصائر الطبيعية مثلا بطبيعتها تعتبر مزيج نقي من الفواكه، هذه الأخيرة التي تحتوي على مواد كيميائية حساسة سريعة التأكسد بمجرد تعرضها للأكسيجين لمدة طويلة على غرار التفاح الذي يسود لونه بعد تعرضه لأشعة الشمس والأكسيجين، و هو الشيء نفسه بالنسبة لباقي العصائر المأخوذة من الفواكه الممزوجة." من جانب آخر فقد أضاف هؤلاء الأطباء أن المشروبات الغازية رغم أنها ليست من عصير الفواكه إلا أنها تصبح شديدة الخطورة بعد أن يضعها هؤلاء التجار الفوضويين المخالفين للتعليمات الصحية خرج أماكن الحفظ، لتأكسد المركبات الكيميائية المضافة في تركيبة المشروب لتصبح بدورها مركبات سامة بعد التفاعل الخارجي" يضيف الأطباء" إن هذه المشروبات المعرضة للشمس لا تؤدي بشاربها إلى المستشفى فقط بل قد يصل به الحد إلى أقصاه ثم إلى الموت المباشر، باعتبار أن السوائل سهلة الهضم لتنتشر بسرعة إلى الأوعية الدموية" تخزين معلبات العصائر ... حين تجمع الأمراض في علبة إن تفاقم ظاهرة الأسواق الفوضوية على الشوارع ، في الأحياء الفقيرة لتغزو أيضا الأحياء الراقية و كذا انتشار الباعة الفوضويين على أرصفة وشوارع ، تجارها ليسوا من سن محددة بل يشمل الأطفال كذالك للبيع في العطل المدرسية، كلها أسباب متنوعة تدفعهم ليصنعوا أهراما كديكورات للأرصفة مشكلة من معلبات العصير أو القارورات البلاستيكية، و بالتوازي مع الباعة الفوضويين لمثل هذه البضائع، فإن محلات بيع المواد الغذائية إن لم نقل اغلبها هي الأخرى باشرت بمثل هذه الفوضى نقلا عن تجار الأسواق غير الشرعية، بحيث أصبحت تبقي مشروباتها المتراكمة خارج أماكن الحفظ و التبريد أو كأسلوب من الأساليب العصرية المنافية للتعليمات الصحية من أجل جلب انتباه المارة، إلا أن خطورتها ونتائجها التي تصل بمستهلكها إلى حد الموت تجعل بائعها مجرما بطريقة غير مباشرة. المحلات.. منابع تسم المواطنين ربما الكثير من المواطنين يتجنبون اقتناء هذه المواد الحساسة من الأسواق الفوضوية التي تنعدم فيها أدنى الشروط الملائمة لحفظ وتخزين هذه السلع مما يدفعهم إلى الاتجاه اطمئنانا للمحلات المجهزة بأحدث آلات التبريد، إلا أنها هي الأخرى بدورها لا تتبع التعليمات التي لطالما لوحت بها وزارة التجارة، و على هذا الأساس توجهنا إلى تجار محلات المواد الغذائية خصوصا أصحاب الجملة الذين يعرضون سلعهم بعيدا عن أماكن الحفظ و التخزين وفق شروط ملائمة، حيث سألنا أحدهم حول معرفته بخطورة عرض مثل هذه المواد تحت أشعة الشمس أو خارج مكان الحفظ، رد قائلا، أنه يعلم جيدا بخطورة هذه المشروبات عند عرضها تحت حرارة الشمس، إلا أنه استبعد قيامه بمثل هذه السلوكات مبررا أن سلعه كلها تعرض في الظل و تحت غطاء المحل مما يبقيها محفوظة، مضيفا أن بضاعته ليست ضارة مستدلا بذلك استهلاكه الشخصي من سلعته لمدة سنوات دون أي يضرر يصيبه. و الجدير بالذكر فإن أغلب هؤلاء التجار يقومون باقتناء كميات معتبرة من المشروبات التي لا تستوعبها أماكن التخزين لديهم مما يضطر بهم الأمر إلى وضعها خارجا من جهة و كأداة لترويج هذه السلعة التي تشرئب لها الأعناق من قبل المواطن الجاهل بنتائجها الوخيمة من جهة أخرى. المواطن ... ضحية غياب الوعي و جشع التجار إن الأخطاء التي أصبحت تُصنف ضمن خانة الجريمة بسبب غياب الوعي لدى التاجر، يمكن أن يتفطن لها المواطن قبل فوات الأوان، إلا أن هذا الأخير الذي أصبح أغلبهم فاقدا لكل صفات الوعي و التعقل، الأمر الذي يدفع بجلهم إلى اقتناء بشكل اعتيادي و مستمر لمثل هذه البضاعة السامة و الاستسلام لها. حيث قال لنا أحد المواطنين ممن دأبوا على استهلاك هذا النوع هذه المشروبات غير المحفوظة بشكل جيد، أنها ليست ضارة باعتبار أنه يقتنيها من المحلات وليس من الأسواق الفوضوية، إلا أن الأمر الذي لا يدركه هذا المواطن هو أن هذا المحل لا تتوفر فيه أدنى شروط الوقاية و كناتج لغياب آليات رادعة من قبل السلطات العليا. رقابة بلا مراقبة هذه الظاهرة الاجتماعية التي وصلت ذروتها إلى حد أن نسبتها أصبحت ترتفع أمام أعين الرقابة التي باتت هيكلا بدون فعالية في تطبيق التعليمات الإدارية التي أصدرت من قبل وزارتي الصحة والتجارة و مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بقمع الغش، و في هذا الصدد أكد لنا الأمين العام لإتحاد التجار الجزائريين صالح صويلح، أن مصالحه تعمل جاهدة على القيام بعمليات تحسيسية على مستوى المساحات التجارية المنتشرة عبر التراب الوطني مما يشمل أسواق الجملة أيضا، قصد إيصال الرسائل التوعوية من خلال عقد عدة اجتماعات بين الهيئة و التجار . حقيقة الأمر أن القانون الجزائري يحوي على مواد صارمة تجاه هذا الجانب، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع أصبح لا يرى النور نظرا للإهمال الذي ينتج عنه تزايد أعداد التجار المتعودين على مثل هذا الأسلوب. إلى غاية هذه السطر المعدودات فإن ظاهرة بيع المشروبات في الشوارع و الأرصفة ظاهرة خطيرة تستوجب تطويقها من قبل السلطات المحلية في البلدية ، كما يجب توعية المواطنين بأخطارها التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت وإلى أحداث لا تحمد عقباها، من خلال وسائل الإعلام خصوصا منها الثقيلة و منابر المساجد باعتبارها قبلة المواطن الجزائري، أو الملصقات التوعوية، أو من خلال شاشات التلفاز، كل هذه الأساليب المتعددة ستكون كفيلة بردع هذه الظاهرة ، التي لا أقول عنها بأنها ظاهرة دخيلة بقدر ما أقول عنها بأنها ظاهرة تتقوت منها آلاف الأسر الجزائرية عديمة الدخل التي تستقطبها الأسواق الفوضوية فكما تعد مصدر رزق تتقوت منه البعض من العائلات إلا أنها ضررا وخطرا على صحة البعض الآخر ، لذا يجب التخطيط جيدا للحد من استفحالها أو على الأقل التخفيف منها.